حلايب رجعت؛ مبروك!!! صلاح عووضة إحتدم الصراع بين شباب حلة فوق ونظرائهم بحلة تحت حول أرض سطحاء تصلح ملعباً لكرة القدم تفصل بين الحلتين.. ورغم أن الأرض جغرافياً هي أقرب إلى حلة فوق إلا أن أولاد حلة تحت اشتهروا بشراسة كان يفتقر إلى مثلها أقرانهم كافة في تلك البلدة النوبية بأقصى الشمال.. وأجمع صبيان حلة فوق أمرهم يوماً على حسم النزاع بالقوة مهما تكن العواقب بعد أن عيَّرهم الكبار بالضعف والجبن والتفريط في (الحق).. والمعركة في حد ذاتها لم تكن هدفاً يسعى إليه الكبار هؤلاء من أجل التسلية وإنما رأوها سانحة لغرس روح الدفاع عن الأرض في نفوس أبنائهم.. كانت بالنسبة لهم أي المعركة المرتقبة شيئاً أشبه ب (المباراة الودية) التي تهيِّئ اللاعبين إلى (يوم كريهة وطعان خلس).. فوقائع هذه القصة كانت في زمان مضى حين كان النيل يجري منساباً دون (سدود!!)، وصافياً دون (دماء!!)، وهادئاً دون (ضوضاء!!).. وجلس نفر من كبار حلة فوق أمام دكان حسن شريف عصر يوم المعركة يحتسون القهوة ويترقبون عودة أبنائهم من جهة الشرق.. ولما كادت الشمس أن تلثم هامات النخيل وداعاً حتى غدٍ جديد ظهر (وفد مقدمة) الصبية ينبئ حاله (الأغبر!!) عن السؤال.. وضحك الكبار (أسىً) حتى دمعت أعينهم حين استمعوا إلى تبرير للخيبة أُريد له أن يبدو نصراً.. فقد قال كبير الوفد وهو ينفض الغبار عن ثوب صار أحق به حمدان (العوير) :(والله لوما كانوا وافقوا أننا نتفرج عليهم وهم بلعبوا مادامت الأرض بتاعتنا كنا وريناهم النجوم في عز الضهر).. وحق لنا الآن أن نضحك حتى ندمع (أسىً) كذلك ونحن نستمع إلى تفسير وزير خارجيتنا لما قال إنها نهاية لأزمة حلايب.. فحين قرأت (مينشيت) الزميلة (التيار) الرئيسي البارحة كدت أن أصيح: (الله أكبر، أخيراً فعلتها الإنقاذ واستردت حلايب بعد طول احتلال).. قلت لعل تهديد الإنقاذ الناري قبل أيام بإمكان اللجوء إلى القوة للدفاع عن أرض جنوب كردفان قد إنسحب على حلايب شمالاً كذلك. وعما قريب سوف ينسحب على أراضٍ لنا شرقاً أيضاً.. فكل تراب يتبع إلى السيادة الوطنية يستحق دفاعاً عنه بالقوة إذا عبث ببعضه عابث.. ولكم نزفت قلوبنا حزناً ونحن نرى الفضائيات المصرية تظهر الخط الحدودي الفاصل بين شطري الوادي وهو مستقيم يأبى أن يتشكل مثلثاً أقصى الشرق حيث حلايب.. إستبشرت خيراً إذاً وأنا أطالع العنوان الرئيسي لل(التيار) صباح الأمس وانزلق بصري سريعاً نحو الأسفل لأرى كيف استردت حكومتنا هذا الجزء العزيز من أرض الوطن بعد أن كدنا نشكك في نخوتها ورجولتها و(هاشميتها).. ولكن ليتني لم أفعل.. فقد كان الذي قرأته أشبه بذاك الذي قاله (وفد مقدمة) شباب حلة فوق عقب انتهاء معركة السيطرة على الميدان المذكور.. قال وزير خارجيتنا علي كرتي: (اتفق البلدان على أن يصبح قطاع حلايب منطقة اقتصادية وادارية مشتركة تلتقي فيها مصالح الشعبين).. ثم أضاف: (إن المواطنين في إمكانهم أن يتحركوا قريباً بكل حرية في حلايب).. أي أن حلايب بالعامية المصرية (راحت في الباي باي).. أو (راحت في الكازوزة).. أو (راحت في الرجلين).. و(أبقى قابلني) يا علي كرتي ومازلنا نتحدث بالمصري إذا أنزلت مصر علمها الذي يرفرف منذ سنوات على ساريته المغروسة في (قلب) حلايب.. و(آدي دأني) يا وزير الخارجية إذا عدّلت مصر في خارطتها الحدودية لتشير على الأقل إلى (التكامل) الذي قلت إن البلدين إتفقا عليه.. و(اقطع دراعي) يا ممثل الدبلوماسية السودانية إذا أوقفت الحكومة المصرية سياساتها (التمصيرية) لمنطقة حلايب أو سمحت لكم بشيء من (السودنة).. لا جديد إذن في الأمر يا حكومتنا سوى أن مصر سوف (تتفضّل) عليكم بمثل الذي (تفضّل) به شباب حلة تحت على شباب حلة فوق بالبلدة النوبية تلك في زمان مضى.. سوف يسمحون لكم ب (الفرجة!!) عليهم وهم (يلعبون بولوتيكا) على أرض حلايب.. ولا مانع لديهم من أن تقولوا: (والله الأرض أرضنا ومن حقنا أن نتفرج).. أو حتى أن تضيفوا إلى ذلك عبارة: (والله لو ما كانوا وافقوا كنا وريناهم النجوم في عز الضهر!!).. ويا نجوم (ليل!!) الإنقاذ أشهدي.. اجراس الحرية