حديث المدينة الغرق في شبر ماء..!! عثمان ميرغني قرأت في بعض الصحف تصريحاً للدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم.. عن نية حكومته زيادة فاتورة الماء الشهرية على منازل الدرجة الأولى.. استغربت للغاية من منطق مثل هذا التفكير.. الأمر بكل بساطة .. إذا كانت حكومة الخرطوم ترى أن أصحاب بيوت الدرجة الأولى يجب أن يتحملوا تكلفة استهلاك الماء نيابة عن بقية المساكن.. هنا تصبح القضية أخلاقية في المقام الأول. بأي مرجعية يحدث هذا.. هل أصحاب البيوت في الدرجة الأولى أولياء أمر بقية المساكن في الدرجات الأقل.. في تقديري هناك حل أكثر عدلاً .. ويوفر المال اللازم المطلوب.. أولاً.. خصخصة قطاع المياه بصورة كاملة. .تخرج الدولة تماماً عن هذا المرفق وتترك للقطاع الخاص أن يستثمر فيه أمواله وفق النظم السيادية التي تلزمه بها الدولة.. ثانياً.. يسمح للمستثمرين في قطاع المياه.. أن يعمموا نظام عداد الدفع المقدم.. بشرط واحد مهم وحيويّ لا يمكن التحايل عليه.. أن يكون اجمالي ما يدفعه المواطن عبر عداد الدفع المقدم .. أقل من ربع ما يدفعه حالياً (بالرسوم الشهرية).. مثلاً.. إذا كان البيت في الدرجة الأولى يدفع (60) جنيهاً في الشهر للماء.. تضبط عدادات الدفع المقدم على أن لا تكون الفاتورة الشهرية أكثر من (15) جنيهاً.. أي ربع ما كان يدفعه المواطن في الفاتورة الشهرية.. وإذا زاد استهلاك البيت على المتوسط الشهري الذي كان عليه في الماضي.. سيدفع كلفة الزيادة بالعدل.. هذا المقترح يخفف كثيراً على المواطن .. لأن فاتورة المياه ستهبط لربع قيمتها العادية.. كما يوفر للشركات التي تعمل في قطاع الماء عائدات مجزية لأن العداد سينتشر في كافة البيوت فيدخل عدد ضخم من الذين كانوا (لا) يدفعون شيئاً نظير استهلاك الماء. هذا المقترح يحقق ثلاثة فوائد.. أولاً يرفع عن الحكومة عبء الأموال الضخمة المطلوبة لتطوير شبكات المياه ومحطاتها.. فيوفر المال العام لبنود أخرى مهمة وحتمية أيضاً.. ثانياً.. يحقق عدالة توزيع تكلفة انتاج وتوصيل الماء على جميع قطاعات المجتمع كل حسب استهلاكه وحاجته للماء. ثالثاً.. يخفّض بصورة كبيرة فاتورة المياه الشهرية على المواطن.. لأنها ستنخفض إلى الربع.. وقبل كل هذا.. يرفع من مستوى الأداء في شركات انتاج وتوزيع المياه لأن القطاع الخاص أكثر مرونة وقدرة على تطوير آلياته .. وأفضل كثيراً في تقديم الخدمة من القطاع الحكومي.. وبصراحة.. يا سعادة والي الخرطوم .. اذااستمرت الولاية (والحكومة المركزية أيضاً) بنفس هذا الايقاع في التعامل مع مطلوبات الحياة العصرية للمواطن. فسيأتي عام 3000 ويجدنا يا دوبك في 2500 (لم أقل ق.م.) .. الأجدر أن ندرك أن معدل التنمية أقل كثيراً من مؤشرات عالم اليوم.. وما نحتاجه هو قفزة هائلة.. لا تتحقق بموارد الدولة وحدها.. مطلوب جذب استثمار هائل في كافة المجالات. وهذا لا يتحقق إلا إذا خرجت الحكومة بأعجل ما تيسر من كل الخدمات.. التيار