[email protected] ضع نفسك مكان سلطة تنفيذية رشيدة تحرص على صورتها الداخلية ومكانتها الخارجية .. ما هي حزمة التدابير والقرارات التي كان من الواجب اتخاذها بعد قضية بنطال لبنى؟! .. ثم تأمل في واقع الحال الذي يقود مصداقيتك المحلية وكرامتك الدولية – في كل مرة – إلى ذات المآل .. يا للحزن .. يا للعار ..! في السعودية وفي قضية استوجبت حكماً مماثلاً بجلد المرأة – قبل فترة - صدر أمر ملكي بإسقاط جميع التهم عن إعلامية سعودية كانت ضمن فريق الإعداد والتنسيق لبرنامج فضائحي كان مسرحاً لقضية الشاب السعودي الذي جاهر بمعصية اقتراف الزنا، أمام ملايين الأسر العربية ..! الأمر الملكي قضى بتعطيل تطبيق حكم الجلد الصادر بحقها كان موقفاً حكيماً جنب السعودية تبعات وتداعيات تطبيق حكم الجلد على امرأة في قضية رأي عام عالمي .. وعليه فعوضاً عن إراقة كرامة الوطن على ساحة معارضة الحكومة ..هتفت الفتاة في وجه المايكروفونات العالمية (إسقاط حكم الجلد عني، كشف عن وجوه الخير في وطني!) .. فتأمل في حسن التصرف الذي دفع بلاء التصعيد قبل وقوعه ..! كتبنا غير مرة عن خطورة كون البنطلون هو المعادل الموضوعي للزي الفاضح .. وتحدثنا عن تبعات السلطة التقديرية واسعة المدى، الممنوحة لرجل شرطة النظام العام .. وعن آلية الطريق إلى بوكس شرطة النظام العام .. ناقشنا كثيراً وطويلاً المرجعية الشرعية لأحكام الجلد تعزيراً في حال الزي الفاضح .. وكيف وكم أن الحديث عن إعادة النظر في أمر العقوبات التعزيرية المضمنة في القانون السوداني، هو حديث عن إعادة تقييم الاجتهادات بشرية، لا ينبغي أبداً أن يؤخذ بحساسية وكأن تلك القوانين نصوص منزلة .. وأشرنا إلى عدم وجود نص صريح بشأن بعض أحكام الجلد تعزيراً في الكتاب والسنة .. وعليه فهي اجتهادات مستنبطة من أدلة جزئية .. فالزي غير المحتشم يبقى فعلاً لم يرد نص صريح بتحديد عقوبته، وعليه فإن ترك عقوبته لتقدير المشرع واجتهادات البشر لا يعني أن يتجاوز (التعزير) سقف العقوبة الحدية .. أو أن يطاولها ..! لكننا اليوم أمام فاجعة أدهى وأخطر هي آلية تنفيذ حكم الجلد نفسه.. وكيف أن العقوبة لا تعني – ابدأ - انتهاك الكرامة الإنسانية ..! نحن المبتلون بثقافة تسليط البلاء فوق رؤوسنا بسياساتنا وطرق معالجاتنا الخاطئة للأمور .. سلطاتنا التي تنتهج سياسة ضرب البعوضة بالمرزبة، فتخسر كل شيء - بينما استدراك بسيط قد يجنبها تبعات خطيرة – تقف اليوم أمام منعطف سوء سمعة جديد هو انتهاك حقوق الإنسان من خلال التعسف في تطبيق العقوبة ..! الشخصية الاعتبارية لصناع القرار في هذا البلد بحاجة ملحة إلى معالج نفسي .. اختصاصي في تشخيص ومعالجة السادوماسوشيزم السياسي (شيطنة الصورة وأبلسة السمعة الشعبية والرسمية للبلاد والعباد).. لا بد أن تشفى حكومة السودان من بارانويا المكابرة - في مواجهة الأخطاء الفادحة - قبل فوات الأوان ..!