حديث المدينة ياسين عاوزه جكة.! عثمان ميرغني حسناً.. مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل.. أعلن عن إجراءات حاسمة وصارمة ضد الفساد.. ألزم جميع شاغلي المناصب الدستورية بملء إقرار تسجيل الذمة المالية.. وربط بين إجراءات تعيين شاغل المنصب الدستوري وهذا الاقرار.. الذي لا يملأ الإقرار لا يعين ولا يستلم مستحقاته المالية عند المعاش.. مع ذلك تبقى هناك لكن كبيرة.. ليسمح لي وزير العدل أن أضع بين يديه الثغرات الكبيرة في الأمر.. أولاً إقرار الذمة ليس إجراءً جديداً.. أعلنت عنه الحكومة منذ بواكير التسعينيات.. لكنه ظل مجرد (تعويذة) من العين والحسد.. لم يسجل إلا عدد قليل من الدستوريين ذمتهم. وغالبيتهم فعلوها تطوعاً.. والأفدح من ذلك كله أن الفكرة الأساسية من إقرار الذمة هي أن يجري التأكد من الذمة المالية عند مغادرة المنصب.. أو بصورة دورية خلال تَقَلُّد المنصب.. بهدف مقارنة الذمة المالية (الجديدة) بعد المنصب بالوضع الأول قبل تسلم المنصب.. لكن حتى القلة الذين سجلوا ذمتهم أكدوا لي أن لا أحد سألهم عن ذمتهم المالية عند خروجهم من المنصب الدستوري. إذاً المشكلة يا مولانا دوسة ليست في تسجيل الذمة المالية.. بل في مطابقتها بصورة دورية أو عند الخروج من المنصب.. للتأكد من حجم الوزن الزائد في (ذمة!!) المسؤول.. بغير هذا يصبح إقرار الذمة مجرد (وهمة) تشبع الإحساس بالطهارة الدستورية والتنفيذية.. بلا جدوى. في تقديري. لو فعلاً مولانا وزير العدل جاد لِأَقصى درجة في قرارته هذه أن يعدل القانون ويسمح ب(شفافية) الذمة المالية للدستوريين. بمعنى. أن الدستوري الذي يسجل ذمته المالية في وزارة العدل. سيسمح لكل من يريد الاطلاع على ذمته أن يفعل ذلك تماماً كما يفعل المسجل التجاري لمن يريد الاطلاع على بيانات أية شركة سودانية. والمسؤول الذي لا يريد كشف ذمته المالية للشعب السودان أمامه حل سهل بسيط. أن يرفض المنصب العام.. يذهب إلى بيته أو شركته الخاصة وهناك لن يلاحقه أحد ولن يتطفل على ذمته .. علنية الذمة المالية تحقق فائدتين. أولاً تسمح بالتأكد من صدقية الذمة المالية المُفْصَح عنها.. فالشعب السوداني معروفٌ عنه سرعة جلبه للمعلومات ونشرها.. فإذا أخفى مسؤول مثلاً ملكيته لبيتٍ أو عمارة أو مزرعة فما أسهل لوكالة الأنباء الشعبية أن تزود وزارة العدل بمعلومات أكثر دقة عن ذمته المالية. علنية الذمة المالية هو الضمان الوحيد لجدية إقرار الذمة المالية. بغير ذلك سيعتبرها الشعب مجرد لعبة لمجاراة مطالب الثورات العربية. ومحاولة لدغدغة الوجدان السوداني. وفي هذه الحالة. فإن الثمن سيكون فادحاً. ستفقد وزارة العدل والحكومة مصداقيتها. وسيأتي حتماً يوم تقول فيه (الآن فهمت) . أن حبل الكذب قصير. قصير. أقصر من خصر محبوبة شاعرنا صلاح أحمد إبراهيم التي قال فيها: وعلى الصدر نوافير جحيم تتفجر.. وحزاماً كلما قلت قصيراً هو.. كان الخصر أقصر. التيار