بقلم/ محمد التجاني عمر قش- الرياض [email protected] \"أمي ... أمي\" ... محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم درجت كثير من الأمم عبر التاريخ على تكريم الأمهات في يوم محدد في كل عام. وهذا أمر طيب مهما اختلفت حوله وجهات النظر لأنه يذكر الناس بمكانة الأم في المجتمع و يعيد إلى الأذهان ما ينبغي أن يقدم لها من توقير و فاءاً و عرفاناً لها. فهي التي حملت وهناً على وهن وارضعت من ثديها و سهرت الليالي الطوال حتى ينعم صغارها بالصحة و العافية؛ فليس أقل من أن نرد إليها الجميل الذي تسديه إلينا في أبهى و أحلى و أجل صورة. و صدق من قال إن الجنة تحت أقدام الأمهات لعلمه صلى الله عليه وسلم بحقهن علينا و ما يجب أن نقدم لهن من معروف في الحياة الدنيا و الدعاء لهن و البر بهن في كل الأحوال. و قد قدم الرسول صلى الله عليه و سلم المثل الأعلى في تكريم أمه و مرضعته حليمة السعدية التي كان كلما رأها ينادي \" أمي ....أمي\" و هذه الكلمة لها وقع حلو و رائع على نفس الأم و تتمنى كل فتاة و إمرأة أن تسمع من يناديها بهذا اللفظ ذي الدلالة النفسية الكبيرة.وكان رسول اللَّه عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم( َيصِل حليمة، وُيْهِدى إليها، عِرْفانًا بحقها عليه؛ فقد عاش معها قرابة أربعة أعوام، تربى فيها على الأخلاق العربية، والمروءة، والشهامة، والصدق، والأمانة).وقد أحبها النبي حُبّا كبيرًا؛ حتى إنه لما أخبرته إحدى النساء بوفاتها -بعد فتح مكة- ذرفت عيناه بالدموع عليها. ولقد كان رسول الله يكرم مرضعته حليمة السعدية-رضي الله عنهما ويتحفها بما يستطيع فعن شيخ من بني سعد قال:قدمت حليمة بنت عبد الله على رسول الله مكة، وقد تزوج خديجة ، فشكت جدب البلاد وهلاك الماشية، فكلم رسول الله خديجة فيها فأعطتها أربعين شاة وبعيراً موقعاً للظعينة، وانصرفت إلى أهلها. و ذات مرة كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجعرانة يقسم لحماً ، فأقبلت امرأة بدوية ، فلمّا دَنَتْ من النبي -صلى الله عليه وسلم- بسطَ لها رداءه فجلست عليه فقيل :( من هذه ؟)فقالوا :( هذه أمُّهُ التي أرضعتْهُ). وبعد معركة حنين رد الرسول لهوازن الغنائم كلها عرفاناً منه صلى الله عليه و سلم لأمه حليمة رضي الله عنها. و هو بهذا يقول للإنسانية منذ أربعة عشر قرناً يا أيها الناس أكرموا أمهاتكم؛ و ذلك من قبل أن يبتدع عيد الأم، ويسجل سبقاً إناسنيا عملياً و سولوكياً يحتذى في هذا المجال فقد قدم لإمه حليمة ما تريد من نعم و بذل لها الود بفرش رداءه لها و أكرم قومها تكريماً لها و بكى عليها و كل ذلك من مظاهر الوفاء و التكريم و ظل يذكرها و يقرب إخوته من الرضاعة ومنهم أخته الشيماء رضي الله عنها.