ما جابوه لي (الجزء الأول) منال محمد الحسن [email protected] ما سوف أسرده لكم و أذكره بين طيات أسطري لم ينقل لي ولم يحكى ولم يرسل.. شاهدته و سمعته ما جابوه لي.. . وأنا جالسة في أحد النيابات لأقدم طلبا دخلت امرأة تحمل عريضة لوكيل النيابة فهمت من خلالها امتداد لبلاغات ثابتة في نفس الموضوع أي سلسلة لمشاكل بينها و بين أحد جيرانها وكنت قد راقبت المرأة و هي تشق صفوف الواقفين بعد جهد لتحكي ما بداخلها ففي لحظات الظلم خاصة يشعر الانسان بأمن و هو يبث شكواه لأهل القانون و الأمن ومن يدلونه على الدرب المضئ.. تفاجئت بصوت مولانا يعلو بغضب قائلا: (أقول ليك حاجة يا حجة تعالي كل يوم افتحي بلاغ و أنا أصلي ما عندي شغلة غيرك انتي بس اسمعك) تهيأ لي أنه ربما يمزح أو ربما يشجعها للاحتماء به من سلطة جيرانها و لكن عندما أكمل عبارته (ناس فاضية ما عارفين العلينا) تضاءلت نفسي وصرت كالقزم أمام المرأة خاصة بعد أن رأيت انكسار في عينيها و رددت بصوت خفيف لا يخلو من خوف (أشكي لمنو يا مولاي!) رددت بيني وبين نفسي (الشكية لله!!) . ذهبت لجهة ما لاستخراج افادة تخصني و قمت بتسديد الرسوم الأولية و أخذت الموظفة المسؤولة تلفوني حتى تقوم بالاتصال بي للاستلام و كررت (ما تجي نحن بنتصل عليك) أعجبني الأسلوب الحاسم و توقعت أن تسير الأمور بطريقة حضارية و لكن..مرت لحظات و ساعات و أيام و شهر و بدأ الشهر الثاني..عجبت لصبري فاتصلت أنا و قالوا لي الموظفة دي الملف معاها و توفيت جدتها و بعد فترة قالوا ذهبت لزواج أخيها بعدما قالوا مريضة.. ذهبت بنفسي و طالبت بالملف فقالوا : و الله المفتاح معاها! وجهت لهم سؤالا: طيب لو الله لا قدر فلانة دي ماتت بعد عمر طويل ماذا نفعل؟ قالوا: بنجيب البديل..قلت ليهم: ان شاء الله عمرها طويل أقله حتى تواصل اجراتى حتى لا يؤول الملف مع التركة حقتها..و للعلم ما زال الملف معها و ما زالت تواصل الذهاب للطهور و الخطوبات و أحيانا عشان نعسانة بس خلوها براحتها (الشكية لله!) . ذهبت شقيقتي لطبيب مشهور اسمه في سماء عالية..أرادت بث شكواها..و دفعت فاتورة عالية القيمة و عندما بدأت في الحكي عما تحس به قال الطبيب مستعجلا و عينه في الباب للمريض البعدها انت مالك شكاية كده؟ أتت لنا في الخارج ودموعها في عينيها و قالت: الواحد بفلوسه ما بخلوه يشكي! قلت ليها: يا اختي الشكية لله! . ذهبت للمحكمه لمباشرة جلسة تركات ولم أجد ملفي في طاولة المحكمة فأمرني القاضي باحضار الملف ..ذهبت للموظفين لاحضاره لأن حاجب القاضي كان غائبا بإذن..تمنع كل الموظفين من احضار الملف و الحجة أن هذا شغل حاجب..و بالطبع لا يسمح لي القانون بحمله بنفسي..هرولت في ذلك اليوم كالسيدة هاجر عندما هاجرت بين الصفا و المروة بحثا عن الماء ولكن تجاوزت أشواطه ما بين غرفة الموظفين للمحكمة و مررت بالمشرف و الذي قال لي: اتصرفوا انا ما عندي حاجب و لم تسفر هرولتي بماء زمزم و انما زاد عطشي (لماء وعدل)..عدت للقاضي الذي كان متجاوبا مع حالي و أمرني بالشكوى للقاضي المشرف و عندما علم الموظفون بشروعي الجاد في أمر الشكوى قاموا بارسال الملف وكان ذلك للأسف بعد الساعة الثانية ظهرا و لم أقدر على مباشرة اجراءات جلستي و تم تأجيل الجلسة ليوم آخر و قام موكلي بتأجيل قتلي لليلة أخرى بعد أن شرعوا في ذلك و الشيكة لله! . ذهبت بابني البكر و يعتبر من ذوي الاحتياجات الخاصة لاعاقته في سمعه و بصره و يعالج ضمن التأمين الصحي تحت كفالتي مع بقية اخوته و فوجئت بعدم تجديد بطاقته لبلوغه الثامنة عشر حسب قانون التأمين الصحي فقدمت احتجاجا للشركة المؤمنة بأن هذا الابن يحتاجني و يحتاج لرعايتي فكيف يقوم بعمل بطاقته بمفرده فقال الموظف بحزم: هذه المشكلة لا حل لها! رددت لابد أن يكون هناك استثناء و انشرخ حلقومي و أنا اردد يا جماعة ما معنى العقل و ما معنى التمييز و ما معنى ذوي احتياجات خاصة و ما معنى اعاقة؟! ردد كل الموظفين جملة واحدة (مافي طريقة) و أخيرا سقطت تفاحة على رأس أحدهم كنيوتن فصاح وجدتها، فقلت ماذا؟! قال: اذهبي للجان الشعبية و خلي يعمل بطاقة لوحده!! دايرة لي فهامة .. الشكية لله!! وين القاها؟!