تراسيم.. الصلح ليس خيراً!! عبد الباقي الظافر اجتمع نحو ألف من الإسلاميين في سقيفة بعطبرة.. المؤتمرون الذين ألفت بين قلوبهم مدينة الحديد والنار كانوا بعضاً من الشعبي وكثير من أهل الحزب الحاكم.. في خاتمة المؤتمر صدر نداء مفعم بالعواطف يدعو لإعادة توحيد الحركة الإسلامية وإطلاق سراح الحبيس حسن الترابي. المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الذي يرأسه الوالي الخضر أصدر مبادرة أكثر جرأة.. حزب الوالي طالب بإطلاق سراح الشيخ الترابي أو تقديمه إلى محاكمة.. النداء الصريح تجاوز مرحلة الجهر بالرأي إلى إحداث الفعل.. إذ رفع مؤتمر الخرطوم مذكرة إلى المكتب القيادي للحزب الحاكم تحمل هذه الرؤية المتسامحة. في إطار غير بعيد أوضحت مجموعة كانت توالي الشيخ الترابي وانضمت مؤخراً لحزب الرئيس البشير.. المجموعة أبانت أنها بصدد تقديم مبادرة للتقريب بين المشير البشير والشيخ الترابي وذلك لتجاوز الخلافات وإعادة تحقيق الوحدة. من ناحية التوقيت يبدو غريباً أن يفكر الإسلاميون في توحيد الصف .. المبادرات التي تجد تأييداً من الحكومة تصدر في وقت يحبس فيه زعيم الحزب الشعبي في تجاوز واضح وصريح للقانون والدستور.. ويبدو أن الحكومة وحزبها تفكر في استخدام سياسة العصا والجزرة تجاه إخوتهم السابقين.. على إخوة الشعبي أن يفاضلوا بين حبس للشيخ لا ينقضي أجله أو صلح يعيدهم إلى المقاعد التي ستشغر بانسحاب الحركة الشعبية جنوبا. هذه الاستراتيجة ستفيد حزب الحكومة.. يرسل عبرها رسالة لأحزاب المعارضة المترددة في حوارها مع الحزب الحاكم.. الرسالة تقول إن الإنقاذ يمكن أن تعود إلى نسختها الأولي.. وأن الشعبي الأكثر فعالية في المعارضة ربما يعود لمقاعد الحكم.. ونسخة من ذات الرسالة تصل إلى قواعد الشعبي التي أرهقتها ظروف المعايش في بلد تحتكر الحكومة فيه كل شيء.. نسخة الشعبي والتي سيسبقها فك حبس الترابي تؤكد للقواعد الشعبية أن الحزب الحاكم راغب في الوحدة الجامعة وأن الذي يعرقل الوحدة التي تخاطب أشواقهم هو زعيمهم الشيخ حسن الترابي نفسه. ربما اشتم الحزب الحاكم في السودان رياح الثورات الشعبية في البلاد المجاورة فأراد أن يمتن البنيان بوحدة تجمع الشعبي والوطني.. وربما مجرد تكتيك تستخدمه التيارات المتصارعة داخل الحزب.. عنوان الفكرة أنه بالإمكان الاستعانة بصديق وقت الضيق. في تقديري أن الصلح بين الإسلاميين في هذا الوقت سيكون كارثة.. الشعب السوداني لم يشعر بالراحة إلا بعد أن تفرق الإخوان بين قصر ومنشية.. بعد المفاصلة اكتشف السودانيون أن نظرية البضع بالمائة التي تناقش استشراء الفساد في السودان لمؤلفها حسن الترابي فيها كثير من حسن الظن إن لم تكن مقلوبة تماماً. من ناحية أخرى المنطق يقول إن الحزب الحاكم الذي وصل حد التخمة السياسية وهيمن على كافة مفاصل الدولة.. من الطبيعي أن ينشق وتخرج من رحمه مجموعة تدعو للإصلاح.. إما أن يزداد بدانة ويبتلع حزباً أخراً ففي هذا اتجاه عكس ريح المنطق . البعد الاستراتيجي يقول إن على الإسلاميين ألا يضعوا بيضهم في سلة واحدة. التيار