قال تعالى:(وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لاتحتاج هذه الآية الكريمة من سورة النور إلى تفسير فمعناها واضح وماتدعو به من عدم التهاون في تنفيذ حد من حدود الله اسكت كل من تطاول على أن يتجرأ في انتقاد تنفيذ حدود الله. في هذه المساحة نطرح العديد من التساؤلات حول تنفيذ الحدود ورأي الدين في عقوبة الجلد وكيفية تنفيذها وماهي القوانيين المدنية التي تنص على عقوبة الجلد كل هذه الاسئلة وغيرها الاجابة عليها عبر هذا التحقيق. لاتهاون فى حدود الله بداية سألنا الشيخ محمد عثمان ساتي على من تطبق عقوبة الجلد ومن أين جاءت تشريعاتها؟ فأجاب قائلاً: (عقوبة الجلد عقوبة حدية إسلامية وردت نصوصها بوضوح في القرآن الكريم والسنة ولا يمكن التنازل عنها وقبل أن نسترسل في عقوبة الجلد ومواضعها يجب علينا أن نقف على أنواع العقوبات في الشريعة الاسلامية فالعقوبات في الشريعة الاسلامية تنقسم الى ثلاثة أنواع، الأول - الحد: وهو عقوبة مقدرة شرعا تجب حقاً لله تعالى على جناية محددة بشروط معينة ومثال ذلك حد الزاني بشروطه المعروفة، وكذلك حد القذف، وحد شرب الخمر أما الثاني - القصاص: وهو ان يفعل بالجاني مثل ما فعل والثالث - التعزير : وهو عقوبة غير مقدرة شرعا، تجب حقاً لله، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالباً، اذن أين موضع الجلد ضمن منظومة العقوبات الاسلامية؟ قال أول ما نلاحظه بشأن عقوبة الجلد أنه لا يوجد في الحدود من عقوبات الجلد سوى ثلاث حالات : تتمثل في الآتي: أولاً: الزاني البكر «أو الزانية البكر» مائة جلدة بنص القرآن « الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » النور الآية «2»، ثانياً حد القذف وهو ثمانون جلدة بنص القرآن (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور الآية «4» وثالثاً حد شرب الخمر وكان أربعون جلدة بالسنة ولكن الصحابة أجمعوا على إعتباره كحد القذف ثمانين جلدة وهكذا لا يوجد جلد في مجال الحدود غير هذه العقوبات الثلاث وهي زني البكر، والقذف، وشرب الخمر، أدناها ثمانون جلدة وأقصاها مائة جلدة أما عقوبة التعزير فيكاد يكون الفقهاء متفقين على أنه لا يجوز فيه ان يتساوى تعزيزاً مع حد من الحدود بمعنى أنه أدنى حد في الجلد هو ثمانون جلدة، وبناء على ذلك ينبغي ألا يزيد التعزير عن «93» جلدة. سوطاً .. عظة وعبرة ويضيف ولكن يجب أن يراعى في الجلد آن لا يكسر عظماً ولا يقطع لحماً.فيما يؤكد البعض من فقهاء الدين أن «عقوبة الجلد» مقررة في القرآن والسنة وإذا طبقت في حدودها التي وردت في الشريعة الاسلامية فهي عقوبة فعالة، وهي أكثر عدالة من عقوبة السجن والغرامة، فالسجن عقوبة تؤذي عائلة السجين، وتؤثر على مصالحهم وحقهم في الرعاية والتربية، اما العقوبة المالية فتأثيرها غير عادل، فالغني لا يعبأ بها وقد تؤذي الفقير فيما عقوبة الجلد تؤذي شخص الجاني، ويصف فقهاء الدين المسلمين عقوبة الزنا وهي الجلد بأنها «عذاب» والعذاب يعنى ان يظل الجانى حيا ولايموت ويذهب محامون وفقهاء فى الشريعة الى ان عقوبة الجلد عادة تنفذ على الفور وامام الجمهور بغرض العظة والعبرة ولايتم الاستئناف الا بعد الجلد . ولايستطيع الا الاغنياء الطعن فى إدلة ويصرون على توكيل محامى وتتاح اهم فرصة لتبرئة ساحتهم بينما يقبل الفقرا الجلد كعقوبة طبيعية وامكانية تبرئتهم بعيدة للغاية لدرجة أنهم يفضلون القبول بجلدهم «40 جلدة» بدلاً عن طلب توكيل محامٍ لهم وربما يقضون أكثر من شهر في الحبس بإنتظار المحاكمة لعدم وجود أدلة ثابتة. اجراءات شكلية يقول الخبير القانوني محمد عبد العظيم ان عقوبة الجلد تأخذ طابع الاجراءات الشكلية في بعض المخالفات وتقوم بتنفيذها الشرطة عدا عقوبة الزنا التي يصعب اثباتها، ويضيف أن عقوبة الجلد للنساء لها ضوابط معينة فيجب أن ينفذ الجلد ضد النساء امرأة بعد أن يتم اجلاس المدانة وترش بالماء اذا كان هنالك «سُكر» ويتم الجلد من الارجل من أمام حتى لاتمس العقوبة اماكن حساسة في جسدها، ويقول: ان عقوبة الجلد في الاسلام ليس للتشفي وأنما للتحقير ويرى أن هنالك عقوبات تنفذ لا تتناسب مع الفعل كعقوبات الزي الفاضح كما يجب أن تنفذ تلك العقوبات امام قاضي المحكمة وان يراعى بها السرية لمراعاة ظروف المتهم ايضاً يجب أن تتوافر في منفذ العقوبة شروط معينة بحيث يكون شخصاً تقياً لمراعاة المصلحة العامة في تنفيذ العقوبات.واضاف ان عقوبة الجلد تقام في الجرائم الحدية وهي من الجرائم الصعبة وكانت تقام في عهد الرسول وحدثت لمرة واحدة أو أثنين، كانت تطبق بها الضوابط الحدية عكس ما يحدث الآن ويضيف ان العقوبة أصلاً بها تغيير فيوجد السجن والغرامة، وفي حالة تنفيذ عقوبة الجلد للمرأة لا تجلد امام الناس وتكون جالسة حتى لا تتعرى ، فيعتبر الجلد دون تطبيق الحد يفقد الانسان كرامته وخلافاً لذلك تتحول العقوبة من تنفيذ الحد الى عقوبة سياسية ويجب أن تتغير العقوبات بتغير الزمان والمكان وكذلك تتحول العقوبات التي لا تراعي بها كرامة الانسان الى عقوبات منافية للدستور.ويضيف أن الجلد امام الناس يكون في جرائم الحدود لا جرائم التعزير ويجب أن تكون الجلدات وفق الحد المعروف «40» أو «80» أو «100»، ينفذها شخص واحد حتى لا يخطأ في العدد ولا تكون العقوبة عشوائية. القانون واضح الاستاذ بدر الدين عثمان المحامى يقول تنص المادة [154] (يعد مرتكباً جريمة ممارسة الدعارة ، من يوجد فى محل للدعارة بحيث يحتمل أن يقوم بممارسة افعال جنسية او يكتسب من ممارستها ، ويعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة أو بالسجن مدة لا تجاوز ثلاث سنوات.)ويقصد بمحل الدعارة ، اى مكان معد لاجتماع رجال ونساء او رجال ونساء لا تقوم بينهم علاقات زوجية او صلات قربى وفى ظروف يرجح فيها حدوث ممارسات جنسية.اما المادة [155] ادارة محل للدعارة من يقوم بادارة محل للدعارة او يؤجر محلا او يسمح باستخدامه وهو يعلم بأنه سيتخذ محلا للدعارة، يعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة وبالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات كما يجوز الحكم باغلاق المحل او مصادرته.من يدان للمرة الثانية بموجب احكام البند:يعاقب بالجلد بما لا يجاوز مائة جلدة وبالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات مع مصادرة المحل. في حالة ادانة الجاني للمرة الثالثة ، يعاقب بالاعدام او السجن المؤبد مع مصادرة المحل. في جمبع الحالات لا يحكم بالمصادرة الا اذا كان الجاني هو المالك للمحل او كان المالك عالماً باستخدامه لذلك الغرض