تأملات أئمة أم رؤساء عصابات؟! كمال الهِدي [email protected] شن خطيب مسجد الخرطوم الكبير ، الشيخ كمال رزق هجوماً لاذعاً على المدارس الخاصة التي يرى أنها تعمل على استعباد وإهانة المعلمين إرضاء لأولياء أمور الطلاب. وطالب خطيب المسجد بضرورة التصدي لقرار منع ضرب التلاميذ، مؤكداً أن التعليم بدون ضرب لا يصلح. وأغرب ما في الموضوع أن الرجل استشهد ( كذباً وتلفيقاً ) ببريطانيا قائلاً أنها أعادت الضرب في مدارسها. بالله عليكم ده خطيب مسجد ولا رئيس عصابة! ثم كيف يجوز لرجل دين أن يستشهد بواحدة ممن ظلوا يصفونها (ب ) دول الكفر والاستكبار!! فحتى إن أعادت بريطانيا المتحضرة الضرب في مدارسها فما علاقتنا نحن بذلك أيها الخطيب المبجل؟! تريدهم أن يضربوا الطلاب الغلابة! ألم تسمع بذلك الطالب الذي مات بعد أن ضربه أحد العتاة الذي سمي مجازاً (ب ) المعلم على رأسه؟! ألم تشف تلك الحادثة المؤلمة غليلك أو تشبع رغبتك في التشفي وقسوتك الفظيعة، لذلك تريد أن ترى مزيداً من الرؤوس المحطمة في مختلف مدارس البلد الخاصة ! أي رجال دين هؤلاء الذين يغضون الطرف دوماً عن الأسباب الحقيقية ويقفزون للنتائج! ربما نتفق معك في أن بعض المدارس الخاصة (والحكومية أيضاً) تشهد بعض السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا. لكن ذلك يحدث بسبب التحولات الكبيرة التي حدثت والدمار الذي حاق بنسيجنا الاجتماعي خلال العقدين الماضيين. الكثير من صغار وشباب السودان باتوا يتصرفون بطريقة للقيم والأخلاق السودانية التي تربينا عليها بأي صلة. لكن السؤال الهام الذي تتجاهلونه عمداً يا عزيزي الخطيب هو: من الذي تسبب في كل هذا؟! لماذا صرنا نسمع كل يوم أو يومين بجرائم غريبة على مجتمعنا؟ ! ما سبب الزيادة المضطردة في جرائم اغتصاب الأطفال؟! وهل تعتقد يا خطيب مسجد الخرطوم الكبير أن دواء كل ذلك يتمثل في عودة بث برنامج ( ساحات الفداء)! ألم يكن هذا البرنامج حاضراً طوال سنوات حكم الإنقاذ الأولى وحتى وقت قريب، فما الذي جنيناه منه! ألم يكن سبباً في فقدان شباب في مقتبل العمر لحياتهم.. ومن أجل ماذا؟! هل كانت تلك فعلاً حرباً ضد الأعداء والكفار، أم أن من راحوا فيها كانوا مجرد ( فطايس) على قول عراب النظام! \" ساحات الفداء \" لم يكن يدعو للقيم الفاضلة، بل كان يغرر بالشباب ويرمي بهم في أتون حرب جائرة أضاعت على البلد الكثير من أبنائها وثرواتها. ودعنا نذكرك يا حضرة الخطيب الموقر بأن تلك الحرب أدت في النهاية إلى فصل جزء عزيز من البلد ومعه ( راحت ) على المستفيدين ثروة هائلة بدأ البلد يعاني الكثير من فقدانها. لاحظ عزيزي الخطيب أنني قلت راحت على المستفيدين ولم أقل راحت علينا كسودانيين، لأننا عندما كان إنتاج النفط كاملاً لم نهنأ بعائداته ولم نحس بأي تغيير في حياتنا، رغم أننا نعاني بشدة هذه الأيام نتيجة لفقدانه بعد أن نٌٌهبت أمواله خلال الفترة الماضية بدلاً من أن تُقام بها المشاريع الاقتصادية المجدية التي كان من الممكن أن تعوض فقدان حالياً. سبب كل مصائب مجتمعنا الحالية فعليك أن تعيد البصر كرتين، لعل وعسى أن يهديك عقلك إلى أن المهنة التي تؤديها حالياً لا تناسبك. فما يحدث مجتمعياً حالياً هو نتاج تراكمات، ولو أن البرنامج كان يهذب سلوك الشباب لما ساء هذا السلوك لمجرد توقفه لأن آثار مثل هذه البرامج تستمر لجيل بأكمله. اتقي الله في نفسك وفي عباده يا رجل. وعليك بمخاطبة المشاكل الحقيقية لأنك رجل دين وسوف يسألك الخالق علا شأنه يوم لا ظل إلا ظله. لن ينفعكم في ذلك اليوم حاكم أو حزب أو ثروة أو سلطة. البلد تغيرت نحو الأسوأ في كل شيء، لأن هناك من يسعون بشكل ممنهج ومدروس لإفساد هؤلاء الصغار والشباب، فلا تحاول خداعنا أو الضحك على عقولنا بمثل هذا الكلام ( الما جايب همه). صدق من قال يسووها الكبار يقعوا فيها الصغار.