وأنت خير الوارثين ..! منى أبو زيد [email protected] \"هذا هو الزواج إذن، رجل وامرأة ينظران إلى فتاة تقذف بالكرة! \".. هكذا صورت (ليلى) - بطلة راوية \"الطريق إلى المنارة\"، للكاتبة الفذة (فيرجينيا وولف) – أروع لحظات الاستمتاع بالأمومة .. بينما هنالك ملايين النساء في هذا العالم، يحلمن بأن يقفن مثل ذلك الموقف الذي استخفَّت بجلاله (ليلى) ..! منهن (أميرة) صديقتي القارئة المغتربة التي تعثرت يوماً بمقالاتي، فأنبأها بوح سطوري بأننا \"في الهم شرق\"، وعندما راسلتني كي تبثني حزنها، أخبرتها- عبر رسالة طويلة – أن تفعل مثلي ..! قلت لها إنني لا أملك وقتاً للحزن أو التفكير بمآل زواج بلا أنباء، بعد أن تعمدت الانشغال المهني (مقالين يوميين لصحيفتي الرأي العام وحكايات، ومقال أسبوعي لصحيفة الراية القطرية، ومقال شهري لمجلة أوراق جديدة)، وكيف أنني أفعل هذا من قرية صغيرة، نائية، في شمال السعودية، والأهم أنني لا أتذمر من حالي، ولا أنتظر أن يربت أحدهم على كتفي، عليها إذن أن تتوكل على الله الذي يهب من يشاء ذكوراً ويهب من يشاء إناثاً، ويجعل من يشاء عقيماً ..! عزيزتي (أميرة) وأنا، أمثالنا كثر، لكن الاختلاف يكمن في مدى التقبل ومقدار التكيف مع أحزان العيش بلا إنجاب .. هنالك دراسات عديدة أكدت أن ضغوط المجتمع، والتوتر الذي يسبق اتخاذ القرار الطبي، وانخفاض الشعور بتقدير الذات، وضعف المقدرة على التوافق الزوجي، وغيرها من أعراض تأخر الإنجاب، هي أسباب رئيسة في وقوع الطلاق .. فالقلق والاكتئاب والشعور الهائل بالغضب من أكثر الانفعالات المسيطرة بعد كل دورة علاجية لا تكلل بالنجاح ..! قبل أيام نشرت صحيفة الصحافة حواراً مع العالم، الدكتور، توفيق حمزة جعفر، استشاري النساء والتوليد، المتخصص بعلاج العقم وأطفال الأنابيب، في السعودية، كنتُ قد قرأتُ الحوار في موقع الراكوبة الإلكتروني مصحوباً بتعليقات بعض أصحاب التجارب، الذين صبوا جام غضبهم على الرجل كردة فعل لإحباطهم من تجارب علاجية بإشرافه لم يكتب لها النجاح ..! بينما تقول تجربتي الشخصية مع هذا العالم أنه يستحق كل الثناء والتقدير، ولأنني أهتم جداً بمعاملة الطبيب (كتبت كثيراً عن افتقار بعض أطباءنا المحليين للحرص على مراعاة الحالة النفسية للمريض!) فإنني ما زلت أذكر كيف طيَّب الدكتور توفيق خاطري المكسور بصبر وتواضع العلماء .. ثم كيف اقتطع من وقته الثمين معظمه (عند حضوره قبل أيام لحضور مؤتمر بالخرطوم) لينظر في حال الكثيرين، الذين طرقوا أبواب منزله، فلم يردهم خائبين، بلا أجر، ولا انتظار لمثوبة، رأي علمي قاطع بكلمات شافية تغسل القلق، وتروي ظمأ السؤال، وتطفئ نار الحيرة، حكمة وموعظة حسنة، ومعاملة راقية مثل الماء الزلال .. ليت كل الأطباء – في بلادي – يحذون حذو هذا الطبيب الإنسان ..! وليت الأطباء والعلماء المؤتمرين بالخرطوم – هذه الأيام - يستصحبون في أبحاثهم ومحاورهم وتوصياتهم (أهمية التكامل بين العلاج الطبي والإرشاد النفسي لمرضى العقم) .. ليتهم يتناولون أهمية (تدريب وتوعية العاملين بالفريق الطبي لعلاج تأخر الإنجاب على مهارات التشخيص طبيًّا ونفسيّاً) .. ! علاج العقم ما يزال من أغلى العلاجات في العالم، ليس بسبب ارتفاع رسوم الأطباء، بل لأسباب دوائية، كما وأن العلاج بأطفال الأنابيب باهظ لأسباب تقنية، الأمر الذي يجعل الإقبال عليه محصوراً في نطاق الأثرياء، وخراباً مستعجلاً لبيوت الطبقة الوسطى، ومحالاً على الفقراء ..! قرأت قبل فترة عن تجارب في الهند على علميات أطفال أنابيب بتكلفة منخفضة، ولست أدري ماذا فعل الله بتلك المحاولات، ليتها تنجح، فتساعد آلاف الفقراء المتوكلين بانتظار ثورة علمية تقلب موازين الأسعار في رحلات البحث عن الذرية ..! عن صحيفة التيار