في هذا القرن ..! منى أبو زيد [email protected] قرية فرنسية صغيرة كانت مسرحاً لأحداث فيلم وثائقي رائع عن رحلة برطمان صلصة (ماسترد) فاخرة، منذ لحظة دخول البذور في رحم الأرض وحتى أوان تعبئة الأواني بالعجينة الخضراء .. يفعل كل هذا زوجان – فقط - من الأيدي العاملة، صاحب المزرعة وزوجته اللذين يديران أسطولاً من الآلات والمعدات الزراعية المتطورة ..! تذكرت هذه الحكاية المصورة عندما فرغت من قراءة رسالة موقعة باسم الأخ حيدر سحنون الطيب، من قرية (نجم الدين) بولاية سنار، محلية ريفي الدندر، والتي حوت مناشدة حارة من مواطن للسيد رئيس الجمهورية – ليس لردع غزاة هاجموهم بليل، فتقلوا وشردوا واتلفوا!– بل لتوفير أول وأولى ضرورات الحياة، الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي .. وحتى لا تظن بصاحب بالرجل الظنون ، هو يقر بأن الحصول على الماء عن طريق الحنفيات ترف حاشى وكلا أن يهدر وقت ولاة الأمر للمطالبة بتوفيره، إنما قصد المواطن حيدر موية الله (الحفيانة) نفسها ..! اقرأ هذه السطور من رسالة حيدر، وأرجو أن لا يتشابه عليك بقر السنين، فتختلط عليك العصور (.. سيدي الرئيس إن جاز لي الحديث، فإني أذكرك بمقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، \"لو أن بغلة في العراق عثرت لسئلت عنها يوم القيامة .. لم، لم تصلح لها الطريق يا عمر\" .. نحن نعيش في ضنك وحياة غاية في القسوة، حيث لا ماء وإن وجد كان عن طريق (الجمّام) للذين يعرفونه، حيث نحفر علي تراب نهر الدندر الموسمي بحثا عن الماء للإنسان والحيوان معاً.. كانت هناك بعض (الكرجاكات) وهي الآن معطلة تماماً ..! ولئن سألت عن التعليم فمدارسنا متهالكة، لا ترقي لإنسان أن يتلقى فيها سطراً، أما الصحة فحدث ولا حرج، (الشفخانة) الموجودة متهالكة، ترعي في ظلها الأغنام، ولا توجد بها حتى أدوية إسعافات أولية..! وما يؤلمني حقاً أن بنات عمي (أقصد بنات قريتي اللاتي أعتبرهن جميعهن بنات عمي وأخواتي) يمتن إهمالا عند الولادة، حيث لا توجد مرافق صحية قريبة ومؤهلة لاستقبال حالات الولادة، الأمر الذي يقلل من وفاة الأمهات كما تنادي أجهزة الإعلام ومنظمة الصحة العالمية (اليونسيف) .. وهناك أكثر من ثلاث حالات إصابة بالناسور ..! أخي عمر البشير نحن والشهادة لله عرفناك أخ كريم وابن أخ كريم منذ تفجر ثورة الإنقاذ ونحن أهالي قرية نجم الدين نحبك لا خوفا بل طمعا في أن تمتد يد الإنقاذ لإنقاذنا بان توفروا لنا حياة كريمة تليق بالإنسان تمثل في مياه شرب نقية بدلا عن (الجمام) ومركز صحي مؤهل بدلا عن (الشفخانة)، ومدارس بنين وبنات ..! وأن تمتد شبكة الكهرباء التي تعبر قريتنا (نجم الدين) ونناشدكم ووزارة السياحة بأن تنقذوا حظيرة (الدندر) التي أصبحت اسماًللسياحة فقط .. ولا أريد أن أفصح أكثر من ذلك .. أدركوا حواء (قرية نجم الدين) تستغيث، فهل من مغيث ..) ؟! انتهت رسالة مواطن سوداني – إلى رئيس بلاده – في القرن الواحد والعشرين ..! عن صحيفة التيار منى أبو زيد [email protected]