بالمنطق حين بكى الإمام..!!! صلاح عووضة ٭ نهار الجمعة - الأول من أمس - أعلنت الإنقاذ تمسكها بالشريعة خلال الاحتفال بافتتاح جسر الحلفايا.. ٭ ونهار الجمعة نفسه أعلن إمام مسجدٍ بالخرطوم عدم تمسك الانقاذ بالشريعة خلال خطبة الجمعة.. ٭ وبعض الذي عاب الإنقاذ عليه هذا الإمام كان ظاهراً - يومذاك - مثل ظهور جسر الحلفايا المُحتفى به.. ٭ فقد أبت الإنقاذ إلا أن تُبدي وجهاً من وجوه صرفها البذخي في اليوم ذاته الذي بكى فيه إمام مسجد المصطفى بحي يثرب.. ٭ وأبت أن تُبدي ذلك أيضاً إلا بعد أيام قليلة من تبشيرها الناس بتقشّفٍ من تلقائها وترشيدٍ للإنفاق الحكومي.. ٭ ثم أبت أخيراً - إلا أن تُبدي ذلك عقب إعلانها زيادات في أسعار السلع الضرورية بسبب ضائقة اقتصادية قالت إن البلاد تعيشها كأثرٍ سلبي من آثار الانفصال المرتقب.. ٭ فكأنما لم تكن هنالك سياسة تقشف لم يجفّ بعد المداد الذي كُتبت به.. ٭ وكأنما لم يكن هنالك إعلان عن الحدِّ من الإنفاق الحكومي لم يتلاشَ بعد صداه.. ٭ وكأنما لم يكن هنالك وعدٌ بالتنازل عن السيارات الحكومية - من تلقاء نفرٍ من الوزراء - لم ينضب بعد معين التعليقات الصحفية عليه.. ٭ فالإنقاذ أثبتت (نهاراً) - (نهار) الجمعة تلك - أنها تقول ما لا تقوى على تنفيذه.. ٭ فقد ذبحت ما يليها من قرارات تقشُّفية عند أعتاب جسر الحلفايا، بينما قراراتها الماثلة التي تلي الشعب باشرت (الذبح!!) منذ لحظة الإعلان عنها.. ٭ فالذي بيده القلم - حسب المثل الشعبي - لا يكتب نفسه (متقشِّفاً).. ٭ فقد (عُبِّيء) الموالون ب(الشيء الفلاني) ثم (أُفرغوا!!) عند الجسر.. ٭ و(جُمِعت!!) اللافتات والشعارات والسرادقات- و(الشئ الفلاني) ثم (فُرِدت!!) عند الجسر.. ٭ (حُشِر) أفراد الحماية والتأمين والخدمات ب(الشيء الفلاني!!) ثم (نُشِروا) عند الجسر.. ٭ وأمام مظاهر الصرف البذخي تلك كلها وقفت الإنقاذ تخطب في الناس مُذكِّرةً إياهم بالشريعة.. ٭ وفي اليوم نفسه كان فتح العليم عبد الحي - إمام مسجد المصطفى - يقف أمام المصلين مذكِّراً إياهم بالشريعة.. ٭ ويبقى الفرق بين التذكيرين هذين أن الأول ذو (إيقاع!!) والثاني ذو (أوجاع!!).. ٭ فبينما كانت الانقاذ تطرب لشعارات تُبشِّر بمزيدٍ من التمسُّك بالشريعة، كان إمام مسجد يثرب ينتحب من شدة البكاء على تطبيقٍ للشريعة يسمع به ولا يراه.. ٭ كان يبكي ويقول إن التقشف يجب أن يبدأ بالذين هم (فوق!!!).. ٭ وكان يبكي وينتقد ظاهرة التطاول في البنيان على حساب شعب لا يجد قوت يومه.. ٭ وكان يبكي ويهاجم قرارات زيادة الأسعار في ظل أوضاع هي أصلاً قاسية.. ٭ وكان يبكي ويقارن بين اليخت الرئاسي وشمعة عمر بن عبد العزيز.. ٭ ثم أخيراً غلبه البكاء وعجز عن مواصلة الخطبة.. ٭ وعجز كذلك عن إمامة الناس في الصلاة.. ٭ وأناب عنه في ذلك أحد المصلين.. ٭ وبفعله هذا يثبت لنا إمام مسجد المصطفى أن ليس جميعهم سواء؛ علماء الدين في زماننا هذا.. ٭ ليسوا كلهم علماء (سلطان!!).. ٭ فحين كان يبكي فتح العليم خوفاً من الله أن يؤاخذنا بما فعل (البعض) منا.. ٭ واشفاقاً على الناس أن يُحَّملوا ما لا طاقة لهم به.. ٭ وغضباً من الحكومة أن لا تراعي الله في رعيتها.. ٭ حين كان (يبكي!!) فتح العليم للأسباب هذه كانت الحكومة (تبتهج!!) - ب(بذخ!!) - عند جسر الحلفايا.. ٭ وحين كان (ينتحب!!) على شريعة (ضائعة!!) كانت الإنقاذ تُبشِّر الناس - هناك - بأن الشريعة (باقية!!).. ٭ وحين كان (يترجَّل!!) من منبره عجزاً عن إمامة الناس في (الصلاة) كان صدى صيحات (الصلاة على النبي) مازال يتردد في الأجواء عقب (إعتلاء) نواب البرلمان منابرهم ليُجيزوا زيادة الأسعار.. ٭ وتُخطئ الحكومة إن ظنت أنها بمنأى عن الخطر مادامت المعارضة - حسب ظنها - عاجزة.. ٭ فنميري كان يظن الظن نفسه فأتاه الخطر من حيث لم يحتسب.. ٭ من حيث لم يحتسب هو، ومدير شرطته، ومدير جهاز أمنه.. ٭ فقد أتى الخطر على نظامه من الشارع.. ٭ وكانت الإنتفاضة عقب (استهزاء!!) بالناس بلغ (قمته!!) في خطاب للنميري طار بعده إلى أمريكا.. ٭ استهزاءٌ مثل استهزاء الإنقاذ هذا.. ٭ وفُوجئ المايويون بحشودٍ غير التي كانت (تُحشد!!) لرئيسهم ليخاطبها.. ٭ أو ربما كانت هذه (في) تلك.. ٭ ونُسبت شرارة الثورة إلى (الشماشة!!!!).. ٭ ثم بكى (الإمام!!!).. الصحافة