زمان مثل هذا الصواعق وحصاد الشائعات الصادق الشريف صحف الأمس حملت خبراً عن وفاة 21 شخصاً وإصابة أكثر من 80 فرداً كانوا يستغلون (هنقر) كمسكن لهم بأحد المعسكرات.. والمتوفون ينتمون لإحدى الفصائل المتمردة التي انضمت لحكومة غرب دارفور.. وقد شهدت الولاية زوابع رعدية وأمطار كثيفة أمس وأمس الأول. والصواعق هي المُتكأ الحصين للشائعات.. فهي فعلٌ إلهيٌّ كامل الدسم.. لم يدَّعِ إنسانٌ على مدار التاريخ أنّه يستطيع صناعة صواعق رعدية.. أو إرسالها. وكما يفسر كثيرٌ من النّاس كلام الله (قرآن/إنجيل/توراة) حسب أهوائهم.. فهم كذلك يفسرون (سنن الله) المستمرة حسب ذات الأهواء. فرُبَّ قائل ٍعنهم شراً.. بأنّ الصاعقة تلك هي عقابهم لأنّهم عقدوا سلاماً مع ولاية غرب دارفور وخانوا قضية أهلهم.. ومِن قائلٌ عنهم خيراً بأنّ الله اصطفاهم الى جواره بعد أن دخلوا في السلم كافة. ونحكي قصة... ففي العام قبل الفائت.. وفي ولاية الجزيرة الخضراء.. ضربت صاعقة رعدية قبة شيخٍ من الشيوخ المعروفين هناك. أهل القرية احتفوا بالحدث احتفاءً كبيراً.. وقالوا إنّ الشيخ قد صرف عنهم تلك الصاعقة بسحبها الى قبته.. بدلاً من أن تصيب المواطنين المساكين. وأقاموا (حولية) كبيرة في غير ميقاتها.. وضربوا الدفوف.. وسهروا إلى ما بعد منتصف الليل مع طبولهم ودفوفهم. حُوَّارُ شيخٍ آخر كان من الممكن أن يفسروا ذلك الحدث الصاعق تفسيراً عكسياً.. فيقولوا إنّ غضباً إلهياً نزل على الشيخ الذي لم يكن يتبع (طريق القوم) بالصورة التي طلبها القومُ منه. بينما الذي حدث – علمياً - هو أنّ الهلال الذي يزين أعلى القبة هو الجسم المعدني الذي امتصّ الصاعقة بعيداً عن (البيوتات الحزينة). لكنّ هناك تفسيراً شرعياً بالطبع لمسألة الصواعق.. فهي من سنن الله الثابتة.. والتي يقسمها العلماء الى سنن انتظام (الليل – النهار- الشمس – القمر – إلخ) وسنن اضطراب (زلازل – براكين – صواعق – إلخ). يقول علماء التفسير إنّ الصواعق تصيبُ المسلم والكافر لا فرق.. ولكنّها لا تصيب (المسلم الذاكِر).. الذي يذكر الله في وقت المطر والرعد.. وفي هذا تكفل ابن عباس بالدية لأيِّ مسلمٍ ذاكرٍ تصيبه صاعقة بقوله (من قال حين يسمع الرعد:سبحان الذي يسبحُ الرعد بحمده، والملائكةُ من خيفته، فإنّ أصابته صاعقة فديتهُ عليّ).. والفكرة ليست الدية.. ولكنّه حديث يعكس مدى ثقة ابن عباس في استحالة إصابة الصواعق للمسلم الذاكِر.. وابن عباس هو من دعا له الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم (اللهم فقههُ في الدين.. وعلمه التأويل). أمّا الآية في سورة الرعد (... ويرسل الصواعق فيصيبُ بها من يشاء ...) فلها قصة.. فقد نزلت في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة (من بني عامر).. وقيل إنّها نزلت في رجل من طواغيت العرب بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم نفراً يدعونه إلى الله ورسوله والإسلام.. فرفض وتكبّر وسأل (أمن لؤلؤٍ أو ذهبٍ.. إله محمد؟؟).. فنزلت عليه الصاعقة. أمّا قومُ غرب دارفور.. الذين مات بعضهم وجُرح بعضهم الآخر فأمرهم الى الله بلا شائعات.. نسأل اللهَ الرحمة لمن مات.. والشفاء لمن جُرح. التيار