المحامي [email protected] إعلان قانوني إستوقفني صادر من ديوان النائب العام ونشر في جميع الصحف اليومية يطلب من الدستوريين وشاغلي المناصب العليا وضباط قوات الشعب المسلحة والقوات النظامية الأخري من رتبة العقيد فأعلي الإسراع في تقديم إقرارات الذمة المالية إعمالاً لنص المادة (75/أ) من دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005م والمادة (9) من قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م فلم أدري مغزي الإعلان وأسبابه بإفتراض أنه بمثابة إعلان من الرموز الحاكمة للدولة للشعب السوداني بأنهم توقفوا عن الفساد بعد إثنين وعشرين عاماً ودليل ذلك أن النائب العام للدولة يطارد المسئولين لإيداع إقرارات الذمة المالية عن ثروتهم وبصرف النظر عن التساؤل عن توقيت تلك الإقرارات هل المقصود منها منذ إستيلاء الإنقاذيون علي السلطة أم أن المقصود من تاريخ إعلان ذلك رسمياً بواسطة النائب العام بعد إثنين وعشرين عاماً من الفساد وإستباحة المال العام ..ذلك الفساد الذي أقر به رئيس الجمهورية وأشار نائب الرئيس إشارة واضحة لا لبس فيها \" أن المال العام لم يكن محروساً في العشرين سنة الماضية !!\"وقد إستحيي أن يشير إلي جهة الحراسة وإهمالها والجهة التي إستفادت من حالة عدم الحراسة تلك ..ويقيني أنه قد ترك ذلك لفطنة الشعب السوداني . النائب العام الذي أصدر أكثر من (19) قراراً يتعلق بإقرارات الذمة المالية وتطبيق هذا القرار وتفعيله ومنها القرار رقم (18) لتنسيق الجهود للحفاظ علي المال العام ومكافحة التعدي عليه ومحاسبة المعتدين لم يوضح فوائد هذا القرار ومدي تطبيقه بأثر رجعي علي المخالفات السابقة رغم أنه أشار لوجود (65) ملف للفساد وفصل نهائياً في خمس ملفات منها وتبقي (60) لم يتم الفصل فيها وأشار النائب العام إلي أن رئيس الجمهورية كان أول من تقدم بإقرار الذمة المالية للديوان وبعدها سكت النائب عن الكلام المباح ولم يوضح في تصريحه ما يحتويه ذلك الإقرار وهل كان إقراراً شفيفاً يبين عدم فساد الرئيس وأنه من زمرة المساكين الذين لا يجدون قوت يومهم ليقيموا أودهم ؟؟ وهل تاريخ الإقرار من تاريخ قفزه للدبابة في 30/6/1989م وحتي العام 2011م ..أم إنه من \"هنا وإلي غادي \" .. تقديري المتواضع ان الشعب السوداني لن يجهد التفكير في الرد علي هذه الأسئلة فالمادة (3/ي) من المرسوم الدستوري الثالث والخاص بتنظيم أجهزة الحكم في الدولة والصادر من مجلس قيادة الثورة بتاريخ 28/7/1989م تقول أن من سلطات رأس الدولة \"الإشراف على ديوان النائب العام ووكيل ديوان النائب العام \"وتنص المادة (3/ب) والواردة في الفصل الثاني من نفس المرسوم أن من سلطات رأس الدول \"تعيين الوزراء وإعفائهم من مناصبهم وقبول استقالاتهم ومحاسبتهم\". وبما أن من سلطات رئيس الجمهورية تعيين وإعفاء النائب العام من منصبه وقبول إستقالته وحتي محاسبته فليت شعري ما هو مغزي إقرارات الذمة المالية في هذا التوقيت مستصحبين كل الظروف المحيطة بالمقر والمقر له ؟؟ ولماذا تطبيق قانون الثراء الحرام بعد إثنين وعشرين عاماً من تاريخ صدوره في العام 1989م ؟؟؟ . سؤال يسأله زمرة المساكين من أبناء هذا الشعب الطيب ..هل يمحوا تفعيل قانون الثراء الحرام بعد إثنين وعشرين عاماً من صدوره كل الغبن الذي حدث لهذا الشعب الطيب الذي اهينت آدميته وأنتهكت حرماته وسفكت دماؤه الطاهرة وهل يفلح هذا القرار في تهدئة وتخدير الشارع ؟؟ هذا عن إقرارات الذمة فماذا عن الفساد المالي الذي طال الإجراءات المالية والبنوك بصورة منظمة ومقننة وماذا عن الضرائب لزوم ما لا يلزم المباشرة وغير المباشرة التي تطارد المواطن المسكين حتي في لقمة عيشه بدءاً من ضريبة المرتبات وإنتهاءاً بضريبة القيمة المضافة علي هواتف المواطنين اصحاب الشرائح آجلة الدفع والتي تصل إلي (10%) من قيمة الفاتورة ؟؟ ولماذا يدفع المواطن المسكين هذه الضريبة ليتقاضي جيش الوزراء في الدولة مبلغ (14.800) ( أربعة عشرة مليوناً وثمانمائة الف ) كراتب شهري بينما يتقاضي المعلم الذي كاد أن يكون رسولاً (500) جنيه بعد خدمة تتجاوز الخمسة عشرة سنة ؟؟ وماذا عن الفساد في الإجراءات المالية والمحاسبية والتي تتم في المال العام دون حسيب أو رقيب أو وازع من ضمير ولا يشملها إقرار الذمة المغلوب علي أمره ؟؟ ويبدوا أن آخر ما تفتق عنه ذهن هذه الزمرة الحاكمة من أفكار جهنمية هي العبث حتي بمرتبات الأجراء وذوي الدخل المحدود من الموظفين والمعلمين وضباط القوات النظامية بعد إجبارهم علي صرف رواتبهم عن طريق بطاقة الصرف الآلي من البنوك الحكومية ..تخيل معي أن الدولة تجبر موظفيها علي تمويل البنوك الحكومية من مرتبات وأموال أبناءهم وهم يعلمون نفسية هذا المواطن جيداً وهو أنه لن يقدم علي سحب كل المرتب من البنك لتبقي مليارات الجنيهات في خزينة البنك المعني ليدير أعماله المالية بطريقة مقننة من أموال هذا المواطن دون أن يشعر ويخالجه الشعور من طيبته أن الدولة تساعده علي الإدخار وحفظ راتبه من اللصوص . إقرارات الذمة المالية وقراراتها التسعة عشر الصادرة من النائب العام هي بمفهوم جداول الرماية التي يفهمها ذوي الإختصاص (جدول أ) ما لم يصاحبها تحقيق حول صحة هذه الإقرارات ولن يحدث ولن يطال الإقرار المعني سوي الضعفاء الذين لاحول لهم ولا قوي ليقدموا ككبش فداء تعبيراً عن صحوة الدولة وحكامها من حمي الفساد ولن يطال المتنفذين من رموز النظام الذين لا يشملهم القرار والذين كانوا من رواد التمكين للنظام ولن يطال الشركات الحكومية الكبري الهاربين عن المراجعات المالية وسيمكن هذا القرار هذه الشركات المعنية العديد من ولاة الولايات الذين تفننوا في إصدار الضرائب والرسوم في زيادة هذه الضرائب ويصبح الأمر مدعاة لتوسعة الفساد الإداري وفساد الدولة الذي سيهرب ويتسلل عبر ثقوب هذا القرار ولن يجدي قرار النائب العام حول محاسبة المخطئين بقانون \" من أين لك هذا ؟؟\" وليس \" عفا الله عما سلف\" كما جاء علي لسانه لأن للنزاهة باب واحد وللفساد ألف باب ونوافذ يتسلل منها الفاسدين في غفلة من النائب العام وسيكون عذرهم حاضراً \" القرار لا يشملنا ولا يعنينا\" . علي هذه الدولة ورموزها إذا رغبت في التحلل من ذنوبها والتوبة النصوحة والتصالح مع هذا الشعب أن تطوي صفحة الفساد في منتهي الشفافية وليس بنفض قانون الثراء الحرام والمشبوه من غباره بعد عقدين من الزمان ...فالشعب السوداني يعلم أن النائب العام يعينه الرئيس ويعزله الرئيس وبهذا المفهوم فإن ترك أمر ملف إقرارات الذمة المالية للنائب العام لمحاسبة رئيس الجمهورية هو تحصيل حاصل والفساد بعينه وتقنين له. عمر موسي عمر - المحامي