نور ونار قوش وقصة (شجرة الحرية) م.مهدي أبراهيم أحمد [email protected] والقصة الشعبية التي تقول أن الحلاق قد أستدعاه الملك ذات يوم ليحلق شعر أبنه الأمير وأخذ عليه العهد بالنصح تارة وبالتهديد أخري بالكتمان ولم يستبن الحلاق نصيحة الملك الا عقب دخوله علي الأمير فقد كان للأمير –أكرم الله القارئين (أذني حمار) فأندهش الحلاق وقام بالحلاقة كما يجب ثم دلف الي الملك فشدد عليه في الكتمان . وضاق صدر الحلاق بما يحمل من أسرار فقد أنعزل عن الناس وأرتابت نفسه بأن كل من يجلس معه قد يراقبه الملك لذي أحب أن ينطوي علي نفسه ولكن السر الكبير أقلق مضجعه وأرق نومه وجعله أسيرا للسهر والمعاناة فكر أن يحكي لأقرب الناس أليه ولكن نفسه لاتطاوعه فتهديد الملك لم يكن مع المجاملة اليه من سبيل . وأخير أهتدي الي فكرة الخروج من المملكة فخرج هائما علي وجه في الساحات والفضاءات فلما أحس بالأمان قليلا أطلقها صرخة أسمعت الجميع وتخلص القلب من سره وتحرر نفسه من حبس ذلك الأمر فقال بأعلي صوته (أن الأمير أذنيه أذني حمار) والآن يخرج (قوش) من صمته أو من سجنه العاجي وفي قبة البرلمان يفضح لسانه مايجيش بقلبه فطفق بعيدا عن الخوف والقلق يخرج محابيس الزمن من القضايا المسكوت عنها فتحدث صراحة عن دور مخابرات الدول في البلاد وعن خطرها الداهم الذي يجعلهم يصلون الليل بالنهار في التخابر والتجسس وتحدث عن الفساد وعن حلوله في وضع القوانين التي تحد من أنتشاره والقضاء عليه . و(قوش) يخرج أخيرا بالمثير فقد سكت دهرا ونطق خطرا من القول فقد قال بعد أقالته الشهيرة (بأنه جنديا من جنود الحركة الأسلامية ) ولكنه الآن يتجاوز الجندية الي الدور البرلماني الذي يجعله يتكلم في الهواء الطلق وفي الصقيع بعيدا عن قيود الحركة الأسلامية وسياجها العتيق لينقل لنا ماخفي خلال سنوات جلوسه في القصر وفي سدة الفساد فقد ضاق صدره بمايري ويشاهد (وقوش ) يحذر من تجسس بعض البعثات وتعكيرها لصفو الأمن القومي ويكشف عن أنواع الفساد في الحكومة وعن رؤيته للقضاء عليها . وربما نلمس في حديثه جانب الغبن الصريح علي أقالته المشهورة وربما تبرز عدة أسئلة علي السطح لماذا لم يمارس الرجل دوره الرقابي وهو علي سدة الحكم ولماذا لم يكشف صراحة عن ذلك التخابر والتجسس لصالح الدول المعادية عندما كان علي كرسي الأدارة الأمنية كل ذلك يجعل من حديث الرجل وسيلة للتنفيس كما تنفس قبله زميله المقال من الأستشارية عندما بعث الرسائل الي الرئيس ينصحه ويحذره بمن حوله من الرجال ويقول صراحة أن الشريعة في السودان بحاجة الي من ينقذها من دعاة الشريعة . ولربما أضحي حديث قوش عند بعض المحللين خطوة للعودة للأضواء أخري علي خلفية عزله وقطع الطريق أمام تطلعاته وربما تكون مناورة قصد بها الرجل لفت الأنظار أليه بما يحمل من أسرار وبما كان يضطلع عليه من مهام جعلته المسؤل الأول عن الأمن الداخلي والخارجي وظهور الرجل بهذه الطريقة وصراحته في طرح القضايا ربما تجعل من بعض النافذين يتململون من حديثه وصراحته وربما عجلت بجعل الرئيس يتخذ قرارات أكثر صرامة بشأنه علي خلفية قول الرئيس في موتمر الشوري الأخير بأنه سيحاسب كل متفلت لايتقيد برأي الحزب ولاينتهج نهج الشوري في طرح القضايا . ضاق صدر الحلاق بمارأي وشاهد فهام علي وجهه خوفا من الملك باحثا عن الحرية فأحس بالأمان تحت ظلالها الوارفة وضاق صدر قوش بما يحمل في جوفه فأتخذ من قبه البرلمان حماية وسترا في أن يجهر صراحة بما يعتمل في قلبه ومايشغل عقله من خطر الواقع وظلام المستقبل والأيام حتما ستحمل كثير تحت ظلال شجرة الحرية التي يحتمي بظلالها قوش بعيدا عن رهبة السلطان .