في التنك مشردون أصبحوا مهندسين وأطباء بشرى الفاضل [email protected] عندما كتبت أمس هنا بضرورة تجفيف شوارع المدن السودانية من المشردين وإيوائهم في مدارس ومؤسسات مخصوصة بداخليات جاءتني العديد من الرسائل الالكترونية التي وصفتني بالحالم وبعض أصدقائي الذين يعرفونني قالوا لي: (بالله خلينا من تهويمات الشعراء دي). لكنني أرى أن ذلك ممكن.المواطن الذي لا ماوى له في قاع المجتمع تماماً وهو يأتي بعد المواطن الذي يتعرض لنيران الحرب مباشرة.وسواء أصبح ذلك المواطن مشرداً أو نازحاً فيجب أن تكون أولوية الدولة القصوى موجهة نحوه. القرى ليس بها مشردون بسبب نظم التكافل الاجتماعي هناك. وللآسف في وقتنا الراهن أصبحت هناك قرى كاملة مشردة! بعد الثورة الروسية عام 1917م عهد الثوار لمدرس التاريخ (كارلينكو- تنطق بفتح الكاف وإهمال الواو) أن يجفف شوارع المدن الروسية من المشردين وكانوا بالآلاف من الأولاد والبنات. ففعل ذلك رغم الصعوبات الجمة التي واجهته. وفرت له االحكومة الوليدة ميزانية فأقام نزل (داخليات) ومدارس لهم وبعد سنوات من الإخفاقات والمتاعب تمكن خريجو هذه المدارس من المشردين السابقين من أن يفككوا طائرات أمريكية الصنع و أن يصنعوا مثلها.لقد أصبح الكثيرون منهم أطباء ومهندسين. تجربة المعلم كارلينكو أصبحت عالمية وسطرها في كتابه الشهير الذي جاء بعنوان (قصيدة تربوية) هكذا ربط هذا المعلم الروسي الذي من اسمه يتضح أنه من أصول أوكرانية تجربة إيواء ألاطفا ل ممن لامأوى لهم بالشعر عندما سمى كتابه قصيدة فهل كان حالما؟ لا بل كان مربياً عملياً. نحن في السودان لدينا حكماء عديدون.لا يهنأون الآن بشيخوخة هادئة وسط أحفادهم ، بعد أداء خدمة ممتازة كافأتهم الدولة نظيرها بالنذر اليسير، وذلك لان مخصصات معاشاتهم لا تقيم الأود. و تسيء إلى وضعهم الاجتماعي .هؤلاء هم قدامى المعلمين .فلنعهد لهم بهذه المهمة الجسيمة وعلى يقين بأنهم سيسعدون بإنجازها وستبرق عيونهم بالفرح.ولنوفر لهم جميع أموال ديوان الزكاة بما في ذلك مخصصات القائمين عليها! ومخصصات وزارة الرعاية الاجتماعية فالمشردون والنازحون في السودان أولى. سيقول قائل : يا حالم المشردون موجودون حتى في أمريكا نفسها. مثل هذه الآراء مما اسميه ا الآراء الاعتراضية المضادة المدمرة التي لا تبني على الفكرة بل تنسفها . نعم المشردون موجودون في كل دول العالم المتقدم أيضا ويتعرضون للمخاطر.لكن نحن نتحدث عن مشردي السودان.نحن نتحدث عن مشكلتنا وسبل معالجتها وما يهمنا من العالم ليس الفرجة أو الشماتة بل هو التعلم من سبل معالجتهم للظاهرة لا غير. _________________ من صحيفة الخرطوم