حديث المدينة شرطة.. أم (بوابين)..!! عثمان ميرغني نهار أمس اتصلت بي إحدى صحفيات \"التيار\" وقالت إن الشرطة في مستشفى الخرطوم ألقوا القبض عليها عندما حاولت تصوير قسم الطوارئ (الحوادث) وهو مكتظ بالمرضى.. كنت لحظتها في اجتماع مهم فاستأذنت للخروج للذهاب لمتابعة الأمر.. أحد الحضور قال لي محتجاً. ليس من مهام رئيس التحرير (الهرولة) لإنقاذ الصحافيين من يد الشرطة.. وطلب مني ترك الأمر لأي موظف من الطاقم الإداري في الصحيفة.. قلت له.. في مدرسة \"التيار\" المساس بأي صحافي أو صحافية خط أحمر يلغي فوراً أي اجتماع أو ارتباط.. ليس لأن الصحافي فوق القانون أو له حصانة فوق الحصانات.. مسؤولية القيادي في أي منشأة.. أن يضمن لمرؤوسيه الحد الأقصى من الشعور ب(الأمان) المهني.. ليس (الأمان) في حالة الصواب وحدها.. بل حتى في حالة الخطأ.. ولا يشعر المرء ب(الأمان) إلا إذا تأكد أنه دائماً ليس وحيداً.. في حال تعرضه لأي مساس.. والعمل الصحافي (إبداع).. وأول شروط الإبداع هو الحرية.. ويخطئ الناس لو ظنوا أن (الحرية) هي تلك المفردة التي يرددها الناس في الندوات السياسية.. أو التي نطالب بها عندما تعلن الدولة الرقابة على الصحف.. ذلك وجه واحد من أوجه الحرية.. لكن (الحرية) الحقة.. هي إحساس الإنسان أنه (آمن) في سكونه وحركته طالما لم يرتكب ما يخالف القانون.. لكن لو خشي الصحافي على نفسه إذا حاول التجاسر على السلطة التنفيذية.. فهو يفقد (الحرية) حتى ولو لم تكن هناك رقابة أمنية على ما ينشر. وعوداً لحادثة القبض على الصحافية \"سناء محمد الحسن\".. أرجو أن أسأل السيد مدير الشرطة بكل احترام.. ألا يوافقني أن الشرطة تتعرض لظلم كبير عندما يطلب منها مثل هذه الأعمال.. أعمال حراسة الأبواب.. وظيفة (بوابين).. وتنظيم الصفوف للدخول في المستشفيات.. لماذا لا ينحصر دور الشرطة في المهام الشرطية الحقيقية لضبط أمن المواطن والوطن.. وتترك مثل هذه الأعمال لشركات مثل شركة الهدف وأواب وغيرهما.. احتكاك الشرطة المستمر مع المواطن في أبواب المستشفيات وغيرها يهدر علاقة الاحترام والثقة التي يجب أن تتوفر بين الشعب والشرطة.. ويعظم حال جفاف وتصحر المشاعر بينهما.. لأن الشرطة مؤسسة نظامية تعمل وفق منظور لا يلائم حراسة أبواب المستشفيات.. بينما شركات الحراسة والأمن (شبه النظامية) لديها المقدرة على ممارسة هذا الدور من منظور (مجتمعي) أقرب للمواطن من روح العمل الشرطي النظامي الصارم. إذا ابتعدت الشرطة عن أبواب المستشفيات فإنها تحفظ احترامها ووقار (اليونفورم) الذي ترتديه.. ما أشنع منظر الشرطي (البواب).. فليذهب مدير الشرطة بنفسه إلى بوابة أي مستشفى.. هل يرضيه منظر الشرطي (البواب) وهو يدفع المواطنين بيديه ليمنع دخولهم إلى المستشفى.. ألا يلطخ مثل هذا التشاكس اليومي بين الشرطة والمواطن.. العلاقة النظيفة البيضاء الودية التي يجب أن تظل بينهما.. ليكون المواطن دائماً خط الدفاع الأول عن الأمن.. قبل الشرطة نفسها.. أتمنى أن يتخذ مدير الشرطة قراراً شجاعاً يحفظ وقار الشرطة.. التيار