«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور لوكا بينوق القيادي بالحركة الشعبية : بمقتل السلطان كول مستقبل كل الرحل في الصيف المقبل محاط بالمخاطر.
نشر في الراكوبة يوم 28 - 05 - 2013

المجتمع الدولي قراءته لم تكن صحيحةً وقلل من حجم الأزمة في أبيي.
*إجراء استفتاء أبيي في اكتوبر سيساعد على بناء الثقة بين الدولتين والمواصلة في انفاذ الاتفاقات ال(9).
*أديس أبابا: حوار: فاطمة غزالي
دكتور لوكا بيونق دينق من قيادات الصف الاول في الحركة الشعبية، هادئ الطبع من المقربين من رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت وخازناً لأسراره، هو من المطلعين على أخطر الملفات حساسية داخل الحركة الشعبية، سطع نجمه ابان ازمة تجميد الحركة لوزرائها المشاركين في الحكومة في العام 2008م، وظل احد نجوم السياسة في ملف أبيي وتحكيمها في لاهاي.. ولد الدكتور لوكا بيونق في منطقة أبيي في العام (1/ 1/ 1960م)، ينحدر من أسرة ممتدة فهو أحد ابناء السلطان دينق مجوك سلطان عشائر دينكا انقوك التسعة وأخوه د. فرانسيس دينق، تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة أبيي الابتدائية، وعندما انتقل إلى مدرسة كمبوني بالنهود سمته الكنيسة لوكا ليصبح لوكا بيونق دينق، الطالب المسيحي الوحيد بمدرسة الهيدوب، ثم رجل الفولة الثانوية العامة، قبل أن يلتحق بمدرسة كادوقلي الثانوية العليا، درس في جامعة الخرطوم (1979م 1984م) كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، نال فيها جوائز مثل أفضل طالب في مادة الاقتصاد وجائزة التفوق لأفضل طالب بالجامعة، ونال درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وايضاً ماجستير في الاقتصاد، ثم الدكتوراة في الاقتصاد التنموي، له عدة شهادات في الأمن الغذائي، والإحصاء، والعمل الإنساني، وإدارة الأزمات، وحل النزاعات. وكان محاضراً بكلية الاقتصاد جامعة الجزيرة، وبعد أن عمل هناك لنحو عامٍ ونصف العام جاءته منحة من الحكومة البلجيكية لدراسة الماجستير في الاقتصاد وإدارة الأعمال، حمل رتبة مقدم في الجيش الشعبي وقاتل ضمن صفوفه منذ العام (1988م) إلى جانب أنه كان مسؤولاً عن الشؤون الاقتصادية للحركة في ذلك الوقت الذي جاء فيه من بروكسل إلى الميدان بغرب الاستوائية، ومن نيروبي وجد فرصة لدراسات عليا بإنجلترا فحصل من جامعاتها على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد. ثم عمل بالبنك الدولي بجوبا.. تقلد العديد من المناصب منها وزير لشؤون الرئاسة بحكومة الجنوب، ثم رئيس وزارة مجلس الوزاراء وآخرها رئيس اللجنة الإشرافية لإدارية أبيي، والآن أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة هارفرد الأميركية والمعهد الكندي للحكومة بواشنطن، والذي توكل إليه مهمة تحديد السياسة الخارجية للولايات المتحدة. التقيته بأديس أبابا على هامش مشاركتي في اجتماعات منبر المرأة الأفريقية.. التقيته فكان مسكوناً بالحزن على مقتل السلطان كول، ويحاول أن يمسك بشدة على دموعه لكي لا تنهمر أثناء الحوار، بحلقه غصة يخرج الكلمات بمرارة حينما يكون مقتل السلطان محور السؤال، واعتبر الكرة في ملعب الحكومة السودانية لإخراج أبيي من التوترات التي تقود إلى الحرب بين دينكا نقوك والمسيرية.
تقييمك لواقع الأوضاع في أبيي بعد مقتل السلطان لواك دينق وتداعياته على العلاقة بين السودان وجنوب السودان؟
أبيي تركتها قبل أيام وأهلها يشعرون بالغضب والحزن وإبان وجودي قدم المجتمع المدني وثيقة سليمة للأمم المتحدة في أبيي وأكدوا فيها رفضهم القاطع لتكوين إي إدارة مشتركة في أبيي وأشاروا فيها إلى أن إجراء الاستفتاء في المدة التي حددها الاتحاد الافريقي باعتباره الشيء الوحيد الذي يعوضهم الفقد الكبير للسلطان وبلاشك من ردود الأفعال لمقتل السلطان إجماع العشائر التسع لسكان أبيي بمختلف الأعمار وإصرارهم على العودة للمنطق لإيجاد حلٍ عاجل ويرون أن اغتيال السلطان كوال أشبه بما حدث لدكتور جونق قرنق الشخص الذي مات قبل أن يرى اكتمال السلام.
وأنت قادم أمس الأول من أبيي ما هي القصة الحقيقة لاغتيال السلطان في ظل تضارب الروايات؟ الشاهد أن الحقائق واضحة للحكومة أن الحدث في الرابع كان هناك وفد من اللجنة الاشتراكية المشتركة من دولة الجنوب وأعضاء من المجتمع المدني بما فيهم السلطان كول وذهبوا لتفقد المناطق الشمالية لأبيي لتقديم تقارير بشأن الاستيطان والتحضير لعودة المواطنين إلى المناطق التي نزحوا منها ووصل الوفد إلى منطقة (كج) وهي منطقة بترول، في الساعة الواحدة ظهراً ظهرت عناصر مسلحة بالرغم من أن السلطان والوفد كانوا في عربات تابعة للأمم المتحدة أي -غير مسلحين- وهم في العودة إلى أبيي وضعت هذه المجموعة بعض العراقيل في طريقهم وطالبوا القائد الأثيوبي بتسليمهم السلطان كول وكل دينكا نقوك الذين في معية القوات الاثيوبية والقائد الأثيوبي رفض ثم بدأ التجمهر لأكثر من 300 شخصاً من شباب المسيرية بعضهم استغل المواتر ونصفهم مسلحين وهؤلاء عناصر الحكومة في أبيي، واستغرق النقاش حوالي (5) ساعات من الساعة الواحدة ظهراً حتى السادسة مساءً والقائد الأثيبوبي رفض تسليهم السطان والدينكا ولكن طلبوا منه العودة بالطوف إلى منطقة (كوج) وقبل القائد الاثيوبي بالعودة مع أن هذا القرار ليس من حقه ولكن اثناء العودة هاجم المسيرية السلطان واغتالوه.. فكانت ردود الافعال لدى المجتمع الجنوبي في ولايات دولة الجنوب ال(10) واضحة تجاه اغتياله وكذلك حديث سلفاكير رئيس دولة الجنوب واضحاً وشمل رؤية أهل أبيي وطمأنهم إلى درجة قللت من الآلم والحزن الذي أصاب أهالي أبيي وحمل البشير المسؤولية وشدد على ضرورة إجراء الاستفتاء في شهر أكتوبر المقبل.
هل تعتقد أن المجتمع الدولي سيدعم إجراء الاستفتاء في ظل هذه التعقيدات؟ نعم وعلى مستوى العالم والقارة.. والاتحاد الأفريقي ركز على ضرورة الإسراع في الاتفاق على إجراء الاستفتاء كحل لأزمة أبيي بالرغم من حديثهم عن الإجراءات المؤقتة للأمم المتحدة والاتحاد الأروربي، ولكن مقتل السلطان كول استقطب المجتمع الدولي والمجتمع المحلي حتى في شمال السودان، خاصة أحزاب المعارضة لديها موقفاً واحداً وهو أن أي تعطيل للاستفتاء ربما يعقد الوضع على مستوى المنطقة وعلى مستوى العلاقات بين الدولتين.
مقتل السلطان هل يعني أن أزمة أبيي دخلت في نفق مظلم؟ صحيح الفقد عظيم، ولكن منحنا القدرة على النظر بجدية لإيجاد الحل النهائي خاصة فيما يتعلق بالاستفتاء من أجل تحديد الوضعية النهائية لأبيي.
ما هو أثر مقتل السلطان لوال على العلاقات الاجتماعية بين المسيرية ودينكا نقوك؟ في تقديري التعميم في حد ذاته غير مجدٍ، وكذلك الخلط بين العناصر التي استغلت من قبل الحكومة والمواطن العادي من المواطنين الذين استُغلوا من المسيرية من قبل الحكومة، لزعزعة الأمن وعرقلة الاستفتاء ونحن على علم بالعناصر التي استغلت لقتل السلطان، وهدفهم واضح وهو استفزاز دينكا نقوك باغتيال السلطان كول لرمزيته للدينكا وهذا الرجل هو مثال للإصرار على عودة الناس إلى مناطقهم، ولديه نداء واضح لأهل أبيي ليقرروا عبر الاستفتاء وضعية المنطقة.
هل دينكا نقوك على وعي بهذا الفهم وأنهم لا يخلطون بين الأبرياء والمتورطين؟ الشعور العام لدا الدينكا الآن هو التعميم ومفهومهم الجمعي بأن المسيرية اغتالوا السلطان وهذا الفهم له عواقب وخيمة.. وحتى لو رجع العرب بنزول المطر، ولكن في فترة الصيف المقبل ستكون فترة صعبة جداً للعرب الحل ليس على صعيد المسيرية بل على كل العرب وحقيقة هذا الواقع يثير مخاوفي في ما قد يحدث في مناطق شمال وغرب بحر الغزال في ولاية الوحدة وأعالي النيل.
إذاً ما العمل لتفادي هذا التصادم؟
علينا أن نعمل من الآن لإيجاد حلٍ لأبيي.
ما هو الحل؟
الأمر يستدعي جلوس الرئيسين، وأن يقبل البشير بالمقترح الافريقي الداعي لإجراء الاستفتاء لأنه لا يوجد أي حلٍ آخر أي لا مكان لإجراءات مؤقتة لتكوين إدارة أبيي، ولا أعتقد أن أي شخص لديه سيخاطر بالذهاب لأبيي لتشكيل إدارة مؤقتة في أبيي لأن الظروف غير مؤاتية، وأي تأخير في الاستفتاء سيخلق أرضية للمتطرفين والمتأثرين بالغضب للسيادة على المنطقة، وإجراء الاستفتاء في أكتوبر سيساعد على بناء الثقة بين الدولتين والمواصلة في إنفاذ الاتفاقات ال(9) وهذا من شأنه أن يبني أرضية طيبة بين البلدين.. وهناك خياران إما أن نستغل الحدث المؤسف للدفع بعجلة التعاون لإيجاد الحل، أما إذا غضينا الطرف عما حدث من الممكن أن يجرنا إلى العواقب التي ستواجه العرب الرحل، وإلى سوء العلاقة بين الدولتين وبالتالي سيكون الغضب هو سيد الموقف وهذا ليس ما نتطلع إليه، لأننا قطعنا شوطاً والأفضل أن نركز على الاستقرار في الدولتين.
ما هي التعقيدات التي يراها البعض فيما يتعلق بإجراء الاستفتاء في أكتوبر وما هي الحلول لتسهيل الطريق للاستفتاء؟ الخطوة الأهم الآن هي المحاولة لتخفيف الحزن على أهالي أبيي والآن الحكومة بدأت تبحث عن مبررات لما حدث في أبيي وتحاول تقول إن المرحوم هو الذي افتعل ما حدث وليس هذا فحسب بل لم يستطيعوا أن يقدموا تعزية لدينكا نقوك سوى على مستوى المؤتمر الوطني أو الحكومة، ولابد لهما أن يسلما بأن الحقائق ستظهر لذا عليها -أي الحكومة- أن تشرع في تكوين مفوضية الاستفتاء برئاسة الاتحاد الأفريقي لكونه جهة محايدة، والاتفاق على إجراءات إدارية مشتركة، أي لابد من أن يساعدوا في عودة مواطني أبيي بتكثيف كل المجهودات في عائدات بترول أبيي وكلها لدى حكومة السودان، ويمكن أن تُستغل في العودة الطوعية لسكان أبيي الذي يبلغون حوالي (200) الف نازح والذين يملكون حق التصويت حولي (40-80) الف بمعنى أن حجم السكان غير معقدٍ، ولو استقطبنا كل الدعم لتكوين المفوضية بإجراءات مساعدة لإجراء الاستفتاء، وعندنا وجود للقوات الأممية يمكن أن يساعد في توزيع الأشياء اللوجستية كتوزيع الأوراق وإنشاء المراكز، بهذه الطريقة يمكن إجراء الاستفتاء بأسرع ما يمكن، وهناك تساؤل لماذا يتجه الرئيس للاستفتاء وهو يعرف النتيجة، خاصة وأن الحكومة لم تبذل مجهوداً لتكسب الدينكا وهم أناس لم يتذوقوا طعم اتفاقية السلام، وفي 2008 تمت مهاجمة المنطقة ونزح أهلها وكذلك تكرر المشهد في 2011م أي لم تبذل الحكومة أي مجهود لكسب المواطنين في ظل وجود الصراع بل سعت لكسب المسيرية بسبب الخلط بين المواطنين والعرب الرحل.
هل تعني إلغاء الاستفتاء؟
بل أقول لماذا لا يتفق الطرفان على ضم أبيي للجنوب والاتفاق على حفظ حقوق المواطنين من العرب الرحل فيما يختص بالرعي والمياه.. وفي مقترح أمبيكي تم تخصيص 20% من عائدات البترول لاستيطان مواطنين أبيي وحقوق المسيرية في الترحال ووجود آلية للحفاظ على حقوقهم.. وما دام الأمر كذلك لماذا الاستفتاء لإضاعة حقوقهم.
ألا تعتقد أن الاستفتاء يمنحكم وضعاً قانونياً أكبر؟ طبعاً وبدون شك، ولكن أرى أن الطرفين إذا اتفقا لن تكون هناك مشكلة.
هل تعتقد أن الباب أُوصد أمام انضمام أبيي لشمال السودان؟ بالطبع؛ وستكون نسبة الاستفتاء لصالح انضمام أبيي إلى الجنوب (100%) حتى العناصر التي استقطبها المؤتمر الوطني خرجت وقالت بمقتل السلطان كول، وقدموا أبيي للجنوب في طبق من ذهب بمعنى أنهم فقدوا حتى القليلين الذين اكتسبوهم.
مقتل السلطان وتداعياته على ملف الأزمة في أبيي؟ الحكومة فقدت الشخص الذي يجمع عليه الناس، وفقدت الرجل الذي يميل إلى التعايش السلمي والسلام بالرغم من أن له آراء مستقلة، ولكنه يحاول أن يقبل الآخر، وأن يخلق التوافق بين دينكا نقوك والمسيرية، وكان يقول ولو ذهبت أبيي إلى الجنوب لابد أن تبقى العلاقات مع المسيرية.. وفقده يعني فقدان المؤتمر الوطني ل(1%) من الدينكا في أبيي.
محاولة الاغتيال؟
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها السلطان كوال دينيق الاغتيال.. فسبق وأن تعرض في العام 1981 لمحاولة الاغتيال، وكنا في الجامعة وجئنا حينها لأبيي في فترة العطلة الصيفية، وكان أهالي أبيي يتعرضون لانتهاكات كبيرة للحقوق من قبل الحكومة، وقتل أحد إخوته تحديداً ابن عمه أثناء محاولة اغتياله، فكانت بداية الشرارة ل(أنانا2) والنواة لتكوين الحركة الشعبية، لذا تجد الوجود الكبير لأبناء أبيي في الجيش الشعبي بسبب الأحداث التي تعرضت لها أبيي، وجدنا حوالي (80%) من أهالي أبيي وفقاً لبحث أجريناه متآثرين بالأحداث التي تعرض لها أهالي المنطقة حتى نظرتهم للمستقبل نظرة غير مشرقة ومحتقنين بالغضب ولا يرون المستقبل أمامهم.. وبمقتل السلطان كول الوضع الآن مهيء للتعبير عن الغضب وعليه ينبغي النظر في قضية أبيي بجدية لمعرفة الحل الحقيقي هل يكون في الاستفتاء؟، وهل يمكن لأبيي أن تعرقل سير العلاقات بين دولتي السودان؟، خاصة وأن أهالي أبيي لا يريدون أن تكون منطقتهم حجر عثرة في العلاقات بين البلدين.
كأنك تقول إن أبيي ستكون نقطة انطلاقة للحرب بين الدولتين؟ أنا لم أقل نقطة انطلاقة للحرب، ولكنها ستكون سبباً في التوترات وعدم الاستقرار الذي يقود إلى الحرب.
أبناء أبيي هم نواة الحركة الشعبية كما ذكرت لماذا لم تحسم قضية المنطقة في مفاوضات 2005 ولماذا لم يتمسك المجتمع الدولي بالحسم آنذاك؟ كنا حريصين على اتفاقية السلام باعتبار أن أهل الجنوب لأول مرة سيكون لهم رأي في مستقبل الجنوب عبر الاستفتاء، كما منحت أهل أبيي حق تحديد تبعية المنطقة بالاستفتاء، بجانب حق المشورة الشعبية للمنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق).. صحيح المشورة لم تلبِ كل مطالبهم السياسية، ولكنها تشكل بداية الاعتراف بخصوصية المنطقتين، وحينها طالبت الحركة الشعبية بحل قضية دارفور في إطار الحل الشامل.
ولكن لم تتحقق أماني أهل المناطق الثلاث، وذهب الجنوب مستقلاً بنفسه وذهبتم إلى المحكمة الدولية؟ وحينما ذهبنا إلى التحكيم الدولي نحن الذين قمنا بالصياغة للبرتوكول وتحديداً فيما يختص بمفوضة أبيي للحدود، وكان تقرير مفوضية التقييم واضحاً بالرغم من ذلك قبلنا بالتنازلات وذهبنا للمحكمة من أجل الحل السلمي للأزمة، وكان التحكيم واضحاً أيضاً، ولكن المؤتمر الوطني حاول أن يخلق عرقلة بإدخال مفهوم أن قيادات أبيي داخل المؤسسات يحاولون إضعاف الجنوب بإدخال أبيي وعرقلة العلاقة بين قيادات أبيي والقيادة الجنوبية، وبدلاً من إجراء الاستفتاء لأبيي مع استفتاء الجنوب حاولوا استغلال هذا الكرت لإجراء الاستفتاء للجنوب، وبعد استقلاله ينظر في قضية أبيي، وكانت عقلية المجتمع الدولي لا تدرك أبعاد الأزمة وترى أن السودان تنازل كثيراً وأجرى الاستفتاء للجنوب ولا ينبغي أن تتسبب منطقة صغيرة كمنطقة أبيي في مشكلة.
هل تعني أن قراءة المجتمع الدولي لأزمة أبيي لم تكن صحيحة؟ نعم قراءته لم تكن صحيحة، وظن أن المشكلة مقدور عليها وأنها لا تحتاج إلى تشدد، واستمعتي أمس إلى مسؤولي الاتحاد الأفريقي، ومن الواضح أن مؤسساته ليست قادرة على اتخاذ القرارات وفرض الإرادة الأفريقية، وجاءوا بخارطة طريق لحل الأزمة، وبشأن أبيي كانت الخارطة واضحة وقالوا حينما يتفق الطرفان يُرفع الاتفاق لإجازته في مجلس الأمن، وحتى الآن لم يُجاز بسبب الارتباك والهزة في المؤسسات الأفريقية التي ظلت عاجزة عن اتخاذ القرارات واعتبرت القضية سهلة الحلول، ولكن بمقتل السلطان كوال الذي يملك المرونة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.