بقلم: تاج السر عثمان [email protected] مع بداية العد التنازلي للاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب، تتفاقم أزمات البلاد وتزداد حدة الصراع بين الشريكين، والاتهامات المتبادلة بينهما حول تزوير التسجيل للاستفتاء، فالحركة الشعبية تصرح بأن المؤتمر الوطني يخطط لتزوير الاستفتاء وتهيئة المواطنين لرفض النتيجة في حال الانفصال(أجراس الحرية: الأحد:21-11-2010)، والمؤتمر الوطني يشير الي أن نسبة التسجيل في الشمال والجنوب لم تتجاوز ال 20%، ويتهم الحركة الشعبية باضعاف الاقبال علي التسجيل لضمان الوصول لتصويت 60% من المسجلين حسب القانون. كما تتهم الحركة الشعبية حسب تصريح مجلس الدفاع المشترك جيش حكومة الخرطوم بقصف (كير اديم) في ولاية شمال بحر الغزال مما ادي الي مقتل أفراد من الجيش الشعبي بالاضافة لمواطنين. وبينما تطالب الحركة الشعبية بارسال قوات أممية اضافية لتعزيز السلام، يرفض المؤتمر الوطني ارسال أي قوات اضافية لتعزيز بعثة السلام للامم المتحدة، ومغادرة القوات الأممية السودان فور انتهاء نيفاشا. ومن ناحية أخري ترفض الحركة الشعبية تمديد فترة التسجيل حتي لايؤدي ذلك الي تاجيل الاستفتاء، بينما تشير السلطات السودانية الي تمديد فترة التسجيل لمدة اسبوع، مع الوعد الا يتسبب التمديد في تأجيل مواعيد الاستفتاء، بينما ستنخفض بعضا من الايام المخصصة للبلاغات والشكاوي. وهذا ايضا يثير مشكلة تقليل ايام الطعون مما يزيد من احتمال التشكيك في نزاهة الاستفتاء ورفضه من أحد الشريكين. ومن جانب آخر تتواصل تصريحات المؤتمر الوطني اللانسانية مثل تصريح د. محمد مندور : بابعاد الطلاب الجنوبيين من الشمال حال الانفصال، والذين يبلغ عددهم (27) ألف بالجامعات، (21) بالثانوي، مما يعمق الجروح والكراهية ويقلل من فرص اعادة توحيد البلاد في المستقبل خال الانفصال، وهو موقف يجد منا الرفض والادانة، وهو امتداد لتصريحات كمال عبيد، بمنع حتي(الحقنة ) من الجنوبيين حال الانفصال. مثل هذه التصريحات خلقت حالة من الرعب وسط الجنوبيين في الشمال، وتركت جروحا غائرة لن تندمل بسهولة جراء سياسات المؤتمر الوطني التي بداها منذ انقلاب 30 يونيو 1989م، والتي بدأت بالحرب الجهادية وتعميق سياسة المواطنة من الدرجة الثانية، مما يهدد بتمزيق وحدة البلاد. ومن الأمثلة لحالة الرعب والذعر التي خلقتها تلك التصريحات عودة اكثر من 18 الف شخص من الشمال للجنوب في ظروف انسانية لاتليق ببشر، حيث تشير المصادر الي أن الجنوبيين الذين عادوا من الشمال للجنوب يعانون اوضاع انسانية سيئة، اضافة لعدم استعداد حكومة الجنوب لاستقبالهم، بعد ان فقدوا ممتلكاتهم في الشمال او باعوها بأثمان بخسة وعلي عجل، مع الوهم بأنهم سوف يعيشون في اوضاع أفضل مما كانوا عليه في الشمال، علما بأن اكثر من 40% من مواطني الجنوب طيلة الخمس سنوات الماضية من عمر الاتفاقية كانوا ولازالوا يعيشون علي الاغاثة من الأممالمتحدة، وانه لاامل في التنمية في ظل الفساد وسياسات الرأسمالية الطفيلية في الجنوب التي سوف تكرّس الفوارق الطبقية وتفتح الجنوب للشركات متعددة الجنسيات لنهب ثروات الجنوب وتصدير الفائض الاقتصادي للخارج، وبالتالي فان العودة الي جنة الحرية والرفاهية في الجنوب هو محض وهم في ظل التبعية القادمة للجنوب لامريكا التي اورثت كثيرا من البلدان التي دارت في فلكها الفقر والدمار مثل: دول امريكا اللاتينية والعراق..الخ. ومن جانب آخر يتهم المؤتمر الوطني الحركة الشعبية رسميا بخرق اتفاقية نيفاشا، بسبب استضافة الحركة وحكومة الجنوب حركات دارفور، واعتبر ذلك مخالفا لاتفاقية وقف العدائيات، كما يعتبر خروجا علي اتفاق السلام الشامل. وهذا التصريح يعتبر مقدمة للتنصل من الاتفاقية ومن الاستفتاء علي تقرير المصير والذي طعن المؤتمر الوطني في نزاهته، وعلي اساس أنهم لن يقبلون بنتيجة الاستفتاء اذا لم يكن شفافا ونزيها، مما يهدد بعودة الحرب بعد الاستفتاء والتي يجب منعها ، حيث أشارت دراسة دولية الي تكلفتها الباهظة والتي تصل الي مائة مليار دولار من الناتج الاجمالي، وستحصد الالاف من الأرواح وتمتد الي كينيا واثيوبيا ويوغندا ومصر. كما لم يتم حتي الآن الوصول الي اتفاق حول قضايا مابعد الاستفتاء التي تشمل: المياه، النفط، المواطنة، والديون وابيي وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. ومن زاوية أخري تتفاقم الأزمة الاقتصادية وتتدهور الاوضاع المعيشية في البلاد، وتخفض الحكومة سعر الجنية السوداني وتقنن سعر السوق الأسود مما يتسبب في المزيد من المعاناة وارتفاع الأسعار، كما تواصل الحكومة الحل العسكري لقضية دارفور، كما تهدد حركة مناوي بالعودة للحرب اذا لم يتم تنفيذ اتفاقية ابوجا. كل ماسبق يوضح أن ابعاد شعب السودان والقوي السياسية المعارضة في اتفاقية نيفاشا كان خطأ كبيرا يدفع شعب السودان ثمنه الآن: تمزيقا للوطن، وتدهورا في اوضاعه المعيشية وفقدانا لسيادته الوطنية، ونهبا لثرواته وبيعا لاصوله وأراضيه، وقمعا ومصادرة لحقوقه وحرياته الأساسية. مما يتطلب أوسع نهوض جماهيري من أجل اسقاط نظام المؤتمر الوطني وفتح الطريق أمام وحدة الوطن ودولة المواطنة التي تسع الجميع وانتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية وتحقيق التنمية وتحسين الاوضاع المعيشية والحل الشامل والعادل لقضية دارفور.