المناظر..الفيلم \"قرّب\"..! شمائل النور يُمكننا باختصار شديد القول بأن صحيفة \"الجريدة\" اكتسبت شرف تدشين قانون الصحافة الجديد، فقد صادر جهاز الأمن عدد أمس السبت بعد الطبع، وبعد الطبع هذه موضة جديدة لم يكن يتبعها جهاز الأمن في سابق عهوده، وأظن الفهم من هذه الموضة الجديدة بحيث يصبح الأمر ميتة وخراب ديار على الصحيفة المصادرة وتكبيد الصحف خسائر مالية على خسائرها.. وكالعادة \"الجريدة\" لا تعرف ماهي الأسباب التي توجب على جهاز الأمن مصادرتها، ليُترك الباب مفتوحاً للتكهنات، كما حدث قبل أيام مع صحيفة \"الأحداث\" وقبلها مع صحيفة \"التيار\"؛ لكن الواضح ألا سبباً لمصادرة عدد بعينه، فالمسألة في مجملها \"غرسة أضان\" لايصال رسالة لكل الصحف وليست بالضرورة الصحيفة المصادرة. اتجاه الحكومة إلى خلق قانون جديد للصحافة وبهذه الهرولة غير المطمئنة إنما ينبئنا بأن الحكومة ليست لديها أدنى رغبة في التغيير إلى الأفضل إن لم تكن راغبة في التغيير إلى الأسوأ، لأن أداء الصحافة خلال الفترة الفائتة كشف كثيراً من الملفات التي ربما تكون خافية حتى على الحكومة ذاتها، والغريب في الأمر أن الحكومة أبدت تجاوباً مع هذه الملفات وعلى لسان نائبها الذي أعطى إشارات خضراء للإعلام ليكشف الفساد وكان هذا إبان حملة محاربة الفساد التي صمتت عنها الحكومة، لكن يبدو أن الأمر قد استفحل وأدركت الحكومة أن السيل بلغ الزبى فلن تنفع جراحة ولا استصال والحل في أن \"تنسى الفكرة\" وبدلاً أن تقطع دابر الفساد فلتقطع دابر الذي يقلب عليها المواجع فهذا أصلح وأفيد بحسابات كثيرة... قيل إن الحكومة \"زعلانة\" من الصحافة والصحافيين وعلى رأس الغاضبين على الصحافة وزارة المالية، فقد حملت الأخبار قبل أيام أن وزير المالية اشتكى في جلسة في مجلس الوزراء تحامل الصحافة عليه ونشر غسيله وبدا للوزير أن الصحافة تقصده دون العالمين؛ لكن نقول إن علي محمود فقد انطبق عليه المثل السوداني \"شقي الحال البيقع في القيد\"، فمن يقصد الوزير دون غيره ليست الصحافة، قد يكون الحظ العاثر مثلاً، ثم \"زعل\" نائب الرئيس ذات النائب الذي منح الضوء الأخضر للإعلام حتى يقوم بدوره المطلوب هذا قبل أن يصف الصحافة جملةً بإثارة الفتنة و\"زعل\" ثم \"زعل\" والي الخرطوم لسؤال أحد الصحفيين عن سيارته الفارهة.. الطبيعي ألّا ترضي الصحافة حكومة تنظر إليها باعتبارها العدو اللدود، وهذا مربط الفرس، طالما أن نظرة الحكومة لن تتغير تجاه الصحافة وتظل تنظر للصحافيين كأعداء فقط همهم النيل من عدوهم الحكومة، لن ننعم بجو صحفي ولا علاقة طبيعية بين الصحافة والحكومة، المهم في الأمر أن القانون الجديد الذي يتحدثون عنه سوف يطال حتى النشر الإلكتروني،أي الفضاء الذي يتنفس فيه القراء من الكبت الورقي، ويعلم الجميع أن النشر الإلكتروني لا يخضع إلى أي قانون ولن يحدث، لأنه فضاء لا يحتكم إلى قانون الأرض وجورها، فكيف يتحكمون في النشر الإلكتروني ويفصلون له قانون يحاسب هذا ويُكمم تلك ويعتقل ذاك، فلننتظر الفيلم. التيار