هل تريد محلية الخرطوم تحريض مواطنيها على الانتحار؟!! علي نايل محمد [email protected] لقد طالعت بصحيفة الانتباهة بتاريخ الثامن عشر من يناير الجاري وعلى مستوى صفحة كاملة وعناوين كبيرة ما سمي بمشروع زيادة جديدة على الخدمات والأماكن التجارية والأفراد بولاية الخرطوم، رغم أن المنشور وفي شهادة الإصدار وفي الجلسة رقم 8 بتاريخ 7/10/2010م ذكر بأن هذا المنشور يعني عوائد محلية الخرطوم، وليس ولاية الخرطوم- ونحن نعلم بأن في ولاية الخرطوم سبع محليات، فلا يمكن أن يكون ما أصدرته أو فرضته محلية الخرطوم يسري على بقية محليات الولاية، والغريب أو الخطير في هذه الزيادات قد شملت كل ما يتعلق بحياة المواطن، كل الأشياء قد فرضت عليها رسوم وزيادات، ومن ضمنها رسوم التصاديق، وتجديد الرخص التجارية، ثم رسوم للخدمات الصحية، ورسوم أنشطة الثروة الحيوانية، ثم رسوم على خدمات النقل البري، ورسوم على دخول السوق المركزي، وحتى الخروج عليه رسوم!! ثم شهادات اللجان الإدارية، ثم رسوم للنفايات، ثم رسوم سميت برسوم المخالفات.. أنها رسوم على المواطن بداية من سكنه، وعمله، ومأكله، وكل ما يرتزق منه.. كل أنواع أماكن العمل من شركات وحتى الأعمال الهامشية من بائعات الشاي، والغسالين، والمكوجية.. أنها زيادات ورسوم لا يمكن أن أعددها لأنها نشرت في عدة كشوفات وبمسمياتها، وأكثر ما لفت نظري تلك الزيادات والرسوم التي فرضت على الزراعة عن طريق عربات نقل الخضروات، والتي تدخل السوق بكل أنواعها، وقد ظللنا نخشى من كل زيادات أو رسوم جديدة تفرض على الزراعة، لأننا نسعى إلى دعم الزراعة كمصدر مهم لزيادة اقتصادنا الوطني، والذي نخاف عليه أن يتأثر بالانفصال، وما يحدث من عجز في الميزانية بفقدنا لعائدات البترول، لأن الزراعة التي نسعى للاعتماد عليها لن يتحقق العائد منها إلا إذا قمنا بدعمها دعماً كاملاً، وابعدنا عنها كل أنواع الضرائب، ورسوم المحليات، وماكنا نخاف منه فقد طبقته محلية الخرطوم في منشورها الأخير والخطير.وإننا نذكر أن السيد رئيس الجمهورية وقبل سنوات كان قد أصدر قراراً أعفى بموجبه كل أنواع الضرائب الزراعية، والرسوم على الطرق والأسواق، داعماً ومحفزاً بهذا القرار فئة المزارعين ولكن أن تعود هذه الأعباء في شكل رسوم جديدة من محلية الخرطوم، فهذا معناه أننا نعمل لمحاربة أهم مصادر دخلنا القومي ألا وهي الزراعة.. ولهذا فإني أقول- وبكل أسف- فإن هذه الزيادات في الرسوم إذا صح التعامل بها وتطبيقها، فإن هذه كارثة صعبة الاحتمال ستزيد من أعباء المواطنين وستجعل من حياتهم أمراً عصيباً لا يمكن أحتماله، وسيجد المواطن نفسه غير قادر على تحمل أعباء المعيشة، كما وسيجد نفسه لا يستطيع توفير لقمة العيش لأفراد أسرته، وهذا معناه أن يكره وجوده على قيد الحياة وقطعاً ومثل هذه الظروف الصعبة أن يلجأ الإنسان الضعيف لأبغض الأشياء إلى الله ألا وهو الانتحار، والذي أصبح ظاهرة كثيرة الحدوث في هذا الزمان الصعب، ونسمع هذه الأيام بالعديد من الذين يقومون بحرق أنفسهم، وهي عادة ومهما كان رأي الفقهاء ورجال الدين عنها فقد أصبحت هي السائدة هذه الأيام- لأن وجود المرء على قيد الحياة مع الفقر والعدم أفضل منه الرحيل.. ولذلك فإني أسأل وبهذه الزيادات التي فرضتها محلية الخرطوم على مواطنيها، فهل تعني منها تحريضهم على الانتحار حرقاً بالنار، أو رمياً لأنفسهم في قاع النيل؟! أنني أرى في هذه الرسوم الجديدة استهانة بالمواطنين، بل أنها قرارات قاسية ولا رحمة فيها، وهي لا ترضي الله لأنها قد شملت كل شيء والواجب أن تكون هناك وقفة مع هذه القرارات المرتجلة، لأنه ومها كان تقديرنا للظروف والتي تحتاج لبعض التضحيات، ولكن ظروف الغلاء الطاحن تتطلب أن تكون الزيادات بمستوى يستطيع المواطن تحملها، ولكن أن تأتي بهذا التسارع وتشمل كل شيء فهذا أمر غير محتمل- وإني أسأل الله أن تكون هذه الزيادات في حدود محلية الخرطوم، وألاَّ تكون هي بداية لتشمل المحليات الأخرى.. وأن يكون الخطأ فيها محصوراً ومحسوباً على محلية الخرطوم وحدها، ومن الأشياء التي تثير الدهشة كيف قَبِل أعضاء محلية الخرطوم هذه الرسوم بدون نقاش، بمثل ما حدث لأعضاء المجلس الوطني وقد صمتوا كصمت أهل القبور أمام زيادات وزير المالية.. وإننا من هذا المنبر نناشد السيد والي ولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر، والذي نشهد له هذه الأيام بأنه مهموم بدرجة كبيرة بإزالة أعباء المعيشة من مواطن ولايته، ونتابع الجهد الذي يبذله مع نائبه وزير الزراعة في توفير بعض السلع وبأسعار مخفضة، وكما نعلم موافقته على رفع ميزانية وزارة الزراعة لمزيد من الإنتاج.. ومن هذا الموقع نناشده أن يرفض هذه الزيادات على الرسوم التي أقرتها محلية الخرطوم.. كما نطالبه بإعادة النظر في تخفيض الهياكل الوظيفية بالولاية، وأن تكون البوابة بمحلية الخرطوم التي أقرت هذه الرسوم، لأننا لا نريد أن نفرض الضرائب على المواطن الضعيف لنصرفها حوافز ومرتبات لجيش جرار من الموظفين والعمال، وأعضاء المجلس التشريعي الذين لا يقدمون نفعاً للولاية، ونريد أن نعود إلى عهد الضباط الإداريين، عندما كانت ولاية الخرطوم يحكمها ضابط إداري في وظيفة محافظ، ولا ويوجد بها وزراء ولا مستشارون ولا معتمدون.. ونكرر القول بأن إصلاح الميزانية ليس بفرض الضرائب بل هو بخفض مصروفات الدولة،- وسودان ما قبل الانفصال- يجب أن يتغير واقعه في هياكله الوظيفية.. ويجب وقف المهرجانات الشبابية والطلابية والنسائية التي تستنزف المال العام، ولا معنى أو نفع منها إلا أنها دعاية للحزب الحاكم.. وإننا نرفع الأمر كله للسيد رئيس الجمهورية بضرورة إصدار قراره العاجل بخفض الحكومة في رئاسة الجمهورية وفي الولايات وكل المحليات إلى أقل عدد ، كما نطالبه بتسريح المجلس الوطني ولا تفرض زيادات أخرى، حتى لا تحرضوا المواطنين على الانتحار بإشعال النار في أجسادهم.