حديث المدينة علّموهم المظاهرات ..!! عثمان ميرغني قرأت مثنى وثلاث تصريحات الفريق أول صلاح عبد الله \"قوش\".. في لقائه أمس الأول مع القطاع الصحي بالمؤتمر الوطني.. وبصراحة أحسست أنّه رغم الأحداث لتي تدور حولنا في تونس ومصر واليمن.. لم يفهم حزب المؤتمر الوطني طبيعة التغيير (الحتمي) المطلوب.. قال الفريق أول صلاح قوش.. إنّ المطلوب إدارة حوار مع شباب ثورة \"الفيس بوك\".. حتى هنا الفكرة جيّدة للغاية وجديرة بالتشجيع.. لكن الجملة تكتمل في اتجاه آخر إذ يقول في شرحه للحوار مع الشباب ( لتغيير سلوكهم لمساندة مشروع الإنقاذ..) وهنا مربط الفرس !!. وليت حزب المؤتمر الوطني يقرأ كلماتي التالية ب(قلب سليم) .. والتعبير ليس من عندي بل من صلب القرآن الكريم الذي قال (يومَ لا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنونَ * إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم). شباب ال(فيس بوك) ليس مطلوباً منهم (مساندة مشروع الإنقاذ) .. ف(الإنقاذ) ليست إلا مجرد أطروحة سياسية محدودة لا تمثل مرجعية لكل الوطن.. وليس شرطاً في أهلية المواطنة أن يساند الشباب الإنقاذ أو يكفروا بها.. بل ومن حق أي سوداني أن يكفر بالإنقاذ ومشروعها.. طالما لا يخرجه كفره بالإنقاذ عن الملة.. ملّة الدين والوطن.. ما هو الضرر في أن يساند شباب ال(فيس بوك) مثلاً مشروع حزب الأمة القومي.. أو مشروع الاتحادي الديمقراطي (إن وجد).. لماذا نضع الخيار أمام الشباب على سياق ( إنّي خيّرتك فاختاري.. لا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار).. المطلوب حوار مع شباب ال(فيس بوك) يطمئنهم أنّ الوطن كبير يسمح للجميع أن يعيشوا فيه تحت سمائه بلا دماء واحتراب.. وأنّ المطلوب (تنافس) لا (إقصاء) في العمل السياسي.. وأنّ المؤتمر الوطني حزب يجوز في حقه أن يجلس - في يوم من الأيام- في مقاعد المعارضة ينتظر دوره للرجوع للسلطة في أول انتخابات متاحة.. لكن افتراض أنّ الحوار مع شباب ال (فيس بوك) يجب أن يقودهم ل(مساندة مشروع الإنقاذ).. هنا المشكلة.. لأنّها تعني أنّ العقل الباطن لحزب المؤتمر الوطني يفترض أنّ الحوار الذي لا يقود إلى (مساندة مشروع الإنقاذ) هو حوار الابن العاق.. الذي يحرمه من رحمة الله.. بكل صدق وجدية.. ولأجل الوطن السودان.. يجدر بنا الحوار حول المفاهيم الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الدولة السودانية.. يجب ترسيم حدود واضحة المعالم توضح ما لله لله.. وما للحزب للحزب.. حتى نخلع نظرية الحزب الدين.. الذي من اتبعه اتبع الدين ومن تشكك فيه أو خالفه.. خالف الدين.. نتمنى أن ندخل مرحلة (الدولة) .. مللنا العيش في مرحلة (الحزب الأبوي).. مرحلة الدولة تعني أن يخرج شباب ال(فيس بوك) في مظاهرة ليس للإطاحة بالنظام بل للتعبير عن قضيّة محددة.. هل سمعتم بمظاهرة في أمريكا أو أي دولة ديمقراطية حقيقية تطالب بالإطاحة بالنظام.. لا تحرموا الشباب من المظاهرات.. لكن علّموهم كيف يتظاهرون..!! التيار