تعريفات ومفاهيم خاطئه .. ولماذا دوله مدنيه لا دينيه (4) ؟ تاج السر حسين [email protected] تسود فى المنطقه العربيه تعريفات ومقاربات ومقارنات خاطئه، وللأسف تصبح تلك التعريفات مع مرور الزمن قانونا يردده الجميع – بوعى أو لا وعى - على ذلك الشكل حتى بين النخب والمثقفين لكى لا يتهموا بالجهل أو بمعاداة الأديان والمتدينين، وهم المنوط بهم قيادة مشاعل التثقيف والتنوير وتصحيح الأخطاء والتعريفات. فلا أدرى من اين جاءت المقارنه بين (الأخوان المسلمين) بجميع تصنيفاتهم المتشددين والمعتدلين وبين الليبراليين والعلمانيين والديمقراطيين والأشتراكيين والشيوعيين؟ وكيف انطوت هذه الحيله المقصوده على النخب المفكره والمثقفه وقنعوا بها؟ الا يوجد بين هؤلاء الليبراليين والأشتراكيين وباقى رفاقهم من يدينون بالأسلام وغيره من الأديان، عرفوا بحسن دينهم وأخلاقهم وكرمهم وطيب معشرهم معاملتهم؟ وهل هناك دين أكثر من (المعامله)؟ فلماذا صمتوا عن اختزال الدين الأسلامى وأحتكار التدين فى جماعه بعينها؟ فالمقارنه بين الليبراليين وغيرهم من اتجاهات سياسيه علمانيه ومدنيه، يفترض ان تكون مع المحافظين والوسطيين والمعتدلين .. فالآسلام دين و(الأخ المسلم) يجب أن يقارن بالأخ المسيحى واليهودى والبوذى والهندوسى ومن لا دين له بصوره مطلقه. ولو حددت التعريفات على هذا النحو، فسوف يواجه كل من يضع اسم دين الى جانب تنظيمه السياسى، بأنه قد خالف ما اتفق عليه الناس فى عدم اقحام المعتقد الدينى فى السياسه، فاقحام الدين فى السياسه طائفيه وأقصائيه ودعوه لفتن لا حدود لها. والأنسان المتدين حقيقة غالبا ما يكون أبعد الناس من التكالب على السلطه ومن الوصول لكراسى الحكم، ويشعر بأن دوره الأساسى فى المجتمع فى المشاركه فى الجمعيات الخيريه وفى والدعوه لأصلاح المجتمعات وبالتى هى أحسن .. وهنا اتفق مع ما كتبه الدكتور المصرى/ عمار على حسن، على صحيفة (المصرى اليوم) بتاريخ 12/6/2011، وللعلم فهو مسلم عادى يقدم من وقتا لآخر برنامجا دينيا على قناة دريم 2. كتب د. عمار ما يلى:- ((كان يجب ألا نضع دينا عظيما عميقا شاملا راسخا رائقا رائعا مثل ''الإسلام'' .. على الإطلاق فى مقارنة مع فلسفة واتجاه إنسانى مثل ''العلمانية '' .. أيا كانت حدودها وروافدها، وكان يجب ألا نظهر الأمر وكأنه صراع بين ندين، وما هما كذلك. ولو أن من يزعمون انتصارهم للإسلام يعرفون جيدا قيمة هذا الدين وقامته ما وضعوه أبدا فى مواجهة مع مذهب فكرى، لكن الجهل ساد وعم وطم، لأجد نفسى هنا فى هذا المقام مجبرا ومضطرا أن أعامل هؤلاء على قدر نواياهم، التى لا أشك فى إخلاصها، وإن كنت متيقنا من أن الصواب قد جانبهم فى كثير من الأمر، حتى لو كان لا يعلمون)). وما يدور فى مصر هذه الأيام من جماعة (الدين السياسى)، وحلفائهم جميعا وبأشكالهم المختلفه ينذر بخطر على المنطقه كلها وبردة شديدة الظلام نحو الخلف، لما لمصر وما يدور فيها من تأثير قوى اذا لم يتداركه العقلاء بالأصرار على قيام الدوله المدنيه الواضحه المعالم بدون لف أو دوران والتى تمنع الفوضى والأنفلات بقانون (انسانى)، دون حاجه الى أستخدام أى تشريعات دينيه، تعمل على تفريق الناس وتشرزمهم وتمزيق الأوطان كما حدث فى تجربة السودان خلال 22 سنه من الحكم (الأسلاموى) الذى بدأ عنيفا وشموليا منذ اول يوم وأنتهى بالطغيان والأستبداد والفساد والقتل وسفك الدماء والأباده الجماعيه، حتى احتارت المحكمه الجنائيه على أى جريمه تحاكم حكام السودان؟ فرق النظام (الأسلاموى) أهل السودان أربا وجعل مواطنين أصلاء فى منزلة (دون) وفى تصنيف درجه ثانيه وفى أحسن الأحوال ذميين ومؤلفه قلوبهم. ومن خلال رصد لما يدور فى الساحه السياسيه وما يكتب فى الصحف المصريه هذه الأيام تسمع وتقرأ كثير من العجائب، وما يؤكد ضرورة تأسيس (الدوله المدنيه الديمقراطيه) دون أى زيادات أو التفافات. خذ مثلا موقف (الأخوان المسلمين) فى مصر مما تراه القوى الوطنيه الليبراليه التى اتفقت على صياغة دستور قبل الأنتخابات النيابيه، تجد رفض الأخوان المسلمين ومن هم فى خطهم مبنى على رغبتهم فى عدم اشراك القوى السياسيه الأخرى بنسب جيده فى الجمعية التاسيسيه مما يؤدى الى صياغة دستور يقر مبدأ الدوله المدنيه، لأنهم يشعرون بامكانية تحقيق اغلبيه فى الأنتخابات النيابيه منفردين أو مؤتلفين تمكنهم من صياغة دستور أسلامى بالكامل، لا يستند على مقاصد الشريعه، كما يدعون. وبرصد لما نشر فى صحيفة (المصرى اليوم) خلال يومين فقط نجد ما يلى:- فى يوم السبت 18/ 6/ 2011 نشر تصريحا على لسان قيادى سلفى قال فيه: (العلمانيون والليبراليون لا يمتون للأسلام بصلة). قيادى سلفى : من لا ينتخب مرشحا أسلاميا للرئاسة \" يتحدى الله ورسوله\". \"من لا ينتخب مرشح رئاسة يطبق الشريعه الإسلامية ويرفع راية الإسلام ومعروفاً بحسن سيرته فإنه يتحدى الله ورسوله»، بهذه العبارة عرض القيادى السلفى حسن أبوالأشبال رؤية السلفيين لمرشح الرئاسة القادم، وقال فى أحد دروسه على قناة «الحكمة»، وهو الفيديو الذى انتشر على موقع «يوتيوب»: إن من ينتخب غير الإسلاميين فكأنه يقول لله: «يا رب إنك طالبت بتولى رجل مسلم أمر المسلمين وأنا أعترض على هذا، وأختار رجلاً علمانياً منكراً لوحدانيتك أو ليبراليا يفعل كما يشاء دون قيد لشريعتك». أضاف «أبوالأشبال»: كل الدعاوى التى ترشح العلمانيين والليبراليين لرئاسة الجمهورية لا تمت للإسلام، وأصحابها أيضا لا يمتون للإسلام بصلة، وكثيرون سألونى: ماذا لو انتخبنا رجلا غير إسلامى.. هل يكون علينا إثم؟ يعنى من لا ينتخب مرشحا اسلاميا لا يتحدى البشر وأنما الله (بحسب زعمه) .. وهنا يكمن الخطر. وفى يوم الثلاثاء 21/6/ 2011 ، نشر تصريح لنائب مرشد الأخوان فى مصر تحت عنوان (نائب المرشد : المشروع الأسلامى الذى تحمله الجماعة هو \" تكليف الله\". جاء فيه:- قال الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين: ))المشروع الإسلامى الذى حملته دعوة الإخوان هو تكليف الله لهذه الأمة بأن تكون شاهدة على مستوى الأرض والزمان)). وهنا تكمن المشكله، فكلما يراه (المتأسلمون) هو من عند الله لا من عند بشر عاديين، يفكرون ويعملون ويخطئون ويحاسبون مثل غيرهم من الناس على ما يطرحونه من برامج. لك الله يا مصر .. وأنقذ السودان من نظام فاسد ازل شعبه وأهانه وجعله سائحا فى البلدان. آخر كلام:- فى المقال السابق طلب احد القراء المحترمين، بأن نكف عن تدليل المصريين، ونحن نقول له بأن رؤيتنا كسودانيين فى علاقات أستراتيجيه مع مصر (قدر) لا مفر منه ونؤمن بذلك ونعمل من أجله .. ولكن كيف يكون شكل تلك العلاقات ؟ هل كما يفعل (المؤتمر الوطنى) ورئيسه الذى يتهافت على مصر من اجل أن يبقى على الكرسى لأطول مده ممكنه؟ لا ليس كذلك، نحن نرجو أن يحكم السودان ومصر نظامين ديمقراطيين، وأن تتأسس بعد ذلك علاقات متينه مبنيه على الحب والصداقه والنديه والأحترام وحسن الجوار والمصالح المشتركه، ومن أجل ذلك تبدأ بمعالجة أخطاء الماضى. اما اى علاقة فى الوقت الحاضر لمصر مع نظام الأنقاذ الفاسد، فهى تمثل ضربه فى خاصرة السودانيين الشرفاء الذين يسعون للتغيير ويعملون من أجله ليل نهار.