حديث المدينة ساسة.. ضدنا..!! عثمان ميرغني يُحكى أنّ القائد الفرنسي الأشهر نابليون بونابرت.. اعتمد في إحدى معاركه على عون استخباراتي قدّمه له جاسوس من الأعداء.. وانتهت المعركة بفوز نابليون.. وفرح العميل الجاسوس كثيراً، وطلب أن ينال شرف مقابلة القائد نابليون.. فأخذوه إلى نابليون الذي كان على ظهر فرسه.. مدّ الجاسوس يده ليصافح نابليون.. فرمى له نابليون بربطة فيها بعض المال.. دون أن يصافح الجاسوس، وقال له (أنا لا أصافح الخونة). نقلت وسائط الأخبار أنّ الأستاذ ياسر عرمان حرّض الولاياتالمتحدةالأمريكية على (عدم) رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والإبقاء على المقاطعة الاقتصادية.. وبرر ذلك بأنّ الحكومة السودانية لم تكمل أشواط التحوّل الديمقراطي المطلوب. من المؤسف أن يصدر مثل هذا المسلك من سياسي (شاب!) كنّا نتمنّى أن يشكل ملامح ممارسة سياسية رشيدة جديدة.. المقاطعة الأمريكية ليست عقاباً لحزب المؤتمر الوطني.. ولا يتأثر بها.. هي عقوبة جماعية يدفع ثمنها شعب السودان كلّه الذي تتعطل مصالحه وتتعقد تجارته وأعماله مع كثير من دول العالم بسبب المقاطعة الأمريكية. والأدهى من كل ذلك.. أنّ التعويل على أن يقوم الغرب نيابة عن المعارضة .. بتحمّل كدر وأعباء مسيرة التحوّل الديمقراطي فيه إقرار بأنّ المعارضة مشلولة لحد العجز.. وأنّها لا تقوى على شيء بلا دعم خارجي... كمثل الزوج الذي ينشد عون الجيران في تأديب زوجته.. أو على رأي برنامج من يكسب المليون (الاستعانة بصديق). بعد كل (خيبة) الخمسين عاماً منذ الاستقلال كم كنا نُمني أنفسنا بجيل جديد من الساسة.. أكبر من نزواتهم الحزبية.. يفرقون بين (الوطن) و(الوطني).. ويدركون أنّ المعارضة لا تعني مطلقاً قصف مصالح البلاد بأعتى ما تيسّر. بالله عليكم.. كم تختلف الصورة.. إذا حملت الأخبار أنّ السيّد عرمان طلب من الحكومة الأمريكية إنهاء المقاطعة الاقتصادية، ثمّ أطلق تصريحات صحفية يلعن فيها (سنسفيل) حزب المؤتمر الوطني ويتوعده ب (الشعب يريد إسقاط النظام). كنّا سنصفق ونقول أنّ ياسرعرمان (رجل دولة) يعرف أنّ المقاطعة الاقتصادية تدمر السودان.. مهما كانت المبررات.. وأنّ معارضة النظام والحكومة لا حرج فيها بل مطلوبة لحفظ التوازن في كفتي الميزان.. ميزان السلطة بين الحكومة والمعارضة. لكننا شعب سيء الحظ.. كلما ظنّ أنّ الساسة شبعوا لطماً في بلادهم.. وأنّهم تعلموا درس التسعينيات حينما كان يطل بعضهم في الفضائيات ويقول لأمريكا (هناك مصنع أسلحة كيمائية آخر.. في مدينة جياد.. أضربوه..) لكن اتضح أنّ الساسة ساسة.. والشعب شعب.. ولا تلتقي مصالحهما. اللهم أبدلنا ساسة غيرهم.. أو أبدلهم هم بلداً غيرنا. التيار