بقلم / حامد إبراهيم حامد : أخيرا صدقت تنبؤات المراقبين للشأن السوداني رغم محاولات السودانيين الحادبين على ما تبقى من السودان تكذيب ذلك، ووصلت الحرب الى منطقة النيل الازرق في جنوب شرق السودان وبالتالي اصبحت حدود السودان من ليبيا على الشمال الغربي مرورا بتشاد وافريقيا الوسطى ودولة الجنوب الحديثة واثيوبيا مشتعلة بين الحكومة والحركات المسلحة، الدارفورية في دارفور والحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الازرق والامور ترشح وقوع حرب أخرى في الشرق بين رافضي جبهة الشرق والحكومة. ولكن قبل الدخول في اسباب هذه الحروب وهي معروفة للجميع ، السؤال المطروح من المسؤول في اندلاع حرب النيل الازرق؟ هل الحكومة السودانية ام حزب الخال الرئاسي الذى لا يرى السودان الا في الحرب ام الحركة الشعبية قطاع الشمال التى تنظراليها الخرطوم بانها عميلة لدولة اجنبية ام دولة الجنوب ام مالك عقار وياسر عرمان؟ رغم ان هناك توقعات بنقل الحرب من جنوب كردفان الى جنوب النيل الازرق الا ان تسارع الاحداث بهذا الشكل يجعل الامور تبدو كأنها مدبرة من جهات ما داخلية وليست خارجية لها مصلحة في تأزيم اوضاع السودان ، فمالك عقار المتهم في نظر البعض في جرالمنطقة لحرب جديدة كان قد اعلن في عدة مناسبات ومنذ اندلاع ازمة جنوب كردفان انه لا يرغب الدخول في حرب وجر ولايته اليها ولكن في ذات الوقت هولا يريد ان يسمح للمؤتمر الوطني أن ينقل مليشياته والجيش الحكومي والعتاد الحربي للولاية في حين ان هناك نافذين لا يرون فيه الا عميلا يجب طرده وبالقوة وتطهير الولاية منه. وهذا ما قاد الى الوضع الحالي، الذى حير الشعب السوداني الذى تفاجأ بين ليلة وضحاها باشتعال الحرب واعلان جنوب النيل الازرق منطقة طوارئ حربية ، جعل الطرفان الحكومي والحركي يدخلان في ملاسنات واتهامات بالتسبب في تدهور الاوضاع. فالطرفان مطالبان بكشف الحقائق في من اطلق رصاصة الرحمة فيما تبقى من اتفاقية نيفاشا الهشة؟ بعدما ابتلعت المطامع وعدم الثقة ابيي وجنوب كردفان، فما يهمنا لماذا العودة للحرب مرة اخرى ومن الخاسر؟ ولماذا النيل الازرق؟ فالحكومة السودانية كدأبها في كل الحالات السابقة تسابق الزمن وتتهم الحركات ببدءالحرب وانها لم تشذ ايضا في هذه المرة واعلنت باكثر من لسان واكثر من وسيلة اعلامية بأنّ الجيش الشعبي (جناح مالك عقار المدعوم من جوبا حيث حكومة دولة الجنوب ) هاجم القوات المسلحة السودانية وان الحركة قبل بدء الحرب سحبت مسؤولين سياسيين وعسكريين في الجيش الشعبي واسرهم وعلى راسهم مالك عقار من الدمازين عاصمة الولاية الى الكرمك الحدودية مع اثيوبيا والجنوب في إشارة الى نوايا قتالية مبيتة. الجيش الشعبي رد من ناحيته مفندا دفوعات الخرطوم وقال إنّ القوات المسلحة السودانية هي التي بدأت الهجوم بإطلاقها النار على ثلاث سيارات عسكرية تحمل أسر مسؤولين كانت تتجه من الدمازين للكرمك وهذا يؤكد أن الحرب بين الطرفين مدبرة مسبقا، وكل طرف يعلم بنوايا الطرف الاخر، فالحكومة نقلت الجند والمليشات وهيأت الاوضاع سياسيا وعسكريا والحركة الشعبية احتاطت للامر ونقلت قادتها واسرهم الى مناطق أمنية بعيدة. ورغم ذلك فكل طرف يحاول ان يرمي باللائمة على الطرف الآخر.. ومن يتابعُ مثل هذه التراجيديا السودانية منذ عهد المصفوفات ما بين الحركة الشعبية الام والحكومة وما بين الحكومة السودانية وحركات دارفور المتصالحة معها سيتوهُ في داخلها ولن يخرج منها أبداً لانه كلما حاول الخروج يدخل في متاهة جديدة بطلاها طرفان شريكان وفقا لاتفاقية سلام ما. ما يهم الشعب السوداني ليس الشراكة من اجل الحكم وانما عدم العودة للحرب في اى مكان بالسودان، فاللعب بالنار ليس في صالح الجميع، فاذا كان المجتمع الدولي قد سكت عما جرى في دارفور، لاجل انجاح اتفاقية نيفاشا، وسكت عما جرى في ابيي وجنوب كردفان من اجل تمكين دولة الجنوبالجديدة فلن يسكت هذه المرة عما يجرى في النيل الازرق، لان اشتعال الحرب في مساحة بطول اكثر من1400 كيلومتر ليس بالسهل، وهذا يعني ان نقل الحرب للنيل الازرق ايا كان دوافعها سيكون له عواقب وخيمة، فالاتحاد الافريقي الذى هندس لاتفاقية اديس ابابا بدعم دولي واقليمي لن يسكت خاصة ان عقار نفسه قد وقع الاتفاقية المرفوضة خرطوميا، كما ان اثيوبيا التى اصبحت لاعبة اساسية في الصراع السوداني بعدما قننت وجودها عسكريا بابيي لن تسمح بنقل الحرب لحدودها وهي تعلم مدى اضرار هذه الحرب، فهذه الحرب الجديدة ايا كان دوافعها واسبابها ومسبباتها غير مقبولة، والشعب السوداني غير معني بتصفية الحسابات الشخصية بين شركاء الامس واعداء اليوم، فالحرب يجب ان تقف ليس في جنوب كردفان والنيل الازرق وانما في كل السودان، لقد جربنا الحرب على مدى اكثر من 20 عاما وكانت النتيجة فصل الجنوب والان هناك جهات تعمل لتفتيت السودان وبدأت بمحور دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. والحركة الشعبية مجرد فزاعة وكبش فداء. فالمهم منع تفتيت السودان ،وان ذلك مرهون باعادة الثقة للشعب السوداني،، فالاوضاع الاقليمية والدولية تهيئ اوضاع السودان للاسوأ فالسودان ليس بمعزل عن التدويل والاقلمة لانه اول من بدأ في هذه المتاهة، ونخشى ان تقود الاوضاع المتدهورة بقوة في النيل الازرق للتدويل من اوسع الابواب. الراية