اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: التقديم الالكتروني (الموحّد) للتشكيل الوزاري    مسؤول بهيئة النظافة يصدم مواطني الخرطوم    كامل إدريس وبيع "الحبال بلا بقر"    "الكنابي": تهجير المواطنين بإزالة السكن العشوائي في الجزيرة والخرطوم تطور خطير    الأسلحة الكيميائية وانهيار الجيش السوداني    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    عندَما جَعلنَا الحَضَرِي (في عَدّاد المَجغُومِين)    حكومة أبو نوبة.. ولادة قاتلة ومسمار آخر في نعش "تأسيس"    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    السجن والغرامة على متعاون مع القوات المتمردة بالأبيض    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    الفوز بهدفين.. ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور لوكا بينوق القيادي بالحركة الشعبية : بمقتل السلطان كول مستقبل كل الرحل في الصيف المقبل محاط بالمخاطر.
نشر في الراكوبة يوم 28 - 05 - 2013

المجتمع الدولي قراءته لم تكن صحيحةً وقلل من حجم الأزمة في أبيي.
*إجراء استفتاء أبيي في اكتوبر سيساعد على بناء الثقة بين الدولتين والمواصلة في انفاذ الاتفاقات ال(9).
*أديس أبابا: حوار: فاطمة غزالي
دكتور لوكا بيونق دينق من قيادات الصف الاول في الحركة الشعبية، هادئ الطبع من المقربين من رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت وخازناً لأسراره، هو من المطلعين على أخطر الملفات حساسية داخل الحركة الشعبية، سطع نجمه ابان ازمة تجميد الحركة لوزرائها المشاركين في الحكومة في العام 2008م، وظل احد نجوم السياسة في ملف أبيي وتحكيمها في لاهاي.. ولد الدكتور لوكا بيونق في منطقة أبيي في العام (1/ 1/ 1960م)، ينحدر من أسرة ممتدة فهو أحد ابناء السلطان دينق مجوك سلطان عشائر دينكا انقوك التسعة وأخوه د. فرانسيس دينق، تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أبيي الابتدائية، وعندما انتقل إلى مدرسة كمبوني بالنهود سمته الكنيسة لوكا ليصبح لوكا بيونق دينق، الطالب المسيحي الوحيد بمدرسة الهيدوب، ثم رجل الفولة الثانوية العامة، قبل أن يلتحق بمدرسة كادوقلي الثانوية العليا، درس في جامعة الخرطوم (1979م 1984م) كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، نال فيها جوائز مثل أفضل طالب في مادة الاقتصاد وجائزة التفوق لأفضل طالب بالجامعة، ونال درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وايضاً ماجستير في الاقتصاد، ثم الدكتوراة في الاقتصاد التنموي، له عدة شهادات في الأمن الغذائي، والإحصاء، والعمل الإنساني، وإدارة الأزمات، وحل النزاعات. وكان محاضراً بكلية الاقتصاد جامعة الجزيرة، وبعد أن عمل هناك لنحو عامٍ ونصف العام جاءته منحة من الحكومة البلجيكية لدراسة الماجستير في الاقتصاد وإدارة الأعمال، حمل رتبة مقدم في الجيش الشعبي وقاتل ضمن صفوفه منذ العام (1988م) إلى جانب أنه كان مسؤولاً عن الشؤون الاقتصادية للحركة في ذلك الوقت الذي جاء فيه من بروكسل إلى الميدان بغرب الاستوائية، ومن نيروبي وجد فرصة لدراسات عليا بإنجلترا فحصل من جامعاتها على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد. ثم عمل بالبنك الدولي بجوبا.. تقلد العديد من المناصب منها وزير لشؤون الرئاسة بحكومة الجنوب، ثم رئيس وزارة مجلس الوزاراء وآخرها رئيس اللجنة الإشرافية لإدارية أبيي، والآن أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة هارفرد الأميركية والمعهد الكندي للحكومة بواشنطن، والذي توكل إليه مهمة تحديد السياسة الخارجية للولايات المتحدة. التقيته بأديس أبابا على هامش مشاركتي في اجتماعات منبر المرأة الأفريقية.. التقيته فكان مسكوناً بالحزن على مقتل السلطان كول، ويحاول أن يمسك بشدة على دموعه لكي لا تنهمر أثناء الحوار، بحلقه غصة يخرج الكلمات بمرارة حينما يكون مقتل السلطان محور السؤال، واعتبر الكرة في ملعب الحكومة السودانية لإخراج أبيي من التوترات التي تقود إلى الحرب بين دينكا نقوك والمسيرية.
تقييمك لواقع الأوضاع في أبيي بعد مقتل السلطان لواك دينق وتداعياته على العلاقة بين السودان وجنوب السودان؟
أبيي تركتها قبل أيام وأهلها يشعرون بالغضب والحزن وإبان وجودي قدم المجتمع المدني وثيقة سليمة للأمم المتحدة في أبيي وأكدوا فيها رفضهم القاطع لتكوين إي إدارة مشتركة في أبيي وأشاروا فيها إلى أن إجراء الاستفتاء في المدة التي حددها الاتحاد الافريقي باعتباره الشيء الوحيد الذي يعوضهم الفقد الكبير للسلطان وبلاشك من ردود الأفعال لمقتل السلطان إجماع العشائر التسع لسكان أبيي بمختلف الأعمار وإصرارهم على العودة للمنطق لإيجاد حلٍ عاجل ويرون أن اغتيال السلطان كوال أشبه بما حدث لدكتور جونق قرنق الشخص الذي مات قبل أن يرى اكتمال السلام.
وأنت قادم أمس الأول من أبيي ما هي القصة الحقيقة لاغتيال السلطان في ظل تضارب الروايات؟ الشاهد أن الحقائق واضحة للحكومة أن الحدث في الرابع كان هناك وفد من اللجنة الاشتراكية المشتركة من دولة الجنوب وأعضاء من المجتمع المدني بما فيهم السلطان كول وذهبوا لتفقد المناطق الشمالية لأبيي لتقديم تقارير بشأن الاستيطان والتحضير لعودة المواطنين إلى المناطق التي نزحوا منها ووصل الوفد إلى منطقة (كج) وهي منطقة بترول، في الساعة الواحدة ظهراً ظهرت عناصر مسلحة بالرغم من أن السلطان والوفد كانوا في عربات تابعة للأمم المتحدة أي -غير مسلحين- وهم في العودة إلى أبيي وضعت هذه المجموعة بعض العراقيل في طريقهم وطالبوا القائد الأثيوبي بتسليمهم السلطان كول وكل دينكا نقوك الذين في معية القوات الاثيوبية والقائد الأثيوبي رفض ثم بدأ التجمهر لأكثر من 300 شخصاً من شباب المسيرية بعضهم استغل المواتر ونصفهم مسلحين وهؤلاء عناصر الحكومة في أبيي، واستغرق النقاش حوالي (5) ساعات من الساعة الواحدة ظهراً حتى السادسة مساءً والقائد الأثيبوبي رفض تسليهم السطان والدينكا ولكن طلبوا منه العودة بالطوف إلى منطقة (كوج) وقبل القائد الاثيوبي بالعودة مع أن هذا القرار ليس من حقه ولكن اثناء العودة هاجم المسيرية السلطان واغتالوه.. فكانت ردود الافعال لدى المجتمع الجنوبي في ولايات دولة الجنوب ال(10) واضحة تجاه اغتياله وكذلك حديث سلفاكير رئيس دولة الجنوب واضحاً وشمل رؤية أهل أبيي وطمأنهم إلى درجة قللت من الآلم والحزن الذي أصاب أهالي أبيي وحمل البشير المسؤولية وشدد على ضرورة إجراء الاستفتاء في شهر أكتوبر المقبل.
هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيدعم إجراء الاستفتاء في ظل هذه التعقيدات؟ نعم وعلى مستوى العالم والقارة.. والاتحاد الأفريقي ركز على ضرورة الإسراع في الاتفاق على إجراء الاستفتاء كحل لأزمة أبيي بالرغم من حديثهم عن الإجراءات المؤقتة للأمم المتحدة والاتحاد الأروربي، ولكن مقتل السلطان كول استقطب المجتمع الدولي والمجتمع المحلي حتى في شمال السودان، خاصة أحزاب المعارضة لديها موقفاً واحداً وهو أن أي تعطيل للاستفتاء ربما يعقد الوضع على مستوى المنطقة وعلى مستوى العلاقات بين الدولتين.
مقتل السلطان هل يعني أن أزمة أبيي دخلت في نفق مظلم؟ صحيح الفقد عظيم، ولكن منحنا القدرة على النظر بجدية لإيجاد الحل النهائي خاصة فيما يتعلق بالاستفتاء من أجل تحديد الوضعية النهائية لأبيي.
ما هو أثر مقتل السلطان لوال على العلاقات الاجتماعية بين المسيرية ودينكا نقوك؟ في تقديري التعميم في حد ذاته غير مجدٍ، وكذلك الخلط بين العناصر التي استغلت من قبل الحكومة والمواطن العادي من المواطنين الذين استُغلوا من المسيرية من قبل الحكومة، لزعزعة الأمن وعرقلة الاستفتاء ونحن على علم بالعناصر التي استغلت لقتل السلطان، وهدفهم واضح وهو استفزاز دينكا نقوك باغتيال السلطان كول لرمزيته للدينكا وهذا الرجل هو مثال للإصرار على عودة الناس إلى مناطقهم، ولديه نداء واضح لأهل أبيي ليقرروا عبر الاستفتاء وضعية المنطقة.
هل دينكا نقوك على وعي بهذا الفهم وأنهم لا يخلطون بين الأبرياء والمتورطين؟ الشعور العام لدا الدينكا الآن هو التعميم ومفهومهم الجمعي بأن المسيرية اغتالوا السلطان وهذا الفهم له عواقب وخيمة.. وحتى لو رجع العرب بنزول المطر، ولكن في فترة الصيف المقبل ستكون فترة صعبة جداً للعرب الحل ليس على صعيد المسيرية بل على كل العرب وحقيقة هذا الواقع يثير مخاوفي في ما قد يحدث في مناطق شمال وغرب بحر الغزال في ولاية الوحدة وأعالي النيل.
إذاً ما العمل لتفادي هذا التصادم؟
علينا أن نعمل من الآن لإيجاد حلٍ لأبيي.
ما هو الحل؟
الأمر يستدعي جلوس الرئيسين، وأن يقبل البشير بالمقترح الافريقي الداعي لإجراء الاستفتاء لأنه لا يوجد أي حلٍ آخر أي لا مكان لإجراءات مؤقتة لتكوين إدارة أبيي، ولا أعتقد أن أي شخص لديه سيخاطر بالذهاب لأبيي لتشكيل إدارة مؤقتة في أبيي لأن الظروف غير مؤاتية، وأي تأخير في الاستفتاء سيخلق أرضية للمتطرفين والمتأثرين بالغضب للسيادة على المنطقة، وإجراء الاستفتاء في أكتوبر سيساعد على بناء الثقة بين الدولتين والمواصلة في إنفاذ الاتفاقات ال(9) وهذا من شأنه أن يبني أرضية طيبة بين البلدين.. وهناك خياران إما أن نستغل الحدث المؤسف للدفع بعجلة التعاون لإيجاد الحل، أما إذا غضينا الطرف عما حدث من الممكن أن يجرنا إلى العواقب التي ستواجه العرب الرحل، وإلى سوء العلاقة بين الدولتين وبالتالي سيكون الغضب هو سيد الموقف وهذا ليس ما نتطلع إليه، لأننا قطعنا شوطاً والأفضل أن نركز على الاستقرار في الدولتين.
ما هي التعقيدات التي يراها البعض فيما يتعلق بإجراء الاستفتاء في أكتوبر وما هي الحلول لتسهيل الطريق للاستفتاء؟ الخطوة الأهم الآن هي المحاولة لتخفيف الحزن على أهالي أبيي والآن الحكومة بدأت تبحث عن مبررات لما حدث في أبيي وتحاول تقول إن المرحوم هو الذي افتعل ما حدث وليس هذا فحسب بل لم يستطيعوا أن يقدموا تعزية لدينكا نقوك سوى على مستوى المؤتمر الوطني أو الحكومة، ولابد لهما أن يسلما بأن الحقائق ستظهر لذا عليها -أي الحكومة- أن تشرع في تكوين مفوضية الاستفتاء برئاسة الاتحاد الأفريقي لكونه جهة محايدة، والاتفاق على إجراءات إدارية مشتركة، أي لابد من أن يساعدوا في عودة مواطني أبيي بتكثيف كل المجهودات في عائدات بترول أبيي وكلها لدى حكومة السودان، ويمكن أن تُستغل في العودة الطوعية لسكان أبيي الذي يبلغون حوالي (200) الف نازح والذين يملكون حق التصويت حولي (40-80) الف بمعنى أن حجم السكان غير معقدٍ، ولو استقطبنا كل الدعم لتكوين المفوضية بإجراءات مساعدة لإجراء الاستفتاء، وعندنا وجود للقوات الأممية يمكن أن يساعد في توزيع الأشياء اللوجستية كتوزيع الأوراق وإنشاء المراكز، بهذه الطريقة يمكن إجراء الاستفتاء بأسرع ما يمكن، وهناك تساؤل لماذا يتجه الرئيس للاستفتاء وهو يعرف النتيجة، خاصة وأن الحكومة لم تبذل مجهوداً لتكسب الدينكا وهم أناس لم يتذوقوا طعم اتفاقية السلام، وفي 2008 تمت مهاجمة المنطقة ونزح أهلها وكذلك تكرر المشهد في 2011م أي لم تبذل الحكومة أي مجهود لكسب المواطنين في ظل وجود الصراع بل سعت لكسب المسيرية بسبب الخلط بين المواطنين والعرب الرحل.
هل تعني إلغاء الاستفتاء؟
بل أقول لماذا لا يتفق الطرفان على ضم أبيي للجنوب والاتفاق على حفظ حقوق المواطنين من العرب الرحل فيما يختص بالرعي والمياه.. وفي مقترح أمبيكي تم تخصيص 20% من عائدات البترول لاستيطان مواطنين أبيي وحقوق المسيرية في الترحال ووجود آلية للحفاظ على حقوقهم.. وما دام الأمر كذلك لماذا الاستفتاء لإضاعة حقوقهم.
ألا تعتقد أن الاستفتاء يمنحكم وضعاً قانونياً أكبر؟ طبعاً وبدون شك، ولكن أرى أن الطرفين إذا اتفقا لن تكون هناك مشكلة.
هل تعتقد أن الباب أُوصد أمام انضمام أبيي لشمال السودان؟ بالطبع؛ وستكون نسبة الاستفتاء لصالح انضمام أبيي إلى الجنوب (100%) حتى العناصر التي استقطبها المؤتمر الوطني خرجت وقالت بمقتل السلطان كول، وقدموا أبيي للجنوب في طبق من ذهب بمعنى أنهم فقدوا حتى القليلين الذين اكتسبوهم.
مقتل السلطان وتداعياته على ملف الأزمة في أبيي؟ الحكومة فقدت الشخص الذي يجمع عليه الناس، وفقدت الرجل الذي يميل إلى التعايش السلمي والسلام بالرغم من أن له آراء مستقلة، ولكنه يحاول أن يقبل الآخر، وأن يخلق التوافق بين دينكا نقوك والمسيرية، وكان يقول ولو ذهبت أبيي إلى الجنوب لابد أن تبقى العلاقات مع المسيرية.. وفقده يعني فقدان المؤتمر الوطني ل(1%) من الدينكا في أبيي.
محاولة الاغتيال؟
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها السلطان كوال دينيق الاغتيال.. فسبق وأن تعرض في العام 1981 لمحاولة الاغتيال، وكنا في الجامعة وجئنا حينها لأبيي في فترة العطلة الصيفية، وكان أهالي أبيي يتعرضون لانتهاكات كبيرة للحقوق من قبل الحكومة، وقتل أحد إخوته تحديداً ابن عمه أثناء محاولة اغتياله، فكانت بداية الشرارة ل(أنانا2) والنواة لتكوين الحركة الشعبية، لذا تجد الوجود الكبير لأبناء أبيي في الجيش الشعبي بسبب الأحداث التي تعرضت لها أبيي، وجدنا حوالي (80%) من أهالي أبيي وفقاً لبحث أجريناه متآثرين بالأحداث التي تعرض لها أهالي المنطقة حتى نظرتهم للمستقبل نظرة غير مشرقة ومحتقنين بالغضب ولا يرون المستقبل أمامهم.. وبمقتل السلطان كول الوضع الآن مهيء للتعبير عن الغضب وعليه ينبغي النظر في قضية أبيي بجدية لمعرفة الحل الحقيقي هل يكون في الاستفتاء؟، وهل يمكن لأبيي أن تعرقل سير العلاقات بين دولتي السودان؟، خاصة وأن أهالي أبيي لا يريدون أن تكون منطقتهم حجر عثرة في العلاقات بين البلدين.
كأنك تقول إن أبيي ستكون نقطة انطلاقة للحرب بين الدولتين؟ أنا لم أقل نقطة انطلاقة للحرب، ولكنها ستكون سبباً في التوترات وعدم الاستقرار الذي يقود إلى الحرب.
أبناء أبيي هم نواة الحركة الشعبية كما ذكرت لماذا لم تحسم قضية المنطقة في مفاوضات 2005 ولماذا لم يتمسك المجتمع الدولي بالحسم آنذاك؟ كنا حريصين على اتفاقية السلام باعتبار أن أهل الجنوب لأول مرة سيكون لهم رأي في مستقبل الجنوب عبر الاستفتاء، كما منحت أهل أبيي حق تحديد تبعية المنطقة بالاستفتاء، بجانب حق المشورة الشعبية للمنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق).. صحيح المشورة لم تلبِ كل مطالبهم السياسية، ولكنها تشكل بداية الاعتراف بخصوصية المنطقتين، وحينها طالبت الحركة الشعبية بحل قضية دارفور في إطار الحل الشامل.
ولكن لم تتحقق أماني أهل المناطق الثلاث، وذهب الجنوب مستقلاً بنفسه وذهبتم إلى المحكمة الدولية؟ وحينما ذهبنا إلى التحكيم الدولي نحن الذين قمنا بالصياغة للبرتوكول وتحديداً فيما يختص بمفوضة أبيي للحدود، وكان تقرير مفوضية التقييم واضحاً بالرغم من ذلك قبلنا بالتنازلات وذهبنا للمحكمة من أجل الحل السلمي للأزمة، وكان التحكيم واضحاً أيضاً، ولكن المؤتمر الوطني حاول أن يخلق عرقلة بإدخال مفهوم أن قيادات أبيي داخل المؤسسات يحاولون إضعاف الجنوب بإدخال أبيي وعرقلة العلاقة بين قيادات أبيي والقيادة الجنوبية، وبدلاً من إجراء الاستفتاء لأبيي مع استفتاء الجنوب حاولوا استغلال هذا الكرت لإجراء الاستفتاء للجنوب، وبعد استقلاله ينظر في قضية أبيي، وكانت عقلية المجتمع الدولي لا تدرك أبعاد الأزمة وترى أن السودان تنازل كثيراً وأجرى الاستفتاء للجنوب ولا ينبغي أن تتسبب منطقة صغيرة كمنطقة أبيي في مشكلة.
هل تعني أن قراءة المجتمع الدولي لأزمة أبيي لم تكن صحيحة؟ نعم قراءته لم تكن صحيحة، وظن أن المشكلة مقدور عليها وأنها لا تحتاج إلى تشدد، واستمعتي أمس إلى مسؤولي الاتحاد الأفريقي، ومن الواضح أن مؤسساته ليست قادرة على اتخاذ القرارات وفرض الإرادة الأفريقية، وجاءوا بخارطة طريق لحل الأزمة، وبشأن أبيي كانت الخارطة واضحة وقالوا حينما يتفق الطرفان يُرفع الاتفاق لإجازته في مجلس الأمن، وحتى الآن لم يُجاز بسبب الارتباك والهزة في المؤسسات الأفريقية التي ظلت عاجزة عن اتخاذ القرارات واعتبرت القضية سهلة الحلول، ولكن بمقتل السلطان كوال الذي يملك المرونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.