منبر الخال..واسحق..وتهشيم الصورة.. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] الرئيس الراحل جعفر محمد نميري..وعندما ذهب الي امريكا في رحلته الأخيرة كحاكم للسودان .. وبما ان الأمريكان كانوا قد ( رموا طوبته ) بعيدا بعد ان تأكدوا من انتهاء صلاحيته وتعبيرا عن عدم رغبتهم في الأخذ والعطاء معه..تقول النكتة انهم ادخلوه الي غرفة بها جهاز كمبيوتر عالي التقنية بمقاييس ذلك الزمن وقالوا له .. هذا الجهاز سيجيبك علي كل تساؤلاتك بالانابة عنا كحكومة أمريكية.. وارشدوه لكيفية الآستخدام.. وبما انه كان لايزال يتلبسه دور الامام الراشد.. قال فلنبدأ بابائنا من الخلفاء الراشدين .. فكتب ..السؤال التالي للجهاز .. هو أحد الخلفاء الراشين كرم الله وجهه..ا بن عم النبي صلي الله عليه وسلم .. وزوج ا بنته فاطمة .. فاوصفه بايجاز؟ فاجابه الجهاز علي الفور .. هو( امام عادل..) فانفتحت شهية نميري وقال علي كده احسن ندخل في الموضوع مباشرة.. فسأل الجهاز.. السؤال الاتي.. هو امام المسلمين في جمهورية السودان الديمقراطية.. حكم بكتاب الله ..وطبق الشريعة لصون المجتمع من الرذيلة..واقام الحدود سدا لذرائع الفساد.. فمن هو.. فعلا صوت الجهاز وتصاعد منه الدخان وكاد ان يحترق وبعد بضع دقائق من الحيرة.. ارسل الاجابة الي السائل وكانت.... ( هو ..عادل امام ).. تذكرت هذه النكتة القديمة وانا اشاهد بالأمس حلقة اخري من برنامج الأستاذ الطاهر حسن التوم ..حتي تكتمل الصورة.. وكان ضيوفها يشكلون اطيافا من المجتمع المثقف سياسيا من منطلق المهنة والممارسة معا.. فكان الدكتور .. فانوس.. الأكاديمي في مجال العلوم السياسية والمتفقه دستوريا والمحلل الدائم الحضور في الساحة..والاستاذ/ فيصل محمد صالح الصحفي المعروف بتبنيه للمنهج الليبرالي العلماني..والاستاذ/ ضياء الدين بلال والذي فرض نفسه علي الشاشة أخيرا بجدارة واثبت حقا وسطية نهجه الوطني المتوازن بين موقفه كمواطن ..ووضعيته كمحلل صحفي موجود تماما في قلب الصورة.. ثم الأستاذ/ اسحق احمد فضل وهو علم علي قلمه نار ضد وحدة السودان ومن المعروفين بمنهج المصادمة والمهاجمة علي صفحات الصحف .. بيد ان المشاهدين لم يألفوه محاورا بذلك الهدؤء الذي ظهر به وسط المجموعة بغض النظر عن مخالفته لجميع من كانوا معه في كل مجريات وتشعب المحاور..حتي لايقال انني أو د التحامل علي الرجل..فانا شخصيا قد فوجئت بطريقه كلامه التي لم تجنح كثيرا الي التجريح أو لغة التعالي التي ظهر بها الخال الرئاسي ومن ذات البرنامج وهو ما تعرضنا له في مقال سابق.. بل وقد قال اسحق مستظرفا انه لن يستخدم أمثلة نابية لان الحلقة علي الهواء....فضحك الطاهر وقال له هذا احسن.. وفيما كان الدكتور فانوس ..يحلل بمنطق المراقب والأكاديمي والفاحص الدستوري .. اذ قال في اجابته علي اسئلة المحاور .. ان الحركة الشعبية لابد لها من ان تنتقل من الآجواء الاحتفائية سريعا في حالة الانفصال وتتحول الي قوة سياسية مسئولة عن كل الجنوب والجنوبيين وبخطة واعية مستقبلية للتعاون مع الشمال لان في ذلك ضمانا لامن البلدين ونمو اقتصادهما وتعايش مجتمعاتهما ..وبالمقابل علي المؤتمر الوطني ان ينهج اسلوبا متسامحا في حكمه للشمال يوجه العدالة نحو الريف و المناطق المهمشة.. و قال في رد علي سؤال حول مستقبل ابيي ذاكرا ثلاثة سيناريوهات ... الحرب .. أو اتفاق ثنائي بين القبائل المتداخلة .. أو ان يبيع طرف من ألاطراف الجهة الموالية له تسوية لصالح الخصم .مقابل تنازلات معينة. وهذا حسب ما يري هو السيناريو المرجح.. ولعل فيصل و ضياء قد كانا متفقين برؤية موحدة حول وجوب حماية المؤتمر الوطني لحكمه ولكيانه في الفترة المقبلة ..بمزيد من الحريات..وتوسيع مساحات المشاركة.. والنأي عن سياسة الوعيد والتهديد والأقصاء .. فالتقط اسحق الخيط وقال ان تراجع الحس الوطني في الانسان السوداني قد شده الي كنف القبيلة مرة اخري ضاربا المثل بمشكلة دارفور ودوافعها ..وقال ان ذلك حتم بالضرورة جعل الدين اطارا لاحتواء تفكك الدولة والمجتمع بغرض الحماية دون انتقاص لحق من اراد ان يتحرك في هذه الدائرة..فجادله فيصل با ن علي الاسلام السياسي ان يحدد رؤية لاقناع المسلمين بوحدته هو في حد ذاته وسأل اسحق عن أ ي المناهج نتبع ..طالبان أم ايران أم اي نهج؟ولعل واحدة من النقاط المفصلية في الحوار الثر كانت..هي مستقبل قطاع الشمال بالحركة الشعبية وعلاقته بالوطن الأم بعد الأنفصال.. وكذلك حزب الطيب واسحق ( ..السلام العادل.).فتمسك اسحق بضرورة حظر قطاع الشمال بل و بمحاكمة اعضائه بتهمة الخيانة العظمي .. فيما ارتبك ردا علي سؤال حول انتهاء دور منبرهم ايضا مع اعلان الانفصال.. وقال اسحق انه لا يقبل المقارنة .. ولو كنت من الحاضرين لقلت له ايضا ..طيب لو ان ربنا سبحانه وتعالي استجاب لدعوة الفقهاء الذين حرموا الانفصال والاستفتاء حتي في حد ذاته وألهم الجنوبين اختيار الوحدة وهو علي كل شيء قدير وحدثت المعجزة ..الا يحق للشعب السوداني تقديمكم انتم أصحاب المنبر العنصري الداعي لفصل الشمال عن الجنوب وتفتيت الوطن و ما تبقي من مواطنيه بالفتنة واثارة النعرات..بتهمة ربما يتطأطي الخيانة والشيطان نفسه راسيهما خجلا من نتانتها؟ ولكن الدكتور فانوس..حسم الجدل في هذه النقطة اذ قال ان الدستور بالطبع يمنع أي حزب اجنبي ان يكون له فرع داخل السودان..ولكنه في ذات الوقت وباعتبار قطاع الشمال هم مواطنون سودانيون فيمكنهم ان يتحصلوا علي توقيع خمسمائة مواطن ويتقدمون للسلطة المختصة وباسم مختلف وبرنامج سياسي وطني ويمكن النظر في طلبهم والموافقة عليه اذا ما كان مستوفيا للشروط اللازمة.. ولعل الوقت قد أدرك مقدم البرنامج الشيق والمفيد في معالجة قضايا الساعة مما استوجب التوقف عند مس قضية أبيي عرضا كبداية لحلقة اليوم التالي..والتي ان اتيحت لي الفرصة بمتابعتها ولمست فيها ما يمكن تلخيصه لتعميم الفائدة فانني اعد بالكتابة عنها ان أمد الله في الأعمار.. الأ انني وددت ان أ توقف قليلا عند النهج الغريب الذي يروج له ما يسمي زورا وبهتانا ..منبر السلام العادل .. وهو اسم مناقض لمنهج هذا المنبر علي الأرض قولا وفعلا.. ففي الوقت الذي يتواري الناس خجلا عن رؤية مساحة من الأرض وهي تحمل علي ظهرها بشرا وتاريخا ودما مشتركا ..تاركين حزنا علي غصة الناس المنكوبين في سلطة تتحداهم في هذا المفترق باضافة احمال علي ظهورهم المثقلة اصلا بأعباء المعيشة والخدمات التي رفعت عنها الدولة يدها.. نجد ان الموتورين من اتباع هذا المنبر يخرجون وهم يسيلون دماء الفتنة وان سالت من البهائم التي نحروها ابتهاجا بخيبة سلامهم وعدالتهم المفترى عليهما فان لون تلك الدماء كان من الممكن ان يهيج مشاعر اناس اخرين وقفت السلطات سدا منيعا امام زحفهم فيما تغاضت عن أهل الفتنة في اشعال شرارتهم البغيضة تلك .. وهو مسلك من سلطات الأمن يؤكد الحقيقة التي تقول ان هذا المنبر ما هو الا واحدة من حلقات المؤتمر الوطني .. بل وربما يحتل اقصي اليمين المتشدد فيه علي راي ضياء الدين الذي توقع ذلك مستقبلا في ذات الحلقة.. ولعل ذلك ما جعلني أستفتتح هذا المقال بنكتة عدالة نميري التي سخر منها حتي الحاسوب الذي لم يجد وصفا للتعبير عنها بان النميري ممثل كبير بحجم الفنان عادل امام الذي نكن له الأحترام في تجويد عمله وقد أدخله الي قلوب الناس من كل مساحات العيون..وفضاءات السمع.. فاستخدام المفردات ليس كافيا بالطبع لتأصيل المعاني والمضامين..ولا ينبغي ان يبلغ بنا الأستهتار لوضع الكلمات السامية في غير مكانها. فمسمي السلام العادل .. احسبه قد اطلق زورا وبهتاناعلي المنبر الذي كان من المفترض علي قادته ان يطلقوا عليه بكل شجاعة أ سما مطابقا لافكاره وتصرفاته علي الساحة السياسية..الا اذا كان ذلك تحايلا علي قانون الأحزاب الذي قد يرفض اسما للحزب يكون ( المنبر العنصري الآنفصالي العروبي الاسلامي )..علي سبيل المثال ..أو ان صلة المنبر القوية والأصيلة بنظام الأنقاذ المسالم والعادل هو الذي يدفع سدنة المنبر الي اتباع ذلك الأسلوب العنتري المصادم والمتحدي للشعور العام باسم ديمقراطية زائفة وحرية جوفاء هي بالنسبة لهم وسيلة وليست غاية .. اذ يزكون انفسهم للبقاء في ساحة الشمال المتبقي غدا.. فيما ينكرونه علي الأخرين والكل في نظر الدستور المفترض والقانون الذي يحكم علاقة المواطنين بالوطن سواسية دون فوارق الفكر والعرق و الدين والجهوية.وحرية التعبير والراي!! ولعلنا في الختام ونحن نشيد بجرأة الطاهر وبرنامجة الشجاع في محاولة تعرية الواقع المرير علي ساحتنا المضطربة سياسيا .. تحسبا لمنع تصادمها اجتماعيا با ستضافة المفكرين والمحللين من الكتاب والصحفيين وخبراء السياسة والقانون الأكاديمين والناصحين.. والذين يكمل وجودهم علي مختلف توجهاتهم الصورة علي الشاشة ..فاننا لانستنكر ابدا حتي وجود من يهشمون تلك الصورة لان في ذلك هو ايضا تعرية لهم أمام راي عام سقطت عن اعينه عصابات التعتيم نوعا ما.. وان كان قبلا يميز بوعيه المستشرف و فكره الثاقب بين الغث والثمين .. حتي وهو مغمض العينين..ولنا ان تطلب الأمر..عودة.. باذن الله المستعان..وهو من وراء القصد..