رأي جون كيري.. في حضور الإمام المهدي عبد الحميد الفضل صلت اشارة عاجلة من مكتب الامام الصادق المهدي عن رغبة المبعوث الامريكي زعيم مجلس الشيوخ جون كيري في زيارة ضريح الامام المهدي عليه السلام وبيت خليفته الشهيد عبد الله بن السيد محمد. وصلت برفقة نائب الامين العام لهيئة شؤون الانصار إلى باحة ضريح الأئمة انتظاراً لوصول جون كيري والوفد المرافق له قادماً من مقابلة الامام الصادق المهدي. ولعل ذلك يكون أول مشهد يتعرف أحد المسؤولين الامريكيين لنبذة مشاهدة لتاريخ السودان والوقوف على حقبة تاريخية مثلت السعي الجهادي الحقيقي للشعب السوداني للوقوف على رجليه حراً طليقاً من ربقة الاستعمار والعبودية في نهضة تعبوية سقط فيها الآلاف دفاعاً عن الدين الوطن. وقد حرصت على مشاهدة مشاعر هذا المسؤول الذي يضطلع بمهام كثيرة ومسيسة، بل ذات توجهات امريكية لا تخلو من الخطورة والتدخل السافر في توجهات بلادنا ،التي أصبحت أسيرة لدى الدول الخارجية. حط رحال جون كيري وصحبه بمدخل ضريح الامام المهدي والأئمة الامام عبد الرحمن والامام الصديق والامام الشهيد الهادي، وكان أول ما لفت إليه أنظارنا تعجبه وصحبه من طلب الشيخ آدم أحمد يوسف نائب الامين العام لهيئة شؤون الانصار منه وأعوانه من خلع أحذيتهم، التفت جون كيري نحو أصحابه مندهشاً، إلا انه أطاع فوراً طلب مضيفه وخلع حذاءه ودلف والوفد المرافق إلى أضرحة الأئمة، واستمع إلى شرح وافٍ وقصير عن الامام المهدي عند مرقده ثم بقية الأئمة، ووجه أسئلته عن الامام الصديق وعلاقته بالامام الصادق، والتفت إلى مرافقيه يخبرهم بأنه والد الامام الصادق المهدي، ثم توقف كثيراً عند مرقد الامام الهادي، واستمع إلى شرح وافٍ عن استشهاده ومطالبته بالحريات والديمقراطية، واستمع إلى كيفية استشهاده، لقد اعترف جون كيري انه كان يجهل هذا العطاء الوطني الذي بذله هؤلاء الأئمة في سبيل وطنهم، واعترف بأن الشعبية الكبيرة التي يمتاز بها كيانهم حقاً نتيجة للجهاد الكبير الذي بذل في تلك الحقب المختلفة. ثم بعد ذلك دخل جون كيري إلى بيت الخليفة بعد أن سأل هل يستوجب الدخول خلع نعليه فأجبنا أنه لا داعي لذلك. لقد كان المتحف الذي تمثل في بيت الخليفة وأماكن اجتماعات خليفة المهدي وأماكن تعبده مع الآليات المهدية التي انتشرت داخل البيت محل اعجاب كيري واتباعه، لقد ذهلوا ودهشوا لذلك التاريخ الحافل الذي تمثل في الدولة التي شيدها الشعب السوداني بدمائه، وكان يكثر من مقولته الانجليزية «AMAISING» كلما شاهد قطعة من آثار المهدية ، وللحقيقة لقد وقف جون كيري أمام المخطوطات المعلقة كثيراً وأصر على تفهمها وصار يشرح لمرافقيه معانيها، وتوقف عند «العنقريب» الذي كان ينام عليه الأمير عثمان دقنة وتمعن في جبته المزينة بالألوان وأثار ذلك اعجابه، وسأل عن عثمان دقنة وسرد له المشرفون عن حياته وكيفية أسره ونقل رفاته من حلفا إلى أركويت. ولعل أكثر ما أثار جون كيري والوفد المرافق له بقايا ما إلتقط من حول جثمان الشهيد عبد الرحمن النجومي أمير أمراء المهدية، والمكونة من سرج جواده، وسيفه، وبعض المخلفات الأخرى، لقد توقف الوفد عند هذا الأثر وهو يستمع إلى تاريخ أمير أمراء المهدية وهو يتعجب من الشجاعة والاقدام التي تميز بها الانصار في مواجهاتهم لعدوهم . وانتقل بعد ذلك جون كيري إلى حجرات خليفة المهدي الخاصة وهو يكرر اعجابه بتاريخ المهدية، ووقف على المطبعة الحجرية، وأسرة الخليفة، والحمام، وغرفة (الخلوة) الصغيرة التي كان الخليفة يتعبد فيها. واختتم الوفد زيارته أمام عربات الحاكم العام في التركية السابقة، والتي بين له الشارح ان الخليفة استبدلها بالخيول والبغال والحمير والجمال. انه من المؤكد أن جون كيري وصحبه قد تعرف على حقبة من تاريخ السودان ،الذي تعتبره امريكا خالياً من الهبات الوطنية التي تستدعى احترامه وحفظ مكانة شعبه والتعامل معه بالاحترام اللازم. إن هذه الزيارة في نظري تعتبر ذات أهمية كبرى تعطي مثل هذا الزائر لبلادنا نظرة بعيدة عن الدونية ومظهراً لاخلاص شعبنا لدينه ووطنه واعتزازه باستقلاله والاستعداد للذود عن موروثاته وأراضيه.. فهلا فعلت حكومتنا بزوارها قبل التحدث معهم والبحث في مصير أمتهم. الصحافة