إليكم ............................ الطاهر ساتي نموذج لإنسان القرن الحادي والعشرين ..!! ** نعم لم يكن للنظام المصري المخلوع علاقة جيدة بكل الشعب المصري، ولكن علاقته بعرب سيناء كانت في ( غاية السوء).. وكل بدوي هناك كان متهما بالتآمر لصالح إسرائيل حتى يثبت براءته، ولذلك كانت تداهم عمليات أمن الدولة كل قرى البدو مداهمة توحي لراصدها بأنها عمليات إحتلال بكل ما فيها من بطش وتنكيل..وبهذا الأسلوب الإستفزازي وغير الإنساني، تسبب جهاز أمن الدولة في تحويل عرب سيناء إلى أعداء مصر كلها وليس أعداء نظام مبارك فحسب.. ولايزال في خاطري تقرير للتايمز تناول الأوضاع الإنسانية والسياسية والأمنية بسيناء، وصادف التقرير موعد مباراة مصر والجزائر، وفاجأ بعض شباب سيناء أهل مصر - وتلك الإصدارة - بإفادة نصها : ( نحن الليلة ح نشجع ونهتف للجزائر وهى في مباراة كرة القدم ضد مصر في بطولة كاس الأمم الأفريقية )، هكذا قال البعض .. بل تمادى البعض الآخر بالقول نصا : ( لو اندلعت حرب في أي وقت بين مصر وإسرائيل فسيكون هناك من البدو من يحمل السلاح ضد المصريين)..هكذا كاد نظام مبارك أن يجرد عرب سيناء من وطنيتهم، بالبطش الأمني ثم بتجريد مناطقهم من الخدمات الأساسية، علما بأن مناطقهم حدودية ..أي كما منطقة جنوبطوكر..!! ** منطقة جنوبطوكر، المسماة حاليا بمحلية عقيق، تبعد عن عاصمة ولاية البحر الأحمر ( 205 كلم) .. تقدر كثافتها السكانية ب ( 151 الف نسمة)، موزعة على سبع وأربعين قرية ..وعلى أرض جنوبطوكر دارت أشرس معارك الشرق بين القوات المسلحة وقوات مؤتمر البجا وحليفاتها في الفترة (1996/ 2002) .. وهي المعارك التي قتلت الآلاف من الأهل هناك ثم تسببت في نزوح كثافة سكانية تقدر ب ( 50 الف نسمة) إلى مدن الشرق وكل السودان، بعد أن دمرت الحرب كل البنيات الخدمية بالمنطقة..إتفاقية سلام الشرق - أكتوبر 2006- أقرت بتنمية وإعمار كل مناطق الحرب بما فيها جنوبطوكر، وتم رصد ميزانية لهذا الهدف وكذلك تم إنشاء صندوق لهذا الغرض، ومع ذلك لم يتغير حال جنوبطوكر إلا إلى حال لن نصفه لكم، بل ندع أرقام هذا الحال الراهن تتحدث..فاستمعوا إلى لغة الأرقام يا ولاة الأمر بحكومتي البحر الأحمر الولائية والخرطوم الإتحادية،إن كانت حياة هذه الرعية تهمكم، ونشك في ذلك..!! ** إنهار مشروع دلتا طوكر الذي كان يعتاش منه السكان وأنعامهم، بالإهمال وأشجار المسكيت .. ولايزال الأهل هناك يشربون من الخيران والأودية بعد أن دفن الفيضان الأخير (15 بئرا)..بقرية المرافيت مثلا، كانت بها بئرين، فأضحت واحدة ..وكذلك بقرية عيدب، كانت بها ثلاث آبار، فأضحت واحدة ..أما قرية درهيب، كانت بها خمس أبار، فلم تتبق غير واحدة .. وهكذا حال قرية ودنوس، من أربع آبار تقصلت إلى بئر واحدة .. وطوبى لأهل قرية عيت، حيث كانت بها بئر واحدة، فتعطلت ولاتزال ..ومع ذلك، تلك القرى بخير حين تنظر إلى حال قرى عريريب، عين، عيت، تونيت، سروبت، ملهاب، الهنسيلاب، قرورة، عدوبنا وعرهيت..حيث كلها قرى يرتوي أهلها من الخيران - كما أنعامهم - بعد أن تعطلت آبارهم .. فالطموح - منذ يوم تهدم آبارهم وإلى يومنا هذا = هو أن تحفر لهم الحكومة، أية حكومة - ولائية كانت أو مركزية - آبار مياه، لكي لايهلكهم العطش..هكذا طموح بعض أهل القرن الحادى والعشرين في السودان ..أبار لمياه الشرب فقط لاغير..صعبة ؟..بمعنى، أليست بمقدرة حكومتين - إحداها إتحادية والأخرى ولائية - بكل أجهزتها التنفيذية وبرلمانها ومجالسها التشريعية - حفر آبار تقي الناس من الموت عطشا..؟؟ ** وكذلك حال المراكز الصحية بقرى جنوبطوكر لايختلف عن حال آبار المياه.. نصف القرى بحاجة إلى مراكز صحية، والنصف الآخر المحظي بالمراكز الصحية بحاجة إلى مساعد طبي يدير المركز ويعالج الناس أو بحاجة إلى معدات طبية تساعد المساعد في معرفة نوع الداء وعلاجه ..نعم ليست هناك ولاقرية واحدة، من كل تلك القرى، بها (مركز صحي وكادر طبي ومعدات طبية ).. أي إذا حظيت القرية بواحد من ذاك الثالوث، خلت من الإثنين..ولا أفهم معنى أن تشيد الحكومة في القرية المركز الصحي الخالي من الكادرأو المعدات..هكذا حال تلك المناطق الحدودية، كما مناطق عرب سيناء..أما حال المدارس، فحدث ولاحرج ، ومع ذلك لايشكون من حالها.. وليس في الأمر عجب، فالتعليم محض ترف غير مهم عند من يبحثون عن المياه والدواء ل (يعيشوا)..وعليه، يا من نسميهم - مجازا - بالمسؤولين : هناك حياة الناس ضنك، أحلامهم هي فقط حفر آبارهم وغاية آمالهم هي أن يجدوا مركزا صحيا به مساعد طبي ومعدات طبية..تأملوا بالله عليكم، تلك هي غايات رعيتكم يا رعاة ..لا أخاطب إنسانيتكم، فهي غير مرئية ، ولا أخاطبكم مسؤوليتكم، فهي غير ملموسة، بل أخاطب شهوة السلطة التي تسري في دمائكم، أي ( لتحموا سلطتكم، وفروا لأهل جنوبطوكر بعض المياه وبعض الدواء) ..ويا لبؤس نهج يجرد المواطن من أهم - و أبسط - حقوقه في الحياة، ليتفاجأ الوطن ذات يوم بشعب يصيح لسان حاله ساخطا ( إن كان ذا وطنا ويمنعني حق الحياة ، لم الوطن ؟)،أو هكذا كان لسان حال عرب سيناء إبان حكم مبارك ..!! ............. نقلا عن السوداني