بقلم/ محمد التجاني عمر قش- الرياض mail to:[email protected] بعد أن صار انفصال جنوب السودان حقيقة ملموسة، فإن المطلوب هو إحداث تغيير كمي ونوعي في الوضع القائم يشمل الدستور وأشياء أخرى كثيرة حتى نحافظ على ما تبقى من الوطن. و لذلك يلزم طرح مسألة التحول بشكل كامل ليس فقط في الهيكل بل في كافة أوعية وأساليب و مستويات الحكم وخفض الإنفاق الحكومي بدمج الوزارات و المؤسسات الحكومية الأخرى. ولعلنا نقف مع ما جاء على لسان د. مصطفى إسماعيل\" إن هناك اتفاقاً ليكون الدستور مفتوحاً لمساهمة الجميع وبعد الاتفاق على رؤية موحدة حوله يعرض للشعب السوداني للاستفتاء ليقرر المستقبل الذي يريد الاتجاه إليه\". إلا أن الأهم هو الالتزام بالدستور و الشورى وممارسة التخطيط في تعاملات الدولة و أفعالها. وبما أن الظل لا يستقيم و العود أعوج ينبغي على الحزب الحاكم إدخال تحول سياسي في سلوكه و منهجه بطريقة تواكب المستجدات الراهنة و المستقبلة. أولاً لابد من إسناد الأمر لأهله بمعنى أن يكون لكل شخص عباءة واحدة و يكون التخصص هو أساس الاختيار لتولي الوظائف و المناصب وليس مجرد الولاء أو الجهوية. فمثلاً لا يصلح أن يكون رجل الأمن مسئولاً عن الملفات السياسية ولا الطبيب وزيراً للخارجية؛ بل يجب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ويكون مسئولاً عن مهمة محددة لا أن يكون وزيراً و رئيس مجلس إدارة شركة أو بنك و في نفس الوقت له رتبة غير معلنة في جهاز الأمن الاقتصادي أو الشعبي. من ناحية أخرى هنالك وجوه ظلت تتكرر في كل التشكيلات الوزارية وقد حان الأوان لتفسح المجال لغيرها من العناصر الشابة بعد التمحيص بموجب معايير دقيقة مبنية على الأمانة و القدرة. كما أن لغة الخطاب السياسي هي الأخرى يجب ضبطها ولا داعي لاستعداء الناس بعبرات مثل \" البكاتل ما بقول عورتني و الداير الحكم يهز ضراعه\" لأن ساحة الوطن ليست المكان المناسب لمثل هذه المهاترات التي لا تفضي إلا إلى الشتات و الفرقة والغبن وكلها لا يحتملها جسد السودان المثقل بالجراح التي تحتاج لمبضع خبير و مجرب حتى تندمل. علاوة على هذا، فإن المناورات التكتيكية و القبضة الحديدية لا يمكن أن تفضي إلى حل مرضٍ و دائم لمشاكل الشعب في وضع اقتصادي متردي و مستقبل مجهول المعالم.أما المعارضة فقد بات من الضروري أن تبلغ مرحلة الرشد و النضج الوطني لتستوعب ما يجري من استهداف مبين لمصالح البلاد؛ و من ثم تعيد النظر في مواقفها و تخفض سقف مطالبها إذا أرادت أن تجنب البلاد تجربة الصومال الشقيق. ولهذا نتمنى أن يسفر لقاء البشير و الصادق المهدي عن خطة مدروسة لتوسيع ماعون الحكم و جمع الصف الوطني. و لو كنت مسئولاً لفكرت في برنامج عملي وقابل للتنفيذ لمنع تفشي القبلية و نظام الترضية خاصة في الولايات.وهذه فرصة للاستفادة من موارد البلاد لتنمية المناطق التي عانت من التهميش والإهمال الذي لا تخطئه العين.و ختام القول إن العدل هو أساس الحكم و لابد أن يقوم على ركائز منها الشفافية و المحاسبة و كرامة الإنسان وتقديم القدوة الحسنة.