حروف حرة فضيحة بجلاجل لنا مهدي عبدالله [email protected] محير هو دكتور حسن الترابي، وفي نفس الوقت الحيرة حوله مقيدة فهو - لمن أراد فهمه- محض انقاذي يحاول بكل ما أوتي من قوة إتقان عملية (تدوير) تاريخه ليحل ضيفاً علينا في ثياب المعارض للانقاذ بل ويطالبنا بتصديقه وربما يتوقع منا التصفيق بحرارة كلما أدى مشهداً –بغير براعة- في كل تمثيلياته الممجوجة! كثيراً ما يهاجم الترابي رئيس النظام عمر البشير ولا يكاد يخلو لقاء إعلامي من تعريض بالثاني من قبل الأول برغم أنهما (دافننها سوا)؛ فاثنتان وعشرون سنة ليست تاريخاً موغلاً في القدم لينسى الناس هارموني الشخصيتين وتناغمهما في دراما تضييع الوطن! المحير أكثر أن صفعة تلاميذ الترابي له عندما انقلبوا عليه بعد المفاصلة -والتي يثق كل مراقب أن آثارها لا زالت على خده- لا تبين على وجه أي حوار صحفي للترابي؛ فهل حنقه من البشير أضعاف مضاعفة لحنقه على التلاميذ المنكرين لشيخهم الدكتور المنقلبين عليه؟! قطعاً لا؛ فألم الانسان مما يعتبره ظلماً لأولي القربى أشد وأقسى من ألمه من آخرين على مسافات أبعد قليلاً منه؛ فلماذا في هذا التوقيت بالذات يكثر الترابي من هجومه على البشير بل ويجتريء على فضح ما لا يقال إلا في مجالس الخواص؟! ولكي نكون علميين ومنهجيين لا بد أن ندلل على ما أوردناه عاليه؛ فقد ارتج عالم الإعلام بشقيه الإسفيري والميداني قبل أيام بأخبار تصريحات الترابي عن البشير وكشفه لقسم كبير من المستور والذي فجره في ندوة \"الشروق\" فانفتح باب الحديث عنه بدوي عاصف ولم ينسد حتى ساعته! قال الترابي :\"البشير ديكتاتور، وهو الذى كان طوال الوقت يفضل فصل الجنوب ليتفرغ لقمع أبناء شمال السودان المطالبين بالحريات، كما أنه عنصرى، يطلق على الجنوبيين لفظ العبيد، بل إن وزيره لعدة سنوات على الحاج، وهو طبيب من أقصى غرب السودان، كان البشير يطلق عليه الفريخ، ومعناها العبدالصغير وهى كلمة للتحقيرمن بقايا عصر العبودية والرق الذى ألغى فى السودان أوائل العشرينيات من القرن العشرين\"! البشير الدكتاتور يا دكتور ألم يأت بمشورتك بل بقرارك وأليس هو من نفذت معه تمثيلية واحد للقصر وواحد للسجن لتحكموا قبضتكم بعدها على السودان وتخنقوه بانقلاب هو الأسوأ في تاريخ السودان قديمه وحديثه ومعاصره؟! وأمام من قال البشير كلامه ونعوته العنصرية السخيفة أليس أمام الترابي؟ وماذا كان رد فعل الترابي وقتها؟ أكاد أجزم أنه ابتسم ابتسامته الصفراء ولوح بيديه تلويحته المستفزة الشهيرة ولم يفتح الله عليه بالطلب من البشير ألا يحقر عبداً من عباد الله لأن كلنا عبيد رب العالمين! وهل كان البشير ليجتريء على أن يقول في السر ما لا يمكن قوله في العلن ؟! فمن الواضح أن رئيس النظام قال كلامه هذا أمام من يعتبرهم ثقات -وبالتأكيد كان الترابي أحدهم –والبشير كان واثقاً أن حديثه سيبقى طي الكتمان! والنقمة على البشير ليست لأنه فقط من (بشتن) الدكتور وجرده من أفضل تلاميذه، فالمدقق لما بين سطور كلام الترابي يلمح صراع الإرادات في الحركة الإسلامية السودانية كما يلمح بدون كثير عناء تقييم الترابي العالي لنفسه باعتباره من أهل (الساس والراس) في الحركة بينما البشير (مستجد نعمة الكوزنة) ولكل ذلك فضحه (فضيحة بجلاجل)! وأخيراً وليس آخراً فالمؤتمران الشعبي والوطني وجهان لعملة واحدة ومحاولة إلباس الترابي لنفسه ثوب المعارض المجاهر بالحق محاولة تبعث فقط على الملل، وربما تدفع ببعض البسمات ساخرة لترتسم على وجوه من يعرفون (البير وغطاها)، فالشعب السوداني على ثقة أن الترابي وزمرته ليسوا لله بل للسلطة وللجاه! مع محبتي؛