العصب السابع 4% للمواطن..68% للوالي ..! شمائل النور (13) ولاية تعتمد في ميزانيتها على الخرطوم، وثمانية وسبعون بالمائة، نعم 78%.. هذه النسبة الفلكية هي نسبة صرف المركز على الولايات، حسناً، إذن هي نسبة أكثر من معقولة و\"كتر خير\" المركز الذي يضع الولايات في مرتبة عالية من الاهتمام كما الخرطوم بالضبط، لكن انظروا.. هذه النسبة يذهب منها 4% فقط للتنمية أي للمواطن مباشرة، ويذهب ما نسبته 68% مرتبات وأجور.. هذا حسب ما نشرته صحيفة \"الصحافة\" بالأمس عبر تقرير خبراء وسياسيين في مجال الحكم المحلي عن تجربة اللامركزية في السودان، والمسافة بين نسبة الصرف في التنمية ونسبة الأجور غير قابلة للمقارنة لأنه في الأساس لا علاقة تربط النسبتين. وليت التقرير كشف عن: هل هذه النسبة المخجلة يحددها المركز أم يحددها ولاة الولايات الخيرون. أما ما تبقى من النسبة فلم يُكشف عنه، لعلها مصاريف الميناء البري. الأرقام أعلاه وإن لم تكن دقيقة فهي ليست بعيدة عن الواقع، وقد يكون أسوأ من ذلك بكثير، ورغم كل هذه المعطيات الآسفة يخرج علينا المسؤولون في المركز ليشكوا كيف أن العاصمة الخرطوم تعاني من الضغط عليها وتشكو وطأة سكان الولايات، وأنهم راغبون في دحر القادمين من الولايات، ذلك طبعاً دون النظر إلى الأسباب الداعية إلى هذه الهجرة المزيفة، وقد لا يعلم المسؤولون أن نسبة التنمية في الولايات تحت رحمة ال 4% أو أقل، ولا يدرون أيضاً أن الذين يقطنون الولايات، يعانون ما يعانون من سوء الخدمات لدرجة تصل إلى انعدام الخدمات، تعليم وصحة، ناهيك عن خدمات أخرى غير أساسية لكنها إنسانية استغنى عنها المواطنون، وأيضاً قد لا يعلم المسؤولون أن أي قادم من الولايات إلى المركز آت مجبر أخاك لا بطل، هل يا ترى يعلم المسؤولون أن هناك مدناً نحسبها من كبرى مدن السودان تنعدم فيها بعض التخصصات الطبية، وهل يا ترى يعلم المسؤولون في المركز أن مستشفيات الولايات مثلاً يمكن أن تتوقف عملياتها بسبب انعدام خيط العملية أو البنج.. الحديث عن الإهمال اللا إنساني الذي لحق بالولايات في عهد الإنقاذ لن يتوقف عند الصحة والتعليم فقط، لكنها تبقى هي الخدمات الأكثر من أساسية، انظروا إلى جميع مدن السودان وبمختلف مواقعها كيف كانت قبل 20 عاماً وكيف حالها اليوم.. ويا للظلم هناك ولايات منتجة ويُمكن لها أن تصرف على نفسها وتفيض، لكنها دون أن تدري تجد مالها يذهب إلى المركز لينعم به آخرون دونهم.. مدن تحتضن النيل وأهلها عطشى ومدن أظلمت شوارعها لتضيء سماء الخرطوم وهي منتجة للكهرباء، بربكم كيف للولايات أن تعيش بأقل مستويات الإنسانية وأنتم تخصصون مالها للولاة والمعتمدين وغيرها من المناصب التي أفقدت الولايات حقها. هذا ما كشفه تقرير واحد، ومن يدري ماذا تحمل الخفايا، لكن كثيراً من التجارب تصوب على موطن الخلل بكل دقة لكن لا تستطيع علاجه، وفي هذا خلل كبير، وهذا هو الحال عندنا نعلم تماماً أين تكمن المشكلة لكن نعجز عن حلها، والآن وضح جلياً ما هي الأسباب التي تجعل العاصمة تئن من حِمل الوافدين من الولايات، فهل ترى الحكومة في هذه الهجرة أسباب مقنعة.؟ التيار