إليكم الطاهر ساتي تحزبك الأعمى طريقك إلى ..( جمود عقلك ) ..!! ** المهندس أحمد عبد الحليم، وطني غيور و إتحادي عريق، وزميل رشيق الحرف بالتيار، ومن الحالمين بوحدة وادي النيل، ولكن لا أدري إن كان يحلم بوحدة الوادي على أسس جديدة أم بذات الأسس التي كان فيها التاج الملكي جاثما على صدر الشعبين ؟.. إن كانت وحدة على أسس جديدة، بحيث يختار فيها الشعبين برلمانين منتخبين - بمنتهى النزاهة والديمقراطية- ليختارا وحدة الوادي ، فأهلا بها وسهلا، لامع مصر فقط، ولكن مع كل دول حوض النيل.. أما غير ذلك، أي ما لم تتوفر الديمقراطية أولا، فلا والف لا للوحدة وادي النيل، ويجب أن يصطلي كل شعب - بعيدا عن الأخر- بلظى واقعه حتى يتحرر منه بإرادته وعزيمته .. المهم، ده ما موضوعنا ..!! ** أحمد لم ترضه زاوية البارحة، والتي كانت من فقرتين.. إحداها تساءلت عن سر توشيح جدران بيت الأزهري باللون الأسود حزنا على فراق الجنوب ، وتساؤلي إستمدت إستفهاماتها من وقائع تاريخية غير قابلة للنفي، ومنها : أن بذرة التمرد غرست ذاتها في أرض الجنوب في عهد حكومة الأزهري، وكذلك تم خداع نواب الجنوب في عهد حكومة الأزهري وذلك برفض الكونفدرالية للجنوب بعد الإستقلال، وكانوا قد وعدوهم بها قبل الإستقلال ، ثم الطامة الكبرى : الخرق الذي حدث للدستور في حكومة مجلس السيادة التى تزعهما الأزهري أضاع على ساسة الجنوب فرصة حكم السودان .. تلك وقائع تاريخية، موثقة في ذاكرة تاريخنا الوطني، وكذلك في ذاكرة أحمد ذاتها، فلم الغضب والحزن حين نجترها أمام حدث توشيح جدران منزل الأزهري باللون الأسود ؟.. ليس هناك مايحزن أويغضب غير التحزب الأعمى .. حمانا الله وإياكم منه .. !! ** فالتحزب الأعمى لايعمى العقول فحسب، بل يجمل الأخطاء في العيون أيضا أو يوشحها بلوني التجاهل والتناسي، وللأسف كل بؤس حاضرنا هذا يستمد بؤسه من صفتي ( تجاهل التجارب وتناسي مراراتها ).. ولذلك، ليس في الأمر عجب أن نعيد إنتاج الفشل في كل عهد، منذ نصف قرن وإلي يوم الإنشطار هذا.. ستذهب حكومة الإنقاذ يوما ما بين لليلة وضحاها بأمر كن الرباني الذي جاء بها، ولكن لن يبارح الفشل سوح حياتنا العامة ما لم نجتر التجارب السابقة وننقحها بالنقد والتصويب بحيث يكون المستقبل أفضل و( بكرة أحلى ).. ولوتخندق كل ذي حزب في حزبه مدافعا عن أخطاء سادته وكوارث قادته فلن ينصلح الحال ولو إمتلأ البرلمان بنصف الشعب والقصر الرئاسي بالنصف الآخر..فالديمقراطية الصادقة - ياعزيزي أحمد - ليست هي فقط أن يقول المرء: أخطأت ياعمر ؟..لاما هكذا، فهذا أمر سهل ولايكلف المرء كثير جهد ذهني ، ولكن الديمقراطية الصادقة هي أن يقول المرء بكل نزاهة : أخطأت أنا في كذا وأخطأ حزبي في كذا وأخطأ زعيم حزبي في كذا وأخطأ ذاك الحزب في كذا وذاك الزعيم في كذا.. إذ بتجميع هذه الأخطاء ووضعها في مائد النقد والتصويب - بلامحاباة أوتحزب أعمى - قد يثمر المستقبل خيرا وإصلاحا لحياة الناس والبلد..هكذا نقد الوعي لأمور الحياة العامة، فلايكن نقدك - كما عقل الإنسان الألي - ( إتجاه واحد ) ..علما بأن تلك الحقائق التاريخية لاتبرئ حكومة الإنقاذ عما يحدث للجنوب حاليا، لا فالإنقاذ سمدت ثم روت تلك البذرة بنهجها الأحادي وسياستها الإقصائية وهوسها المتطرف ، فنمت البذرة وصارت شجرة ثم أثمرت الشجرة كل هذه الغبائن ، فحصد الشعب - شمالا وجنوب - هذا المصير المؤلم .. !! ** أما مقترح تحويل منزل الزعيم الأزهري إلى متحف قومي - كما متاحف ناصر والسادات ومحمد نجيب بمصر، ومتحف عمر المختار بليبيا ومتحف يوسف العظمة بسوريا - فهو محض مقترح أردت به أن نتشبه بتلك الدول وشعوبها التى خلدت ذكرى أبطالها وزعمائها بتحويل منازلهم - بكل مقتنياتهم الشخصية - إلى متاحف تجسد تضحياتهم ونضالهم.. أي، محض مقترح لكي نتشبه بكل الذين من حولنا في هذا الكون الفسيح، ولكن يبدوا أننا لانشبه إلابؤس حالنا الذي يختزل النقد العام في ضيق التحزب الأعمى ثم يختزل المقترح العام في دائرة أسرية..لا أجهل بأن منزل الأزهري ملكه، وشيده بحر ماله وعرق جبينه وبالدين المصرفي، وهنا تتجلى قيمتهما( المنزل وصاحبه ).. ولذلك، كان - ولايزال - مقترحي لأسرته ولكل أحرار بلادي بتحويله إلى متحف شامخ يشير إلى زواره بلسان حال قائل : ( هنا ذكرى الزعيم الذي حرر بلده ولم يفسد في مال شعبه ولم يزهق ارواح رعيته ولم يملأ أرض وطنه بالجيوش الأجنبية ولم ينكل بمن يختلف معه في الرأي ).. وبالمناسبة ، ليس منزل الزعيم الأزهري فقط ، بل منزل الزعيم محمد أحمد محجوب أيضا يجب أن يصبح معلما من معالم بلادي، كما متحف بن بيلا في الجزائر .. هكذا المقترح، محض رأي ليس إلا، قد أكون مصيبا فالحمد لله ، وقد أكون مخطئا فأرني مكمن الخطأ لأسحب مقترحي ثم لأشكرك على التصويب .. أوهكذا الحياة الواعية بكل بساطة، فلم الغضب يا هندسة ..؟؟ .................... نقلا عن السوداني