عبدالرازق محمد يحي [email protected] (الشعب المصري يستحق بجدارة أن يكون سيدا للشعوب العربية) بهذه العبارة ودون حاجة إلى إستثناء واحد أو إعتذار قبلي أو بعدي إبتدر عثمان ميرغني عموده بالأمس و نحن لم نفقْ بعدُ من ضربته القاضية ليلة أن فرض على الشعب السوداني بأسره بأن يقف مع المنتخب المصري في واقعة أمدرمان الشهيرة ضد المنتخب الجزائري إنبري عثمان ميرغني ليتحدث بالأمس ليس بإسم الشعب السوداني هذه المرة بل بإسم الشعب العربي جميعه بأنه يرى استحقاق (تسييد) الشعب المصري على كل الشعوب العربية. أقول لعثمان ميرغني .. عندما تطلق عبارة (سيد) فحتم أن يلزمه (مسود) و بلا لباقة سميتهم (الشعوب العربية) هنيئا لك بسيادة المصريين عليك فذاك شأنك و إن كنت لا أرضاه لك ليس لإعتبارك الشخصي و لكن لكونك سوداني أما أن تفرضه على العرب كلهم فذاك أمر تجاوز مرحلة السكوت عنه. أنا لم ولن أبخس للشعب المصري قضيته العادلة في وجه الظلم لكني لن أرضى أن يكون سيدا عليَّ .. فلينصره الله الآن قبل كل وقت و ليخلع من شاء و يأتي بمن شاء لكني رجوتك قبل و أرجوك الآن و غدا أن تلجم جامح قلمك و لا يكبونَّ بك فتصيب قوما بجهالة و تصبح من النادمين رغم إنك لم تفعل .. كنت أحسبك عارفا لمعايير البطولة التي هي غاية في النسبية يستحيل معها التفصيل على نحو قالبي يناسب الجميع ... ألا ترى أن التونسيين في شخص (أبو عزيز) هم الأحق بالبطولة بضربهم مثلا في الثورة؟ ألا ترى أنهم نجحوا في تحقيق هدفهم و خلعوا رئيسهم غير المرغوب فيه و أصبحوا أسياد أنفسهم؟ ألا ترى أنهم صاروا قدوة فأيقظوا شعوبا و شعوبا من سباتها العميق ثم أخذت تقلدهم حرفيا؟ بأي حق لهذا الشعب التونسي أن يكون مسودا لا سيدا و أنت لم تستثني؟ ألم يكن للسودانيين تجربتين ناجحتين قبلُ؟ فأين هم من السيادة المزعومة؟ و أين أنت من الصومال و العراق الدولتان اللتان وقفتا رغم بساطتهما و فقرهما .. انتزعتا نصرهما من وجه أعتى جبروت مدجج بتقنيات حربية؟ ينبغى لك و أنت تمارس الكتابة أن تعرف ضروب المقارنة و تنتقي المفردة التي توصل القارئ إلى هدفك الذي تريد دون أن يحس بأدنى تجريح. و ينبغي لك أن تعرف أن القارئ لم يعد متلقيا فحسب بل ناقدا من الدرجة الأولى (حبذا لو قرأت تعليقات القراء بالراكوبة عن مقالك) وينبغي لك أن تنحي العاطفة جانبا و تعمل العقل و الموضوعية في تناول مثل هذه القضايا فمجرد دراستك بها لا يعطيك حق تسييدها على الآخرين و ينبغي لك أن تعرف بأن المعلومة لم تعد مستعصية و لا حكرا بل هي متاحة و للجميع و ينبغي أن تعرف أن لكل شعب معطياته الخاصة جدا في التعامل مع واقعه دون أن يعطيه هذا التعامل حق السيادة أو ضدها على الآخرين. و أذكرك بأن الشعب السوداني ثار في أكتوبر و مثله في إبريل و لكن الإعلام لا يعكس إلا بمعايير سمها مزدوجة و كيف لا وهو يحدثنا عن نزلة برد أصابت كلبة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش و يغض الطرف عن قضايا بشرية عادلة. أرجوك عثمان ميرغني – و قد خالط الشيب شعرك – أن تنضج بما تطرح و أن تدع جانبا الإزدواجية في نهجك الكتابي فأنت متأرجح شأن الزئبق لا تكاد تستقر على حال و بإعتباري من المداومين على قراءة ما تكتب أطالبك بإعتذار عما بدر منك حتى أبقي على بعض إحترامي لك.