[email protected] ليس هناك من شك أن الاتفاق الخاطف، السريع والمفاجئ في القاهرة لم يكن إلا شكلا من أشكال السلام الداخلي بين الأشقاء، رفقاء الخندق، إخوة المقاومة، جيل التضحية، الفداء، شركاء التحرير وبناة الوطن، ضمن عملية السلم الاجتماعي، والسياسي، الوحدوي التي تحتاج تضافر كل الجهود وسواعد جموع المخلصين الذين اشرأبت نفوسهم فور السماع بالاتفاق الذي وقع في القاهرة وما سيتبعه من توقيعات نهائية ثم فصائلية وكذلك الضامن العربي، بعد أن ركلت القوى الفلسطينية الرباعية، الخمسينية والإسرائيلية المرتبكة من المفاجأة لاسيما أن الشين بيت والموساد وشبكة الأمن الصهيونية لم يكن لديهم علم مسبق وذهلوا من سرية وسرعة هذا الاتفاق وقد كان رد الفعل من القادة الصهاينة عنيفا جدا حصر في فرض خيارين لا ثالث لهما، إن دل هذا على شيء فإنما يدل على التخبط الغير مدروس وثقل المفاجأة على صانع القرار الإسرائيلي. إنهاء الانقسام بداية المصالحة هذه هي البداية ؛ بداية الطريق الصعب الذي مر بعدة اختبارات ومحكات حقيقية مثل: ميثاق الشرف 18/1/2005 ،بعد شهرين وتحديدا يوم 17/3/ 2005م ابرم ميثاق مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، ثم ميثاق الشرف الخاص بالانتخابات 17/10/ 2005م ، ولم تمض فترة طويلة حتى خرجت وثيقة الأسرى الحوار الوطني 2006م، وعلى المستوى العربي رعت المملكة العربية السعودية اتفاق مكة 2007م، وقد توج ببرنامج الحكومة الوطنية الفلسطينية 17/3/ 2007م، و بالضبط بعد أقل من أربعة أشهر وقع الانقسام، وسرعان ما تحركت اليمن لتعلن المبادرة اليمنية للحوار 2008م ثم لقاء دكار، ثم خرجت بعض المبادرات هنا وهناك دون جدوى حتى هبوب رياح التغيير العربية التي عززت التوجه نحو المقاربة والمصالحة. أدرك الجميع ضرورة أن يقول الشعب كلمته بعيدا عن الشارع ليس من شك أن الثورات العربية التي أطاحت بأباطرة الأمن، أساتذة قمع الشعوب، تدجينها، جهابذة الفتك بالخصوم، قرصان الثروات وحصاد الجباة من الأعوان، إن رياح هذه الثورات بدأت تصلنا وأدرك الجميع ضرورة أن يقول الشعب الفلسطيني كلمته بعيدا عن الشارع خاصة وان الشباب الفلسطيني بدا يحاكي هذه الثورات ويطلق شعارا عادلا يمثل طموح كل فئات مجتمعنا \" الشعب يريد إنهاء الانقسام\" إن هذا الشعار البريء والذي يبدو عفويا؛ لكنه قابل للتوالد مثل الشعارات الأولية التي كانت تنطلق في بدايات الثورات العربية المجاورة حتى وصل معها الحال مثلما نرى ونشاهد البراكين والحمم البشرية التي تقذف بفلذات الأكباد نحو ساحات التحرير بغية صناعة فجر جديد لهذا المواطن العربي الكريم الذي يستحق كل التضحيات. من جهة أخرى نجد أن قادة بعض الدول الأحلاف من الدول العربية الداعمين لبعض المواقف في حلبتنا السياسية؛ قد طوتهم شعوبهم، والقادة الجدد بدؤوا يتشكلوا وفق رغبات الثوار وبدأت المعادلة السياسية في تغير دراماتيكي والمعطيات تنح منحى آخر على كل المستويات. الاتفاق نهاية تجربة جاء اتفاق المصالحة يوم الأربعاء 27/4/2011م ليتوج هذه الجهود و ينهي الانقسام العظيم الذي مس حياة كل أفراد شعبنا الصامد، والذي كان طارئا وبدعة على تاريخنا وقضيتنا، لفظه الجميع وتغلب المخلصون على حالات الانتفاع، بددوا الوهم لدى البعض، لأموا فرط استحسان الذات، واستحضار شواهد النصر ومذاق التحدي. كم كنا نتمنى أن تكون هذه الخطوات مبكرة ومتقدمة، نتلافى فيها كل الإخفاقات والتحديات التي تعرض لها وطننا الغالي، لكن كل شيء بقدر وكأن ما مضى كان حقل للتعلم بالتجربة؛ حيث جرب الجميع كل شيء، للنيل من الآخر. هل ستؤسس المصالحة لدولة نقطة انطلاقتها غزة المصالحة كما بدأ الحديث شكل من أشكال السلام بين الفلسطينيين ، هل يمكن لهذه المصالحة أن تقدم صورة من صور أشكال تقاسم السلطة السياسية بين القوى؟ هل ستكفل المصالحة تقديم المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أمام القضاء؟ هل ستحدد شخصية المؤسسات الفلسطينية وحياديتها؟ هل ستعود قوات الأمن ملكا للشعب الفلسطيني مثلما نص الدستور على ذلك في الباب الثالث ضمن المادة (153) \"قوات الأمن ملك للشعب الفلسطيني، تتولى حماية أمن الفلسطينيين والدفاع عن الوطن \" وهل سنطبق بنود الدستور\"القانون الأساسي\" الباب الأول المادة (9) \" مبدأ سيادة القانون والعدالة على الجميع\". المادة(10) \"تخضع جميع أعمال السلطات العامة لدولة فلسطين في الظروف العادية و الاستثنائية للمراجعة والرقابة الإدارية والسياسية والقانونية والقضائية. يحظر القانون تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. تلتزم الدولة بالتعويض عن أضرار الأخطاء والأخطار المترتبة عن الأعمال والإجراءات التي يقوم بها موظفو الدولة أثناء أدائهم مهام وظائفهم\". إذا طبقت هذه المرجعيات ومثيلاتها فلن يتكرر شبح الانقسام، وسيبدأ الجميع كنموذج للوحدة ورص الصفوف، وتأسيس الدولة على هذه الأرض، وحسب الأوضاع الأمنية أو السياسية ولن يكون هناك ريبة إن كان منطلق هذه الدولة غزة بالاتفاق، لاسيما وان الجهود الدبلوماسية قد أثمرت باعتراف أكثر من مائة دولة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وما علينا الآن سوى المبادرة والمبادأة فنحن أصحاب الشأن والأوضاع تغيرت والضرائب هي هي نتكبدها كل يوم فمنذ بداية العام 2011م حصيلة الشهداء بالعشرات. * باحث من غزة [email protected]