إليكم الطاهر ساتي بالمناسبة : بيت الأزهري ده حق منو ..؟ ** صبرا قليلا يا صديق ، فلايدهشك عنوان الزاوية وما به من إستفهام .. فالجمعة الفائتة، سألت نفسي ذاك السؤال أثناء مروري بجوار البيت المشار إليه في العنوان أعلاه .. و ربما جاء بالسؤال إلي خاطري نبأ توشيح جدران ذاك البيت باللون الأسود حزنا على إنفصال الجنوب، أو هكذا أراد البعض التعبير عن حزنهم .. نعم، تلك وسيلة تعبير مشروعة وحضارية، لاغبار عليها، وكذلك الحدث يستدعي الحزن، ولاخلاف على ذلك أيضا.. فقط ثمة أسئلة أرقت ذهني أمام نبأ توشيح بيت الأزهري باللون الأسود، وهي أسئلة جذورها راسخة في عمق تاريخنا الوطني .. وكماتعلمون، من يتجاوز تاريخ وطنه بغير أن يتعظ من وقائعه لا يستطيع أن يصنع حاضرا مشرقا ولايستطيع عن يخطط لمستقبل زاه، ولذلك فقط لاغير طرحت على نفسي أسئلة من شاكلة : ماذا قدم الأزهري وحزبه وحكومته من فكر وبرنامج ساهم على وحدة السودان ؟..وهل كانت سياسة حكومة الأزهري مثالية بحيث كانت الوحدة جاذبة آنذاك ؟..وهل كان الجنوب - شعبا ونخبا - راضيا عن نهج حكومة الأزهري ؟..تلك هي الأسئلة التي أرقت ذهني أمام خبر توشيح جداران منزل الزعيم باللون الأسود ..!! ** نعم، تلك أسئلة مؤلمة وإجاباتها- للأسف - هي الآلام ذاتها.. إذ ليس من العقل أن نتجاهل بأن بذرة التمرد على نهج الخرطوم غرست ذاتها في أرض الجنوب في أغسطس العام 1955،عندما كان الأزهري رئيسا لوزراء البلاد، (1953 - 1957)، وكان يسمى ماقبل الإستقلال بالحكم الذاتي وما بعد الإستقلال بالحكم الوطني..نعم من الجهل إسقاط تلك المعلومة من ذاكرة التاريخ، وكذلك معلومة أخرى موثقة في ذات الذاكرة تفيد بأن حكومة الأزهري وعدت ساسة الجنوب قبل الإستقلال بالفيدرالية ثم قلبت لهم ظهر المجن وأخلفت وعدها بعد الإستقلال رغم توسلات ورجاءات نواب الجنوب بالبرلمان..ثم ثالثة الأثافي، الموثقة في ذاكرة التاريخ أيضا بأن حكومة الأزهري الثانية، والتي ورثت ثورة أكتوبر( 1867- 1969 )، لم يكن نظامها الرئاسي محتكرا لأي زعيم سياسي حسب الدستور، بل كانت الرئاسة دورية بين زعماء مجلس السيادة، ولكن حزب الأزهري بالتحالف مع قوى صديقة تآمر على الدستور، فأحتكر الأزهري رئاسة مجلس السيادة.. !! ** وبهذا الإحتكار حرم الأزهري الجنوب من حق رئاسة ذاك المجلس السيادي ، رغم أنف هتاف الشارع : ( أبو الزهور خرق الدستور).. والزعيم الأزهري عهدئذ لم يحرق الدستور فقط،، بل حرق حق أن يحكم السودان (زعيم جنوبي ).. وكذلك رسخ الأزهري أحادية النهج الحاكم بالخرطوم بإقصائه لأي نهج يلم شمل ثقافات وأفكار أهل السودان في بوتقة وطنية،وهو القائل ذات اليوم وهو في قمة الهرم الرئاسي قولا معناه : إذا لم يجز البرلمان هذا الميثاق الإسلامي، سأهتف ضده في الشارع مع الجماهير..هكذا كان يناهض نهج الأزهري حلم تشكيل دولة التنوع الثقافي، وكان طبيعيا أن يتمرد الجنوب - ثقافة وفكرا ونخبا - عن تلكما ( الأحادية والإقصائية )، منذ ذاك العهد إلي يوم الإستفتاء هذا .. تلك علاقة نهج الأزهري بالجنوب - شعبا ونخبا وثقافة وفكرا- كما وثقتها وقائع التاريخ ذات الذاكرة التى لاتنسى ولا تتانسى مثقال ذرة من أي موقف في أية قضية، وهو نهج لايختلف عن نهج زعماء اليوم في كثير شئ، ولذلك تساءلت عن سر حزن جدران بيته وتوشحها باللون الأسود حين ينفصل الجنوب..أي، ماذا التباكي وإدعاء الحزن ثم التوشح بالأسود ..؟ ** على كل حال، ما سبق رغم أهميته ليس بمربط فرس زاوية اليوم ذات السؤال : بيت الأزهري ده حق منو؟..ومن هنا يجب أن نعكس ونحفظ الوجه المشرق للزعيم الأزهري، بحيث لم ولن ننسى بأنه رمز الإستقلال الوطني ومحرر البلاد من قيود الإستعمار.. ولذلك، بالتنسيق والتعاون مع أسرته الكريمة، آن الأوان بتحويل بيت الزعيم من بيت أسرة الأزهري إلى بيت كل أهل السودان وأصدقائهم ومعارفهم وزوارهم..نعم، فليصبح متحفا تحف إليه خطى السواح الأجانب وكذلك قلوب ومشاعر أبناء شعبنا، وبهذا نكون قد بادلنا عطاء الزعيم ببعض الوفاء ..أوهكذا تفعل الدول التي تحتفي بإرث وآثار رجالها الذين سطروا سيرتهم الوطنية بأحرف من نور الصدق والإخلاص في دفاتر التاريخ .. بمعنى، منزل صانع إستقلال بلادي يجب أن يكون ملكا لأهل بلادي، وسوحا هم يرتادونها على مدار اليوم والساعة ليستنشقوا فيها عبق الإستقلال وذكرى صانعه.. أها، شن قولكم .؟ ........... نقلا عن السوداني