ديمقراطية الكيزان ... من الامارات... زمان.. الي السودان ... الآن... محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] عقب نضوج انتفاضة ابريل 1985 خالصة علي تنور الشارع السوداني الملتهب .. استلمها جماعة الجبهة الاسلامية وهي سخنة مباشرة من باب الفرن علي طاولة مجلس سوار الدهب العسكري..وعاثوا فيها تقسيما علي اطباق اجندتهم .. ووزعوا قوانينها الآنتخابية بما تشتهي انفسهم الجاهزة والمفتوحة .. فيما كانت بقية القوي السياسية تعاني من قرحة المعدة التي لازمها الصيام القسري بعيدا عن موائد التعاطي.. بين حزبين كبيرين فقدا بوصلة الوجهة السليمة اذ أحرقتهما في الطريق الطويل رمضاء المشوار الذي ساروه حفاة في شتات الجهود الذي لم يخلو ايضا من وقوع بعض قادتهم في احضان مايو..او فشل البعض في غزواته لاسقاط النظام.. وبين يسار أعرج كان لازال يتوكأ علي عصي كسوره التي خرج بها من ملعب مايو.. فيما كان الكيزان قد تحكروا في وسط النظام علي مدي السبع سنوات الأخيرة من عمره الهالك.. استولوا فيها علي مقابض الأبواب التي دلفوا منها الي المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والدستورية والطلابية والنقابية بكل فروعها الصناعية والزراعية.. وقد غيبوا قائد النظام في سكرة الخلافة أو الامامة الخدعة ودفعوه لاستحلاب كراهية الشعب بانتهاج قوانين شريعة سبتمبر البغيضة.. وكاد ان يفتك بهم حينما اكتشف استغفالهم له .. ولكن قدر الشعب السوداني ان حظه لم يكتمل اذ.. ذهب ..الذي كان الجلد فيما بقيت الأفعي وقد لبست عباءة الذي شارك في الانتفاضة نضالا بحبس لم يتجاوز الشهر في سجون شالا وغيرها.. المهم ذلك تاريخ ربما هو ماثل كالغصة في حلق الوطن لاسيما وانهم اي الكيزان قد جيروا ذلك الآنتصار لصالحهم باللعب في اوراق الفترة الانتقالية. وفق ما ذكرنا فحققوا . عددا من المقاعد في برلمان ( 1986 ) قدره (52 ) كرسيا برلمانيا رغم انه أكثر مما كانوا يستحقون باضعاف لو ان المجلس العسكري كان امينا ومحايدا في الاشراف علي قانون الانتخابات وتقسيم دوائرها لاسيما دوائر الخريجين.. ..وبرغم كل ذلك فان هذا العدد النيابي.. كان صدمة بالنسبة لجماعة الجبهة التي كانت تؤمل باكتساح الأغلبية العظمي ظنا منها ان نسيج الاحزاب الطائفية قد جف في جسد الوطن الذي توهموا انهم زرعوا فيه نسجيا جديدا سقوه من انهار ايدلوجيتهم وفكرهم العقيمة.. ..وحيال خيبة املهم تلك في الديمقراطية التي فصلوها بمقصاتهم الثلمة علي مقاسهم وبماكينة عجلتهم.. وشغفهم علي ديمومة الحكم باي وسيلة و التي لا يستيطعون كعادتهم الصبرعلي نتائج الحياكة الجيدة .لدثارها.. فقد بدءوا وقبل مدة من خلال فترة الديمقراطية الثالثة في الاعداد لكارثة انقلابهم المشئومة. .. واليكم باقي الحكاية ..ومن واقع مشاهدات و مداخلات ومناكفات شخصية مع قادتهم في هذا الصدد.. فحينما اصبحت اتفاقية الميرغني قرنق قد قطعت شوطا وكانت تشكل رؤية متكاملة لوضع السلاح ارضا في الجنوب وأعدت مكانس تنظيف قوانين سبتمبر في طيات بنودها..وحيال ضعف حكومات السيد/ الصادق في ادارة ازمات البلاد وتخبطه في تحالفات هشة وائتلافات متهالكة شاركت في جانب منها الجبهة الاسلامية..التي فقدت ثقتها فيه كحليف يمكنه حمايتها.. وقوانيها المارقة علي شرع الله.. فقد خشي جماعتها علي ان يتفكك حصان طروادة الذي اعدوه لمستقبلهم السياسي والمتمثل في بقية الضحك بقوانين سبتمبر علي عقول الناس مجددا باعتبارها نواة لشريعة هم متمسكون بها.. لذا فقد جيشوا الوفود لمخاطبه قواعدهم في الاقاليم و بلاد المغتربين الذين كانوا يشكلون الظهر القوي لحمل اقتصاد البلاد الكسيح وهي تخطو فوق جراحاتها نحو الخروج من ازمتها انذاك ظنا من المغتربين ان البلاد تعيش بترياق ديمقراطي ولو كان يسيرا فانه قد يقودها الي المعافاة من عللها ويضمن لها المناعة من اية انتكاسات تعيدنا الي انقلابات ظنوا ان بلادنا قد ودعتها الي غير رجعة.. فجاءنا في دولة الامارات العربية المتحدة وفدان في فترات متقاربة .. الأول قادة الراحل الشيخ/ محمد حامد التكينة عضو البرلمان عن الجبهة وقتها واجتمع بافراد الجالية هنا وهناك. وقد رمي بكرة اليأس من ديمقراطية وصف رئيس وزرائها بان خبره كان اسوأ من مبتداه .. ثم استنكف الفائدة من برلمان قال ان قبته اعادت اليهم أمثال الراحل / عزالين علي عامر وجماعته في اشارة للشيوعيين طبعا.. ثم كان الوفد الثاني يضم الأستاذين / احمد عبد الرحمن ومهدي ابراهيم.. ووسط جمع من انصارهما بدار الجالية بمدينة العين .. قال الأول اننا نعيش ديمقراطية ربما ستعيد هوي جماعة ( الويسكي والكونياك )!! فيما نوه الثاني الي ان نوابهم الأثنين وخمسين .. مهددون بالطرد وسط هيمنة قوي الطائفية ومن والاها من الأحزاب الممثلة في البرلمان... وقد طلبت منه الكلمة فسمح لي مهدي ابراهيم ظنا منه انني من جماعتهم وساتحدث في ذات المنحي الذي يروق لهم.. فقلت له مباشرة.... انتم الأن ...... ينطبق عليكم المثل القائل..( التسوي كريت في القرض تلقا في جلدا ) الستم من تحالفوا مع ذات الأحزاب وطردتم نوابا بغض النظر عن فكرهم انهم ارتضوا الدخول في النظام التعددي خلافا لرغبة قبلتهم الايدلوجية .. ثم انتخبتهم صفوة الناخبين السودانيين من نخب الخريجين .. واليوم تخافون من ذات المصير ..الا يشكل ذلك سؤالا محيرا ؟ أجابني وقد فاجأه السؤال المارق عن ندوتهم.. نحن طردنا الشيوعيين لانهم غير ديمقراطيين اصلا .. وبالطبع كان الجواب الصحيح علي سؤالي قد جاء في بيانهم الأول في 30/6/..1989..أما الأن وقد حصدنا حصيلة واحد وعشرين عاما من ديمقراطيتهم التي يؤمنون بها قولا وعملا فانني ارد الجواب للسيد/ مهدي ابراهيم.. ولعلي احسن الظن في انه من حمائم المؤتمر الوطني ان كان قفص صقوره يتسع لهم أو ان كان فيه اصلا حمائم..وأدعوه ان يعيد تذكر تلك الأيام مرورا بكل سنوات الاخفاق والتخبط والفساد.. والغلاء .. وانهيار العملة.وتدهور خدمات المواطن وانعدامها وديمقراطية الآنقسامات بينهم كاسلامين ونتائج مكايداتهم في دارفور لبعضهم ومغانم ديمقراطية الجهاد في الجنوب..وفتحهم العظيم الي ان اوصلوا البلاد الي دولتين ..وبقية اسمال ثوبها الواهن تتجاذبها الآطراف التي شققها برد التهميش .. وزاد من رعبها دعاة التعنصر والأستعلاء.. وركب علي قداسة محراب مساجدها.. علماء السلطان. الذين افتوا في السياسة أكثر مما اشتغلوا بأمر التكاليف الشرعية.. ورئيسها يؤكد الأصرار علي اعادة قوانين سبتمبر في محاولة للتحصن من جديد بها( كحصان طروادة..ذاك القديم ) الذي تأكلت اخشابه..وصدئت مساميره ولم يعد صا لحا لحمل النظام .. وحمايته .. ورحم الله الخليفة / عمر بن عبد العزيز .. حينما طلب منه احد ولاته الأذن باقامة سور لتحصين ..ولايته... فرد عليه عمر ..حصنها واحمها بالعدل .. فشتان بين ذاك العمر الراشد .. وعمر مطارد يود حماية ..حكمة في بقية دولة متناقصة ..باشلاء التقطيع وجماجم ضحايا سيافيه .. وأجساد النساء اللائي عاب عليهن عدم ( الركزة ) لسياط عدالته المتفردة.. فندعوه هو الأخر ان ينظر شمالا الي تونس التي أحالتها دماء الغضب الي.. شلالات هائجة... حمراء و كان حكامها يظنون انها ستدوم لهم خضراء .مستسلمة.. في خنوع أبدي .... والدوام لله وحده . ربنا... المستعان ..وهو من وراء القصد..