الصادق المهدي الشريف في الإسبوع الفائت عاد الأستاذ على كرتي وزير الخارجية من زيارة سريعة الى دولة غانا بعد أن إفتتح سفارة سودانية بعد عشرين عاماً من غيابها عن الدولة الغرب افريقية التي تطل على المحيط الأطلسي. وفي الزيارة تأكيد على التوجه الأفريقي للسودان والذي تُتهم حكومته بالتوجه عربياً على حساب أفريقيا... رغم مواقف القارة المساندة للسودان دولياً. حسناً... ولكن قبل هذه الزيارة كان وزير الخارجية قد توجه الى يوغندا في مهمة مكشوفة لم نتطرق لها في حينها، وهي ليست مثل الزيارات التي يختتمها المسؤولين الحكوميين بعبارات مثل (بحث العلاقات الثنائية بين الجانبين). فقد كانت زيارة كرتي الى كمبالا تختص بدعمها للحركات المسلحة الدارفورية، الذي وصل الى حدود استقبالها لخليل وعبد الواحد وفتحها لمراكز التدريب التي تستقبل جنود الحركات الدارفورية وتنسيقها في هذا الجانب مع حكومة الجنوب، ودعمها للحركات عبر القوات اليوغندية المشاركة في بعثة اليوناميد، ولقاء رئيس أركان الجيش الشعبي بيوغندا بعبد الواحد محمد نور بكمبالا ووعدها له بتسخير كافة إمكانية الجيش اليوغندي للدعم بالتدريب والخبرات. هذه المعلومات كانت مهمة للتساؤل حول جدوى الزيارة التي جآءت مخرجاتها القولية بعيدة عن الأفعال، فقد أكد الرئيس اليوغندي انّه لن يسمح بإيواء حركات دارفور في أراضيه أو تقديم أي وجه من وجوه الدعم والحماية لهم. بل دعا موسفيني الحركات الدارفورية للتوجه لمنابر التفاوض لوضع حد لمعاناة أهل دارفور، بديلاً عن بحثهم للمأوى في الخارج. وللاسف... فإنّ المواقف اليوغندية تجاه السودان قد لا يكون لموسفيني نفسه فيها أثراً أو قراراً، فكمبالا جزء من منظومة الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، ولا تستطيع اللعب وحدها في الملعب السوداني. لكن لنفترض أنّها وليةُ أمرها، والقادرة على إتخاذ قراراتها الخارجية بمفردها... فما هي الحوافز (أو الزواجر) التي ستدفعها لرفع يدها عن مشاكل السودان؟؟؟. هل هناك علاقات إقتصادية بين الخرطوم وكمبالا؟؟؟... تقول معلومات وزارة التعاون الدولي أنّ هناك لجنة وزارية مشتركة بين البلدين عقدت حوالي (5) دورات منذ انشائها في ثمانينيات القرن الماضي وهي تعتبر لجنة (ميتة) أو مُعطلة حسب تقييم بعض المحللين الإقتصاديين لادائها خلال السنوات الماضية... فهل يمكن مقارنة هذا الوضع بالعلاقات الإقتصادية بين الجنوب ويوغندا؟؟؟. بمنطق الجغرافيا فيوغندا قد صارت دولة غير مجاورة حدودياً للسودان، وبالتالي فمن المتوقع أن لا ترتبط بمشكلاته الداخلية. ولكنّ هذا تحليلٌ جغرافيٌّ وليس سياسياً. كمبالا تحتاجُ الى الجنوب للقضاء على جيش الرب، ويصبح منطقياً بعد ذلك أن تحارب حكومة الجنوب جيش الرب دعماً لأوغندا، في مقابل أن تدعم هي الجنوب في مشكلاته مع الشمال. وأول كروت الضغط لدي حكومة الجنوب على الشمال هي قضية دارفور بابعادها الداخلية (الحركات المسلحة) والخارجية (المحكمة الجنائية). ولهذا أعتقد إنّه وفي غياب العلاقات الإقتصادية فإنّ تحسين علاقات السودان مع يوغندا يمرُّ عبر دولة السودان الجنوبي... وعلى وزير الخارجية في البدء أن يقنع حكومته لتحسين علاقاتها مع جوبا... وهذه بتلك. صحيفة التيار