زمان مثل هذا التعامل مع الأعراض الصادق الشريف شرعت حكومة ولاية نهر النيل في توفير خراف الأضاحي لمنسوبيها.. بأسعار تبدأ من 280 جنيهاً إلى 500 جنيه.. ولاية الخرطوم أيضاً حذت ذات الحذو.. لم تغفل موظفيها.. لكنّها أوكلت أمرهم إلى النقابات والمصارف.. لإيجاد تمويل قصير الأجل (ستة أشهر/ تسعة أشهر) لبيع الأضاحي بالتقسيط. بينما تبدأ الولاية عملاً آخر.. وهو حجز مساحات داخل المدن الثلاثة (زرائب) لبيع الخراف بأسعار أقلّ مما يبيع به التجارُ في الأسواق الأخرى.. وقد سبق لولاية الخرطوم أن خصصت أماكن للبيع المخفّض للحوم. ولا شك أنّ هذه جهود محمودة ومقدّرة.. أن تهتم الحكومة بمواطنيها.. وتحاول التخفيف عنهم.. وإنزال ثقل المعاناة عن ظهورهم. لكن أنظر إلى حال الدولة/ الحكومة وهي تنفق جُلَّ أوقاتها في الخطط المرحلية/ التكتيكية.. وتضيع جهودها وأموالها في معالجات الأعراض المصاحبة للمرض.. بينما تترك فيروس المرض ليستعيد عافيته.. ويستجمع قواه.. ثمّ يهاجم في مناطق أخرى من جسد الاقتصاد الواهن. وبلغة أهلنا في الجزيرة فإنّ الحكومة تقوم بردم الفجوات/ الكَسْرات التي تتسرب من (الترعة) دون أن تغلق المنفذ الذي تتغذى منه (الترعة). هذا الأمر سيطول.. ويطول. والسؤال الذي يشبه حالة سيزيف.. إلى متى تظل الحكومة تنشط في معالجة الأعراض المرضية دون أن تقوم باستهداف المرض.. واستئصاله؟؟؟؟؟؟. إذا استمر الحال بذات المنوال.. فستجد الحكومة نفسها في يومٍ من الأيام.. أو في عيدٍ من الأعياد.. وهي تحاول توفير ملابس العيد (على الأقل ملابس الأطفال.. فهم لا يَعْذِرون).. وستغرق في استجلاب الحلويات.. والدقيق لكعك العيد.. والأحذية والجوارب. ويجلس الاقتصاد على حافة أحد العمارات الشواهق في الخرطوم وهو يتابع جهود الحكومة.. ويضع يده على فمه.. يغالب الضحكات الساخرات. صحيح أنّ الحكومة سوف تنالُ استحساناً (مؤقتاً).. وربما أكفاً تلتهب بالتصفيق.. لكنّ ذياك التصفيق لن يستمر طويلاً.. إذ سرعان ما ستلتهب أحد الجوانب الاقتصادية ذات الارتباط المباشر بالمواطن.. وستذهب الأيادي لحك ذاك الجانب.. وستنتبه الحكومة إلى أنّ التصفيق قد توقف.. ولن تجد بُداً سوى معالجة المشكلة الجديدة. الحل لهذه للمشكل الاقتصادي معروفٌ للجميع.. وهو زيادة الناتج المحلي من الصادرات غير البترولية.. ومن فرط معرفة الناس بهذا الحل.. فإنّهم يكادون يغلقون آذانهم حينما يبدأ أحدهم في الحديث عنه. زيادة الإنتاج.. أسطوانة مشروخة.. لا تُطرِب أحداً.. ولكنّها وبكل أسف.. هي الحل الأوحد لهذه الدوامة التي ندور معها.. دون أن نستطيع منها فكاكاً. ومجلس الوزراء.. الموقر.. ينفق في كلِّ عام.. أكثر من نصف اجتماعاته.. وهو يناقش زيادة الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات.. والنتيجة كما ترون.. لم يزد الإنتاج.. ولم تُشرِّفنا صادراتنا المحلية بالخارج.. ولم يتوقف المجلس عن توجيهاته (السامية). لو أنّنا أنفقنا ثلث وقت القول في العمل.. لكان.. وكان. التيار