[email protected] في نهاية إسبوع المرور العربي ( سنوياً من 4 الى 10 مايو) والذي جاء هذا العام تحت شعار (الطريق حقٌّ للجميع)... تمّ تدشين العمل بنظام الرقابة الإلكترونية (الرادار). لكن وفي ذلك الإحتفال بنهاية اسبوع المرور... مررت الإدارة العامة للمرور معلومات في غاية الخطورة. حيثُ أعلنت عن (وقوع 13600 مخالفة مرورية بقطع الإشارات الحمراء خلال خمسة أيام في سبعة تقاطعات بسبب السلوك الإنساني). وورود كلمة (السلوك الإنساني) في الفقرة أعلاه رُبّما تُشيرُالى أنّ عناصر المخالفة هي (الإنسان + الطريق + المركبة)... وانّ تلك المخالفات ال 13600 ناتجة عن الإنسان وحده. وأعتقد أنّ 95% من تلك المخالفات قد حدثت ليلاً في الوقت الذي تخلو فيه الطرق من المارة ويسير قائد العربة ليقف أمام إشارة ضوئية حمراء وليس هناك مَن ينازعه في إستخدام الطريق. ولا إتجنى إذا خمنت بأنّ ال 5% المتبقية هي من صنع أصحاب (الحافلات والهايسات) وفي عزَّ النهار... فهم قومٌ يسابقون الهواء لحاقاً بارزاقهم. نأتي لل 95% الأهم بالنقاش. في كليات الفلسفة يستدعي بعض الاساتذه (مسألة الإشارات الضوئية) لتقديم تفسير لنظرية (العلة والمعلول) فالإشارة الضوئية في الأصل هي (معلول) وليست (عِلة)... وهي (وسيلة) وليست (غاية). فكونها (معلول) نابع من أنّها نتجت عن (علة) قصور الإنسان عن تنظيم قيادته للمركبات في غياب القانون... وهي (وسيلة) لذلك التنظيم المتوقع بين عناصر العملية المرورية... ولو حدث ذلك التنظيم بلا حاجة لتلك الوسيلة... فسوف تذهب تلقائياً... فهي ليست غاية. وعلى هذا... إذا وقف سائق عربة ليلاً... وحيداً... أمام إشارة ضوئية بلون أحمر... فهل يلزمه ذلك أن يقف حتى بلوغ الإشارة الخضراء؟؟؟ أم يواصل سيره ويمضي الى حال سبيله؟؟؟. إذا لم يكن هناك مستخدم آخر للطريق... ترجع الفلسفة الى مكوناتها الأولية... (غابت العلة فلا حاجة للمعلول)... ولا يوجد ما يلزم السائق بإتباع ألوان الإشارة الضوئية... فليمض في حال سبيله. لكنّ – للاسف – فقد فلتت الإشارة الضوئية من ايدي الفلاسفة... وأصبحت في ايدي رجال تنفيذ القانون... بعد أن مرت بأهل التشريع... فصاغوا حولها قانوناً للمرور. ولو تمّ القبض على (فيلسوف ما) وهو يتخطي الإشارة الضوئية بناء على هذه الحيثيات... فليبحث له عن مُحامٍ فيلسوف. ومن غرائبيات الدُنيا أنّ معظم السائقين السودانيين هم من الفلاسفة... فقط لا يجلسون على مقاعد التدريس بالجامعات... بل أجلستهم الحياةُ خلف مقود العربة (الدركسون). بلد ضيقة!!!. هامش فلسفي: تغيرت الإشارة من الخضراء الى الصفراء... والمرأة واقفة أمام الإشارة الضوئية، ثُمّ تغيرت الى الحمراء... ثُمّ الخضراء مرةً أخرى... والمرأة ما زالت واقفة بسيارتها. غضب شرطي المرور... لكنّه جاء اليها بكل تهذيب وقال (سيدتي... للأسف...هذه كل الألوان التي لدينا... يجب أن تختاري واحداً). التيار