تراسيم.. حكاية مهند السوداني !! عبد الباقي الظافر في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الماضي استقبل الشاب مهند طه خبر الحكم بإعدامه بهدوء.. القاضي الماليزي كان كمن يحاول أن يزيح هماً من على عاتقه.. أصدر الحكم ثم انصرف تاركا الجدل يحتدم إن كان الأمر بني على مشاعر عنصرية أم أنه سوء حظ طالب سوداني أراد العلم ولكن النهاية كانت حزينة. بعد سنوات طويلة في المملكة العربية السعودية كان على العم طه ان يختار مكانا يكمل فيه ابنه تعليمه الجامعي.. إمكانية توفير مقعد جامعي في بلاد الاغتراب تبدو أندر من لبن الطير.. أسرة العم طه بعد حسابات معقدة اختارت ماليزيا وجامعاتها المرموقة لابنها مهند. مهند وصل الى الدنيا الجديدة في مستهل عقده الثاني.. أول ما لاحظه الشاب المحافظ أن الحرية بلا سقوف في هذه البلاد.. وأن الحياة التي كان يراها في الافلام الأجنبية باتت بين يديه.. أصدقائه السابقين إلى بلاد الملايو كانوا يحدثونه عن تجاربهم الغرامية.. وعن ليال حمراء لا تكلف إلا القليل.. عن ملاه لا تغلق أبوابها أبداً. مهند حسب أنه مصطفى سعيد في غزوته لأوربا.. مصطفى سعيد كانت تحركه المواجع ويدفعه الحس الوطني للانتقام من الغزاة في عقر دارهم.. مهند استطعم الحياة الجديدة.. قابل ذات صدفة إيلينا ماهتير.. حسناء ماليزية تماثله في العمر ولديها تجارب من السودانيين السمر.. ضحيتها الأولى هرب قبل أن يقع في الفخ.. إيلينا لم تكن شريرة.. فقط تريد حضناً دافئاً وجيباً ينفق بلا كلل.. تجربتها الأولى لم تحصد شيئاً غير طفلة برئية تركها والدها بين أحشائها ثم انصرف. تتعدد الروايات ولكن الثابت أن الطفلة ذات الثلاثة أعوام ماتت بسبب التعرض للتعذيب الوحشي.. وجد الطبي الشرعي نحو أربعة وثلاثين خدشا.. الإعلام نفخ في الصور.. جعل من الشاب السوداني وحشا أسود قاتلاً.. اتهم مهند باغتصاب الطفلة غير أن تحليل ال(دي إن إيه) لم يثبت هذا الافتراض على الشاب المتهم. في البداية اتفق العشيقان على مداراة سوأتهما.. الشاب السوداني وصديقته أكدا أن الخادمة المنزلية اعتدت على الصغيرة حتى ماتت ثم هربت من المنزل.. هذا الزعم لم يصمد طويلاً.. كان على أحدهما أو كلاهما أن يتحمل الوزر.. كلاهما في كل الأحوال كان ينظر لطفلة تتعرض للتعذيب دون أن يحرك ساكنا. لاحقاً غيرت الأم الماليزية روايتها.. جعلت المصيبة تنهال على رأس ابننا السوداني.. قالت إنها كانت ترى بين الفنية والأخرى مهند السوداني يؤذي ابنتها بقطعة من البلاستيك..ثم اثبتت أنها وقت تدهور صحة ابنتها كانت خارج المنزل. رغم عدم وجود قرائن مادية ألا القاضي رجح إدانة مهند طه.. صحيح أن القضية لم تصل بعد إلى مراحل التقاضي القصوى.. إلا أن تحولها إلى قضية رأي عام تناولتها كبريات الصحف يجعل موقف مهند عسيرا،، وأن أبعاد شبح المقصلة يقتضي جهداً كبيراً. مطلوب أن تتحرك وزارة الخارجية وترمي بثقلها المالي والدبلوماسي.. إدانة الشاب مهند بهذه الحيثيات الضعيفة ستصبح وصمة عار في جبين العلاقات الناهضة بيننا واحد النمور الاسيوية. كما أن وجود الكثير من الشبهات يحتم على حكومتنا وجميع مؤسسات المجتمع المدني ،ن تبذل قصارى الجهد. التيار