افق بعيد عن العنف الطلابي فيصل محمد صالح شاركت في برنامج إذاعي مع مجموعة من الطلاب من تيارات وخلفيات مختلفة ناقشوا موضوع العنف الطلابي ومسبباته، وقد ناقشوا الظاهرة بقلب وعقل مفتوحين و قدموا مجموعة من الآراء والمعلومات المفيدة. لم يدافع أحد عن استخدام العنف ولا اعتبروه وسيلة ملائمة للتعبير عن الرأي وإنما تبادلوا الآراء حول أسباب اللجوء للعنف وكيفية معالجة هذه الاسباب. دار حديث حول تاثير التربية الخاطئة على سلوك الطلاب وكيف أن انعدام الحوار في البيت والمدرسة والمجتمع ينقل آثارا سلبية للإنسان، وقلنا، فيما قلنا، أن هناك غياب لثقافة الحوار في المجتمع السوداني، لا يتم تنشئة الطلاب في إطار الأسرة والمدرسة والشارع على أساس إعلاء قيمة الحوار ولا يتعلمون آداب الحوار وتقاليده. يحتاج مجتمعنا لمراجعة نفسه في مسائل وأساليب التنشئة والتربية، أطفال وشباب اليوم مفتوحة أمامهم كل أبواب العلم والمعرفة، ولا بد من احترام عقولهم وأفكارهم والتحاور معهم والتعامل معهم بإيجابية. وتحدثنا عن انسداد منافذ الحوار على مستوى الوطن، وعلى كثرة المسكوت عنه والممنوع، وتعدد الخطوط الحمراء، وحين تغيب المنافذ يجد العنف مكانا لينبت ويتمدد فيه. ومن مساوئ ذلك أن كثير من القضايا التي يمكن أن تثار على مسارح سياسية أخرى، سواء في الشارع أو على مستوى المدينة أو الأحياء، يتم تصديرها ونقلها للمنبر الوحيد الذي ظل مفتوحا في أقسى الظروف، وهو منبر الحركة الطلابية في الجامعات. وهكذا تتحمل الحركة الطلابية كل مسؤولية الحركة السياسية وتدفع ثمنا غاليا لذلك. ولا يمكن أن نتجاهل أن بعض التيارات السياسية تتبنى العنف كآيدلوجيا وتستخدمه في إطار محاولات قهر الخصوم واسكاتهم وتصفيتهم، وأخطر هذه التيارات هي تلك التي تحاول أن تجد مبررا دينيا للعنف، ليتحول من فعل سلبي إلى فعل إيجابي يثاب فاعله ويؤجر على ذلك. وهناك قصص كثيرة لبعض التائبين من العنف، تكشف كيف يتم الحشد والتعبئة لأعمال العنف باستخدام خطاب ديني متشدد يصور للطلاب وكأنهم سيقومون بتطهير الأرض من الشرور والآثام وإقامة المدينة الفاضلة، وأن المدخل لذلك هو الاعتداء والضرب وتأديب طلاب التنظيم الفلاني. ثم أنظر لتجسيد معنى وقيمة الشجاعة في الأغاني الحماسية، فهي لا تعني إلا القتل وجز رقاب الخصوم و\"شيل الراس والدرع\" وهذا فهم قاصر للشجاعة و\"الرجالة\" لا يربطها إلا بالعنف، بينما هناك صور كثيرة أخرى للشجاعة تغيب عن مناهجنا وعن أغنياتنا. وقد قلت أن المؤسف أن كثير من أغنيات الحماسة، التي لا يبدأ وينتهي أي محفل إلا بها، هي من نتاج حروب وصراعات قبلية داخلية، ولم تقال في معرض حروب تحرير الوطن والدفاع عنه، إلا قلة محدودة منها. لا ينبت العنف في أي مجتمع عشوائيا، ولا يأتي مع الهواء من مكان بعيد، بل يزرعه الناس في تربة مجتمعهم، فيظهر نبته ورأسه لهم فيبدأون بالتساؤل \"من أين جاء هؤلاء\"، وتاتي الإجابة من عبد الله بولا في ورقته المميزة \"في شجرة نسب الغول\"، فقد اثبت أن الغول هو ابننا، الشرعي أو غير الشرعي لا يهم، وليس ابن حرام. خرج من معطفنا بعد أن كبر وتربى وظهرت له أنياب. الاخبار