الصادق المهدي الشريف [email protected] فتح الدكتور يوسف الكودة على نفسه أبواب الهجوم الفقهي والتشكيكي مرةً أخرى من الجماعات السلفية المتعددة... والرجلُ واحدٌ منهم. ففي ورشة عمل بعنوان (التدابير اللازمة لحماية الأطفال المحرومين من الرعاية الوالدية)، دعا الكودة الى إستخدام الواقي الذكري (الكوندوم) في الممارسة الجنسية غير الشرعية لتجنب إنجاب أطفال يصبحوا في نهاية الأمر كارهين لأنفسهم وعالة على المجتمع الذي لا يعترف بهم. شهر مايو الفائت لم يكن المرة الأولى التي يجهر فيها الدكتور الكودة بمثل هذا الرأي الصادم للبعض... ففي الجمعة الأخيرة من شهر يونيو في العام 2006م (أي قبل خمسة سنوات) كتب الكودة مقالاً في صحيفة الرأي العام بعنوان (الواقي الذكري يقلل من خطر الفاحشة)... وجلب عليه ذات الهجوم الذي يواجهه اليوم. العائبون على الكودة مذهبه يظنون أنّ مثل هذا الإتجاه سوف يقود الى إنتشار الفاحشة بعد أن تتيسر وسائل الوقاية. وأعتقد انّ هذا خطلٌ بائن في التقدير، وقِصرٌ واضحٌ في الفهم... فليس من احسن الظنّ أن نتهم زوراً عالماً مثل الكودة توفرت له أسباب الإجتهاد بأنّه يدعو لنشر الفاحشة. كما أنّ باب الإجتهاد المُشرع الى يوم الحساب لا يجعل أيِّ امرٍ من إمور الدين حِكراً على الآراء الفقهية لرجالٍ فقهاءَ (نعترف بجليل فقههم)... لكنّهم لم يعايشوا عصرنا ولم يخوضوا مشكلاتنا. والقضية التي نظر إليها الكودة قد أوضحها وضوحاً بائناً لا يدانيه التدليس: أيهما أخفُّ ضرراً، زنًى مع طفل سفاحٍ؟؟ أم زنًى بلا طفل؟؟. والقاعدة الإصولية التي تدعو للأخذ بأخفِّ الضررين تقول بانّ ضرر الزنا بلا حمل هو الأخف... إذن ما هو السبيل الأفضل لزنًى بلا طفل؟؟؟ الإجابة هو الواقي الذكري. هذه هي الصورة، وليس فيها من التعدي على حرماتِ الدين من شيئ... وتظهر في قول الكودة (إنّ إستخدام الواقي يقِي من جريمةِ قتلٍ قد تكونُ مُركّبة، يكثرُ فيها المُجرمون، وبعدم استخدامهِ رُبَّما صار أولياءَ الزانية المساكين قتلةً لبنتهم، وصارتُ الأم الحبلى سفاحاً قاتلةٌ لابنها، وكثر القتل بسبب جريمةٍ كان يجبُ أن لا تتعدى إطارها المحرم، وهو الزنا الذي لا يزيد الشرع في العقوبة فيه على مائة جلدة إذا كانت الفتاةُ بكراً بإتفاق، ورجماً إذا كانت ثيباً على خلاف). قولُ الكودة لا يمنع المجتمع من الأخذ بكلِّ الوسائل التي حضَّ عليها الدين للحفاظ على المجتمع خالياً من الفاحشة ومنها (الصيام، الزواج، والتكافل من أجل الزواج، والحجاب، والاستئذان عند الدخول على النساء، وغض البصر، والقِرارُ للنساء في البيوت... إلخ). ومحاربة كلّ ما يفضي الى وقوع الزنا (الخمر، والتبرج، والخلوة، والاختلاط، وسفر المرأة بلا محرم، والخضوع بالقول... إلخ) ولكن لنسأل.. ومع وجود كل تلك الكوابح، ومحاربة كل تلك الدواعي للزنا.. هل قلت ظاهرة الفاحشة وتوابعها (من الأطفال اللقطاء)؟؟؟ ام هي في إزدياد؟؟؟. من المؤكد أنّ وتيرة إزديادها تتسارع، والأرقام تؤيد ذلك.. لأنّ هناك مشكلاتٍ إقتصادية ضاقطة ومتفاقمة... وحتى يتم حل تلك المشكلات بجهود جماعية... فإنّ رأي الكودة هو الأقرب للصواب. والله أعلم. صحيفة التيار