دروس في الرحمة ا الطاهر أمين [email protected] للرحمة معنى عظيم وقيمة إنسانية سامية، فتشمل في معناها الرأفة والعطف، فالمسلم الحق رحيم القلب عطوفاً طيباً محباً للخير مساعداً للضعفاء مناصراً للفقراء.. ومن أسماء الله الحسنى (الرحيم)، فالخالق عز وجل رحيماً بعباده كما جاء في كتابه العزيز ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية في هذا الشأن، حيث قال رسولنا الكريم: ( من لا يرحم لا يُرحم)، و(أرحم من في الأرض يرحمك من في السماء)، آيات كثيرة وأحاديث عديدة وردت في شأن الرحمة وهذه دلالات ماثلة أمامنا لأهمية تلك القيمة الربانية، والله جلّ شأنه اقترنت رحمته في عدة آيات برحمة البشر لأنفسهم وبعضهم البعض... وقد نتعجب من بعض البشر من يرجو رحمة ربه ويعامل الناس بمنتهى القسوة والغلاظة... إن ما شاهدناه في الأيام الماضية وذاك الشريط لأمر يدعو للإشمئزاز ويمنحنا الشعور بالغثيان، جلد بطريقة وحشية لجلادان أظنهما ترعرعا في إحدى الغابات الأمازونية، جلادين أرادا تفريغ ضغينتهما في فتاة لا حولة لها ولا قوة، فتاة تتأوه من شدة الضرب والعنف وتترجاهما بالكف عن الأذى وهما مستمتعان بما يسمعان ويزدادان ضرباً بقوة متناهية لا يستقوى عليها حتى الرجال... ما هي الشريعة أو القانون الوضعي أو أي قانون في الأرض ينص على تلك الطريقة الهمجية في الضرب، الدين الإسلامي دين رحمة كما ذكرنا سابقاً، أين تلك الرحمة من هؤلاء؟ أين الإنسانية أين الآدمية؟ يا عالم حتى الحيوان، وصانا الله عز وجل برحمته، وقد اخبرنا رسولنا الكريم بقصة المرأة التي حبست الهرة لم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض فماتت، وذكر رسولنا (هي في النار). هذا للحيوان وماذا عن الإنسان الذي كرمه الله على جميع الكائنات... انتشار مقطع الفتاة التي جُلدت في أصقاع العالم أصاب تلك المجتمعات بالدهشة والتقزز، خاصة وأنهم لا يرضون بإلحاق الأذى بحيواناتهم فما بالك بالإنسان، من هنا باتت الصورة واضحة لديهم كوضوح الشمس في كبد السماء، اتضح لهم أن الإسلام دين قهر واستبداد وعنف وإهانة، بالطبع هذا ليس ديننا والإسلام منه براء، ولكي تقنعهم إن هذا لا علاقة له بالإسلام تحتاج إلى الآف السنوات الضوئية، ولنا في أحداث الحادية عشر من سبتمبر دليلاً واضحاً، فحتى الآن نظرة معظم الغربيين نظرة سالبة عن الإسلام، وبات الإسلام يعني لهم الإرهاب والتطرف والعنف وسحق البشر، نحن للأسف كمجتمعات مسلمة دائماً ما نعكس الصورة الخاطئة للإسلام، ومشاهد القهر والإهانة لتلك الفتاة خير دليلاً على تبيان أن المنهج الإسلامي منهجاً لا يحترم الإنسان ويقمع المرأة بجعلها كائناً محتقراً، المشاهد البائسة تلك لا تقبلها فطرة إنسان سوي ولا يقرها دين سماوي، إنما يقرها أفراد انتزعت الرحمة من قلوبهم... عرّف علماء علم النفس بأن الشخصية القاسية والتي تسعد بعذاب الآخرين بالشخصية (السادية)، فهؤلاء الساديون يشعرون بالسعادة عند إلحاق الأذى بالناس وإذلالهم، الأمر الذي يستوجب إخضاعهم لعلاج نفسي.. يا سادة يا حكام يا ولاة الأمر.. الدين الإسلامي منهج تقويم وإصلاح لا منهج إذلال وإهانة لبني البشر، قال تعالى: ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً).