اوراق متناثرة ابن البطة ال(سوداء) !! غادة عبد العزيز خالد تؤثرني القصص التي كنت أقرأ عن تفضيل احد الوالدين لأبنائهم. كان للمرأة نصيب الأسد من هذه القصص، فكثير من الآباء كانوا يفضلون ابناءهم ويقسون على بناتهم بهذا السبب. وكانت معظم القصص تأتي فيها عبارة انهم يعاملوني كأنني إبنة البطة (السودة)، وبالرغم من إعتراضي كنت على هذه العبارة إلا انني كنت اتفهم خلفياتها وتعقيداتها، فمعظم السود كان يطبع على تجاربهم تعامل العالم المشين معهم. وكنت اعد نفسي انه إن رزقني الله باطفال فلن افرق يومافي معاملتهم. ولكن يبدو ان الدنيا كلها تسير صوب تحول عجيب، فلقد نشر حديثا الكاتب الأمريكي (جيفري كلوجر) كتابا بإسم «اثر الاخوة: بماذا تنبئ الروابط بين الإخوة والاخوان عنا.» ووجد (جيفري) في بحثه ان حوالي ال(65% ) من الأمهات و(70%) من الآباء يفضلون احد ابنائهم دونا عن الآخرين. ووجد كذلك ان آباء اليوم يتحدثون بصراحة اكثر عن تفضيلهم لاحد الابناء، بينما يعترف الابناء انفسهم بانهم يشعرون بتفضيل الآباء لاحد إخوانهم بصورة اقل مرارة. ويفسر جيفري سبب تفضيل الآباء لاحد اطفالهم بان الهدف من عملية التكاثر الإنسانية في اصلها هي ان ?ترك خلفا لنا في الحياة. لذلك يجد الإنسان نفسه يميل اكثر صوب الإبن او الإبنة التي يرون فيها انفسهم. ويجد الآباء ان الطفل المفضل يجسد عادة رؤيتهم لحياتهم لذلك يميلون اكثر صوبه. ووجد البحث ان اكثر الآباء والامهات يميلون للطفل الاكبر اكثر، ربما لانهم يقضون معه الوقت الاطول،فكل الإهتمام في فترة كان منصباً عليه لذلك يبقى الرابط معه اقوى وامتن. وقام الكاتب بالبحث عن دلائل ميل الآباء لاحد الابناء حتى في الطبيعة. فوجد الباحث ان البطريق، على سبيل المثال يقوم بضرب اصغر البيضتين من عشه حتى يركز كل إهتمامه على البيضة التي تبدو اكبر والتي تنبئ عن طفل اكثر سلامة. وخلص الباحث إلى ان ميول الآباء لتفضيل احد الابناء دونا عن الآخرين هو طبيعة، وغريزة إنسانية تمتد من البشر إلى الحيوانات وكل الآباء سواء. وبالطبع اثار بحث (جيفري) نقاشاً كبيراً.فقالت (جيل سالتز) طبيبة علم النفس، ان تفضيل الآباء لاحد الابناء قد لا يؤدي بالضرورة لنتائج إيجابية. فمثلا، الطفل المفضل المدلل قد يشعر بالخجل او بالذنب تجاه إخوته لانه يعامل بصورة افضل منهم، وقد يتجنى الآباء عليه لانهم قد لا ينتبهوا لنقاط ضعفه فلا يعالجونها في الوقت المناسب. ولربما حتى يقتنع الإبن بانه افضل من في الوجود حتى يخرج للعالم ويبدأ يخوض التجارب ليكتشف انه مجرد شخص يمشي على قدمين كما وجميع الناس من حوله. وتضيف (جيل) انه ولو كانت عملية تفضيل احد الاطفال هي عم?ية بيولوجية فهذا لا يعني انها قدر الإنسان، بل تعني ان الآباء يجب ان يعوا لطريقة تعاملهم مع اطفالهم. فلا بد للوالدين ان يقضوا مع ابنائهم وقتا مماثلا ويعاملونهم، ولو ظاهريا، بذات الطريقة. إن تربية الابناء لمن اصعب المهام التي تكلف إلينا في حياتنا، وهي الجمر القابض الذي نمسكه، نحترق به، ولا نقدر منه بعدا ولا حراكا. وحتى إن فضلنا في اعماقنا (وليس تصرفاتنا) احد ابناءئنا، فلا اجد غير ان ندعو بان ربي حاسبنا بما نملك ولا تؤاخذنا فيما لا نملك. الصحافة