* [email protected] قرار مجلس حقوق الإنسان الذي تبناه بموجب مشروع قرار تقدمت به المجموعة الإفريقية لم يكن إنهاء لولاية الخبير المستقل كما تناقلته الصحف السودانية وما حدث هو إنتقال لوضع السودان من البند الرابع \"بند الإجراءات الخاصة\" أي (القضايا التي تشغل إهتمام مجلس حقوق الإنسان) إلى البند العاشر وهو بند \"بناء القدرات و المساعدات الفنية\" .Technical assistances بناءاً على إجماع الدول الأعضاء ال47 في مجلس حقوق الإنسان على مشروع القرار L4 المقدم من المجموعة الإفريقية التي تترأسها السنغال مدعوم من المجموعة العربية برئاسة مصرقد صادق المجلس على مشروع القرار الذي يدعو إلى إنتقال السودان من مطرقة العقوبات إلى مرحلة بناء القدرات مبررا هذا الإنتقال حسبما ورد على لسان ممثل السنغال بالتطور في مجال حقوق الإنسان في السودان بما في ذلك إجراء الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان ، والجهود التي بذلتها الحكومة في إكمال تطبيق اتفاقية السلام الشامل والاعتراف المبكر بالدولة الوليدة. ولم يخف مشروع القرار إنشغاله بالأوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، داعيا طرفي النزاع لبذل أقصى جهودها لإنهاء العنف وإيقاف المصادمات، لتثبيت احترام القانون و حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الولايتين. القرار الذي تبناه المجلس بشأن السودان سينقل ولاية الخبير المستقل التنزاني محمد عثمان شاندي من ولاية رقابية إلا مهمة بناء القدرات لمدة عام قابلة للتجديد ليتمكن السودان في الوفاء بتعهداته و التزاماته في مجال حقوق الإنسان. قضية التوافق بشأن السودان التي أجمع عليها جميع أعضاء المجلس بما فيهم أمريكا و الكتلة الأوربية برئاسة بولندا فاجاءت المراقبين حيث لم يعتاد المجلس على صيغة التوافق وعدم اللجوء للتصويت خاصة عندما يتعلق الأمر بالسودان الذي كان يرزخ تحت مطرقة البند الرابع منذ لجنة حقوق الإنسان التي استبدلت بالمجلس في 17 يونيو 2006 لم يستطع السودان الخروج من نفق البند الرابع \" بند الدول سئية السلوك\" إلا بهذا القرار حيث قضى فيه حوالي عشرين عاما رافقته كوبا و إيران وكوريا الشمالية و زمبابوي و بيلاروسيا وميامار مؤخراً. البعض يرى أن خطوة الإجماع على مشروع القرار الإفريقي الخاص بنقل السودان من مرحلة الإدانة إلى مرحلة التأهيل و التدريب تظهر جليا بأن ثقافة التوافق بين أعضاء المجلس قائمة فعلا وفي ذلك علامة مميزة في الطريق الذي خطاه مجلس حقوق الإنسان\" منذ تأسيسه في يونيو 2006 وفريق أخر وصف إجماع المجلس على قضية السودان بأنها حالة مزاجية استثنائية لأن المجلس لم يعترف كليا بتطور حالة حقوق الإنسان في السودان و لا زال منشغلا بأحداث ولايتي جنوب كردفان و النيل الأزرق ويرى أن قضية الإجماع لم تأتي في الوقت المناسب. ولكن ممثلة الإتحاد الأوربي سفيرة بولندا التي رحبت بتجديد ولاية الخبير المستقل تحت البند العاشر أكدت على ضرورة إبقاء الخبير المستقل في هذه المرحلة لبناء القدرات و المساعدات الفنية. وترى الدبلوماسية السودانية في جنيف التي رحبت بهذا الإنتقال أن التعاون الذي ظل يبديه السودان لمجلس حقوق الإنسان اصطدم على الدوام بجدار المواجهة القائمة على التنميط السلبي لحالة حقوق الإنسان في السودان مما خلق معه نوعا من الشعور العام بإستهدافه دون غيره من الدول. جدل الإنتقائية و التسييس في أروقة المجلس لا زال قائماُ البعض يصف المجلس بانه أفضل من سابقته (لجنة حقوق الإنسان) في معالجتة لقضايا الدول و فريق آخر يرى أن بقايا الممارسات التي عصفت بلجنة حقوق الإنسان مازالت سائدة مثل تفاقم ظاهرة \"التسييس\" وطغيان \"الانتقائية\"وإذدواجية المعايير والكيل بمكيالين ولكن ما دام المحفل محفلا لممثلي الدول وهو شبه حكومي فلا غرابة في وجود هذه الحسابات السياسية والتكتلات الإقليمية\". البعض ذهب إلى أبعد من ذلك في وصفه لمنظمات المجتمع المدني التي عادة ما تجرؤ على انتقاد ما لا تقوى عليه الدول والحكومات، بأنها التزمت نفس الخط تقريبا حيث أن المنظمات غير الحكومية أو شبه الحكومية بدأت تمثل محاولة جديدة لاستخدام المحفل الأممي لتصفية الحسابات السياسية كما ورد في بياناتها أمام المجلس.كل هذه الأشياء ربما تضع مصداقية المجلس مستقبلاً على المحك. --------------------- * صحفي معتمد لدى الأممالمتحدة . جنيف