.. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] ما هي الا ساعات ..وينتصف شهر الاعتصام واصرارشباب مصر الذين حرروا اكبر ميادينها باحتلالهم له سعيا وراء حرية الوطن كله.. شباب باعوا كل لحظات التمتع بمباريات كرة القدم وكافة اهتماماتهم الاخري واشتروا بثمنها أعمارا طويلة من الخلود..والتف حولهم الناس من كل الطبقات نساء ورجال شيوخا وأطفال ..مسلمين وأقباط صلوا علي شهدائهم واقاموا القداس في ساحة واحدة ..رموا كل خلافاتهم السياسية والدينية..واستعصموا كلهم خلف جدار الوطن .. كلما علت هتافاتهم .. ينزل النظام درجة اليهم وينحني في ادب الاستماع..قائلا ( تحت امركم يا بهوات ) لم ينادوا بمناصب او مكاسب ذاتية ..حددوا سقف المطلوب ..في خطوطه العريضة وتركوا التفاصيل موقرين كبارهم الذين لم يخفوا اعجابهم بطاقات الشباب التي حركت الجبل من مكانه..وتناثرت حجارة حكمه وحزبه الصماء كأكوام العهن..تذروها رياح الغضبة الحرى من الصدور المغبونة . وحينما سئل اولئك الشباب ..الا تخافون من ان تبتلع الديناصورات الكبيرة زهرة احلامكم وياسمينة مستقبلكم ..قالوا في زهد.. المهم ان ننتصر للوطن. لنهدي له كل الحديقة الحرة..ويتنسم اريجها أهلنا...فرضخ لهم الكل حاكما ومعارضة مشتتة وأجلسوهم في قصر كان مسرحا للهو الذين خرجوا منه ورؤوسهم مطأطأة للارض ينتظرون حكم القضاء بعد ان أدانهم التاريخ.. شباب لم يهتموا كثيرا بالحصار جوعا ..وما زادهم ذلك الا اصرارا علي البقاء حتي بلوغ النهاية التي دونها الاعتصام ابدا.. سيان عندهم زخات المطر وطلقات الرصاص ..كسروا رتابة الزمن بالرقص فرحا بالغد المنشود.. وكتبوا العبارات الطريفة علي أجسادهم ..حتي لا يكسوها هم الانتظار..ويغشاها زمهرير الشتاء ..بل وحينما حان موعد زفاف بعضهم اتموه بشهادة الملايين وكان زفاف العصر بحق وحقيقة..وياله من رفاه ويا لهم من بنين.. عيون الاعلام مازالت مشدودة الي جمعهم المتنامي في ساحة المجد ترسل دفقات ا شعاعها الي كل الافاق .. وتبث اصواتهم في مسامع المدى .. الا اعلامنا السوداني الأعشى الذي يتخبط بعصاة خطله القصيرة في محيط جدران ظلامه ..لايسمع الا فحيحه الهزيل.. وهو يظن ان الناس يفتحون اذانهم له ..فيما هم محلقون في فضاءات بعيدة..يستدعونها بضغطة زر الي عقولهم قبل بيوتهم.. فتذر في مساحات العيون خطوات الضوء في طريق ان اجلا أو عاجلا سيسلكه شبابنا رغم محاولات تكليس احلامهم في قوالب التنطع التي شققها الفشل..فيما نجد حتي الاعلام المصري الرسمي يتراجع امام شمس لايغطيها الأصبع عن اجتهاده في بسط التعتيم .. مسلما بالحقائق وسالكا درب الاعتدال مابين وظيفته ..ووطنيته.. وحتي الاخوان المسلمون في مصر ادركوا حيال توحد الشعب وعلو صوته نحو التغيير الحقيقي ان القاهرة ليست طهران .. وان الاسكندرية ليست ..غزة..فاعتدلوا في جلستهم ليرسموا مع الاخرين دولة المستقبل المدنية التي تسع الجميع.. ويحكمها الكل.. وشبابنا هنا في السودان هم ايضا دورهم قادم .. فقد فات علي عقلية حكامنا ..وفكر حزبهم التائه في بحور الوهم .. انهم شباب خلقوا لزمان غير زمانه..وان مسالة احتلالهم لساحات ( التحرير ) ما هي الا مسألة.وقت لم يفت أوانه.ولكن لابد سيحين موعد آذانه...والله المستعان ..وهو من وراء القصد..