هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    تدني مستوى الحوار العام    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    من سلة غذاء إلى أرض محروقة.. خطر المجاعة يهدد السودانيين    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تفشي حمى الضنك بالخرطوم بحري    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الأجدى للثقافة .. أن تتعهدها تشكيلات رسمية أم مؤسسات أهلية؟
نشر في الراكوبة يوم 12 - 11 - 2011

ما هو الأجدى للثقافة .. أن تتعهدها تشكيلات حكومية رسمية أم مؤسسات أهلية حرة ؟
منصور بسيم الذويب بغداد
[email protected]
الثقافة بالمفهوم الشائع الذائع المعاصر، هي العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها، وهذه المفردة (الثقافة) محدثة كما ورد في المعجم، وتعريف الرمز (محدثة) هو : (اللفظ الذي استعمله المحدثون في العصر الحديث، وشاع في لغة الحياة العامة) ، ولكي يعطي مفهوم(ثقافة) المعنى الذي يراد به أن يطلق على الأقوياء الأسوياء من ذوي التأثير الاجتماعي الكبير، من الذين لديهم القدرة على إخراج قراراتهم إلى حيز التنفيذ وقوة التطبيق، علينا أن نتعمق في شرحه ليكون متاحاً للجميع، ليعرفوا ماله من قوة ومن تأثير .. قبل نحو ربع قرن من الزمن، قرأت شرحاً، بل تعريفاً للمثقف كتبه رئيس الوزراء الاسبق (عبد الرحمن البزاز) . إقتنعت بهذا التعريف حينها، وماأزال مقتنعاً لحد الآن . كتب مامعناه أن المثقف هو من يختص في علم او فن أو أي اختصاص يتخذه حرفة له ومصدراً لعيشه، مع إلمامه بشتى العلوم والمعارف والفنون، فالمثقف حسب نظرية الدكتور (البزاز) يجب أن يلم بالطب والرياضيات وقواعد اللغة والزراعة والتأريخ والقانون والشريعة والفيزياء والفن التشكيلي والعلوم العسكرية والكيمياء وعلوم الفضاء والفلك والصحافة والعلوم السياسية وتطبيقات الحاسوب والانترنيت وغيرها مما لا يمكن عده وحصره . وبناءً على ذلك، فلن يحسب على شريحة المثقفين من لم يحط بكل ما تقدم من أمثلة معرفية يتخذها المثقف ليثري بها ثقافته، كما يفهم من هذه النظرية .
ولا يمكن لعاقل أن يدعو كل من رسم لوحة فنية أو كتب قصة أو نظم قصيدة شعرية مثقفاً، فالثقافة أكبر من ذلك وأوسع، ولا يمكن لنا أن نختزلها في نتاج أدبي بسيط أو فن تشكيلي محدود، مثلما أننا لا يمكن أن نتجاوز على الأدب والأدباء، فنطلق تسمية أديب على أحد أساتذة اللغة العربية اعتماداً على علمه وشهادته فقط، دون أن تكون له نتاجات أدبية مميزة، فليس لنا أن نحسبه على الأدباء (بالمفهوم المعاصر للأدب) حتى لو كان من فطاحل العلماء، لأن هذه ثوابت وحقوق ليس من الجائز التساهل فيها.
لكي نحسب على المثقفين علينا ان نوسع معارفنا بكل ما تقدم من علوم وفنون، بمعنى أن نلم بها إلماماً، فنفهم منها الجزئ والبسيط دون المعقد والمُركَّب .
من شأن التخصص الضروري للمثقف والمعارف التي تُعَضِّد ثقافته أن تعطي المرء قوة يستطيع من خلالها أن يفهم كل ما يعترضه من مواقف وما تصطدم به من معضلات، حتى يكون بوسعه أن يضع اقتراحات وأن يصدر قرارات صائبة لأصلاح كل ماتكتنف المجتمع من أخطاء، وهنا تكمن خطورة المثقف، فلايمكن أن تنطلي عليه الخدع، ولايمكن أن يغشه أحد . لهذا نجد أن أعداء الشعوب الحرة يعملون دون هوادة في تهيئة كل السبل التي من شأنها أن تنخر الكيان الثقافي لهذه الشعوب، لتغدوا بعد حين بلا سلاح، فيسهل خداعها وتسهل السيطرة عليها .
لكل ذلك عرف العقلاء ما للثقافة من أهمية، فوظفوا لها الرجال والاموال، وغرسوا حبها عند تلاميذ المدارس منذ الصغر، وتغنوا بها في أشعارهم وأنشدوا لها، وجعلوا لها مؤسسات مدنية أهلية حرة لتكون موئلاً تنهل منه على حسب الاصول الصحيحة، بينما تَرَصَّدَ أعداء الامم والشعوب المستضعفة وتدخلوا وزجوا بالقاصرين والمقصرين ليكونوا واجهة تنتحل المثقفين والثقافة وتصطبغ بصبغتها، تُغْدَقُ الأموال عليها، فتنساب بعد ذلك إلى من لا يستحق من أدعياء الثقافة ومن الموهومين بها ، ثم عطلوا الموارد التي ترفد الثقافة والمثقفين الحقيقيين حتى عادت تسمية (مثقف) مرادفة للفقر والمعاناة والبؤس، ولم يعدموا وسيلة لإختلاق الظروف التي تؤدي الى شحة المصادر التي يعتمد عليها المثقف في تطوير قابلياته وفي الاستزادة المعرفية إلاّ واستخدموها لتسهل السيطرة على تلك الشعوب البائسة، بينما سمحوا للمطبوعات التي تحرف عن الصواب والتي تُضَلِّل وتُجَهِّل، والتي تأباها الاذواق السوية والفطرة السليمة، حتى تهيأت أجيال من الذين رضعوا الانحراف كما يرضع الصغار من أثداء أمهاتهم، حتى صَلُبَ عودهم واشتد ساعدهم فصاروا أجذاعاً من الخشب اعوجت، حتى استعصت على التقويم بعد أن كانت أغصاناً غضة طرية يسهل انقيادها للإصلاح .
ولكن الفرصة لحصول ذلك الإصلاح فُوِّتَت، بعد أن كانت سانحة سائغة، لأن قوى الأعداء كانت تتربص وتأبي على المصلحين إصلاحهم .
وهكذا تشكلت ملايين من هذه الشعوب المستضعفة بالأصل والمنحرفة بعد ذلك، لا تدري أين تكمن مصلحتها، تهدم مجتمعها، تمزق وحدتها، بل تمد أيادي السلام الى الأعداء تظنهم الأصدقاء .
وكل العقلاء يعلمون أن لا قيمة ولا إرادة لشعب جاهل تنطلي عليه الحيل والمخططات، لايتعظ ولايشعر بالخطرحينما يدنو منه .
لكل ذلك ولأجل إيضاح الأدوار لمؤسستين ثقافيتين رئيستين، هما وزارة الثقافة واتحاد الأدباء والكتاب في العراق، ولأجل تأشير الاخطاء وتشخيص المعوقات التي إعترضت وتعترض الاهداف العظيمة النبيلة التي تحفظ لنا شعبنا ووطننا سالماً واعياً مدركاً مثقفاً، لاتحبط مشاريعه العظيمة مؤامرات الأعداء والكارهين، فكانت تغطية صحفية لم يكن لي فيها مناص من استخدام جهاز التسجيل الذي تطلب مني اياماً من العمل المضني في نقل تسجيلات بضعة عشر مشاركاً ومتداخلاً، فضلاً عن تطبيقات الحاسوب والطباعة والتنقيح والتصوير، فكانت تغطية لمحاور عديدة، وسمت ب (المشهد الثقافي العراقي بين وزارة الثقافة واتحاد الادباء) حاضر فيها الاعلامي (ناظم السعود) وقدم لها الكاتب (احمد محمد احمد) الامين العام لمنظمة اين حقي، وتداخل فيها لفيف من المثقفين .
تعالت فيها الاصوات واشتد الحماس وشُدَّت فيها الأسماع والأبصار إلى منبر ملتقى المستقبل الثقافي حيث عقدت هذه الندوة الحماسية .
ناظم السعود : قلبي يغلي مما أرى وأسمع، أتمنى أن ينصلح حال الثقافة قبل أن تأخذني عناية الباريء سبحانه وتعالى
تحدث الإعلامي (ناظم السعود) وارتأى أن تكون هناك سلطة ثقافية أهلية وليس مؤسسة حكومية، فقال : دعونا نرى ما الذي تحقق للثقافة بعد تغيير النظام منذ خمس سنوات ؟ كانت هناك دعوة الى كتابة نظام داخلي للإتحاد . كنت فيما مضى أحد المدعوين لكتابة نظام داخلي للإتحاد، (إتحاد الأدباء والكتاب) وأن أمر كتابة هذا النظام الداخلي بمنتهى البساطة . أعاد ( السعود ) ذاكرته الى تجمعه (فقراء بلا حدود) ، وكيف كان لهم آنذاك نظام داخلي . قال : كنت عضواً في لجنة ناقشنا فيها موضوع النظام الداخلي للإتحاد مع المكتب التنفيذي، أجابنا وقتها الأستاذ (الفريد سمعان) بأن (ماجاء بقانون لا يمكن أن يغير إلا بقانون) . أنا أرى أن لا مشكلة في اصدار قانون جديد بدل السابق، وأرى أن من الخطأ أن يُعتبر الإتحاد ممثلاً لكل أدباء العراق، ومن الخطأ القول أنه ليس هنالك جهة أخرى تمثل الأدباء والكتاب في العراق عدى الإتحاد، كما أنه لا توجد جهة صحفية واحدة تمثل جميع الصحفيين، و لا جهةً فنية واحدة تمثل كل الفنانين . نحن نعيش في عصر التعدد، عصر الأقطاب . إذا كان في بغداد إتحاد للأدباء، فلا يمكن له أن يمثل الموصل والبصرة والمحافظات الأخرى، وكيف لأديب أن يأتي من الموصل الى بغداد من أجل الحصول على هوية، هذا شئ خرافي، يجب أن تتسع الإتحادات وتتنوع وتتعدد، والشريحة التي يعجبها إتحاد ما تنضوي وتنتمي اليه، وغير ذلك هو كلام يراد منه العودة الى القطب الواحد .. بعد خبرة الكلام لناظم السعود سنين طويلة وجدت أن المجتمع المدني هو المجتمع الثقافي الحقيقي، وليس مجتمع الدولة، فالمشهد الثقافي للدولة مشهد إداري وليس إبداعي .. صرح الأستاذ (مفيد الجزائري) وزير الثقافة الأسبق ورئيس لجنة الثقافة في مجلس النواب قبل أيام تصريحاً خطيراً، وهو أن ( وزارة الثقافة أعادت مبالغ كبيرة لم تنفقها ) !! ورغم الحاجة الكبيرة للإنفاق على الثقافة، فلم تكلف الوزارة نفسها عناء المساعدة والنهوض بالشؤون الثقافية، وكانت على الدوام تشكو من ضآلة ميزانيتها، فكان الأولى بها أن تنمي المتطلبات الثقافية بهذه الميزانية التي كانت بالأصل ضئيلة، فكيف تعيد مبالغ منها ؟! .. هذا يدل على ان القائمين على الوزارة إداريين وليسوا من الإختصاصيين بالثقافة، لأنهم لم يستطيعوا استثمار الميزانية في خدمة الثقافة والمثقفين .. ثلاث عشرة دائرة في وزارة الثقافة، كل القائمين على هذه الدوائر كانوا يتواجدون في خارج العراق قبل التغيير بإستثناء واحد أو إثنين، أهل الخارج حضروا إلى العراق وإذا بهم إما مديراً عاماً أو وزيراً أونائب وزير، حتى أصبح أهل الداخل إما مجهولون اومشبوهون، فهل ليس في الداخل كفاءات يمكن أن تحتل منصب مدير عام أو منصباً يضاهيه . فكيف نخلق ثقافة بهذه الطريقة ؟ وهل يمكن ان تتجزأ الثقافة بهذه الطريقة المهينة ؟ .. ثم أضاف ( السعود ) : لا يمكن استمرار الدولة بالتعيين والعزل في ما يخص الأمور الثقافية، قلبي يغلي مما أرى وأسمع، أتمنى أن ينصلح حال الثقافة قبل أن تأخذني عناية الباريء سبحانه وتعالى إليه .. في وقت سابق تظاهر أعضاء نقابة المعلمين في ساحة الفردوس فحصلوا على قانون يدعمهم، فلماذا لايفعل المثقفون نفس الشيء ؟ أقول : هل تجدي كتابات المثقفين لأصلاح ذلك ؟ وهل سيقرأ هذه الكتابات من يبادر بالإصلاح ؟ لا أظن ذلك، ولا أظن أن يحرك أحدهم لأجل الإصلاح ساكناً، ولكن عملاً واقعياً إحتجاجياً بطريقة حضارية يفعل الكثير .
لماذا عجز العراق عن بناء ثقافة متينة كالثقافة الفرنسية ؟
حز في نفس الروائي ( رياض الفهد ) ما يعتقد أنه مشهد استبدادي مهيمن كالسابق، فيقول : ليس في النظم الديمقراطية وزارة ثقافة ،إلا أن فرنسا مازالت متمسكة ببقاء وزارة الثقافة، أعتقد ان هذا التوجه لم يأت عن فراغ، الفرنسيون، تأكيداً يرون أن هذه الوزارة قد لعبت دوراً كبيراً في تأسيس بوادر النشأة الاولى للثقافة الفرنسية، فقد أصبحت فرنسا مهيمنة على أوربا قاطبة تتحلىبتجربة عظيمة وكبيرة في إظهار الثقافة الانسانية من خلال تجربتها ذات المستوى العال، نسأل أنفسنا دائما حينما نرى التجارب الثقافية الفرنسية وغير الفرنسية، ليتنا حصلنا حتى على الجزء اليسير من هذه التجارب التي من خلالها بنيت المؤسسات الثقافية والبنى التحتية لثقافة متينة، فلماذا عجز العراق عن بناء كهذا وهو صاحب حضارة عمرها سبعة الاف سنة .. نعود للمشهد الثقافي العراقي، وهو الآن متحدد مابين وزارة الثقافة واتحاد الادباء والكتاب في العراق . بقي هذا المشهد كما هو منذ تغيير النظام وحتى الآن، مشهد استبداد مهيمن كما في السابق، بدليل تمسكهم بنظامهم الداخلي دون ان يفكروا في إجراء بعض التغييرات الطفيفة ليقنعوا المثقف بحصول بعض التغيير، ولو حصلت هذه التغييرات الطفيفة، لدل ذلك على سياسة كبيرة، ولوضح أن هذه سياسة كبيرة وإنتقالة تأريخية من نظام إستبدادي إلى نظام ديمقراطي .. إنقضت المدة القانونية لإتحاد الأدباء ووجب إجراء إنتخابات، وهذا حق إنساني للمثقف، فلماذا ثقافة الهيمنة وثقافة القطب الواحد التي مازالت مهيمنة على وسطنا الثقافي، أتمنى أن يقوم المثقفون بعمل جماعي للتخلص من هذا الوضع المأساوي بطريقة تحقق نسبة ولو محدودة في تنشيط واقعنا الثقافي.
المشهد الثقافي العراقي بصيغته السياسية يقرر توافقية وينتج محاصصية
يستهل الإعلامي ( محمد خضير سلطان ) كلامه بما يشبه العتب على الدقائق الخمسة المتاحة للمتداخل، يتحدث : لو أتيح لي وقتاً يماثل وقت المحاضر، لكان كلامي بمستوى يستحق أن يتاح له مثل هذا الوقت. يجيبه المحاضر ( ناظم السعود ) (خذ الوقت كما تحب) يبدأ المداخلة : أي مشهد ثقافي هذا ؟ كان (ديغول) هو الذي اختار (اندريه) لوزارة الثقافة الفرنسية . كان (ديغول) ينظر الى جدران باريس التي كانت بحاجة إلى الطلاء باللون الابيض .
لم يطلب ( ديغول ) من وزارة البلديات القيام بذلك الطلاء، إنما توجه إلى وزارة الثقافة، فالمشهد الثقافي هو المشهد الحياتي وليس المشهد الذي يخص الجوانب الإبداعية أو الأدبية تحديداً، يجب استبدال تعبيرالمشهد الثقافي بتعبير المشهد الابداعي، فالمحاصصة جزء من المشهد الثقافي العراقي، والمشهد الثقافي العراقي بصيغته السياسية يقرر توافقية وينتج محاصصية .
المحاصصة ليست قانوناً، إنما التوافق هو القانون، وهو الصيغة في الإطار الدستوري والتشريعي والتنفيذي، ولكن بجانب الممارسة والعمل .
من محاضرة الاستاذ (ناظم السعود) نفهم أن هنالك أسباب ونتائج .علينا أن نتحرى من خلال النتائج عن الأسباب وإذا استطعنا وضع أيدينا على الأسباب، فمن الضرورة أن نجد حلولاً ونحاول ان نغير النتائج . هنا توافق تغيَّر إلى محاصصة . نرجع إلى الأسباب التي أدت إلى هذه المحاصصة، لنعمل على شحن أو تغذية حيوية جديدة، فهماً جديداً، تصوراً جديداً لعملية التوافق حتى لا تكون محاصصة، حتى تكون عملية سياسية منسجمة مع الإطار المجتمعي الكائنة فيه والمتفاعلة معه . . أعذروني فقد أشَّرنا هذه الأسباب من دون ان نحاول ان نعيد توزيعها بطريقة جديدة، أي أن المحاضر حاول أن يذكر أو يسجل على الشعب العراقي أنه لم يتلق جيداً هذه الثقافة، أو هذه التصورات وألقى باللائمة في كلامه الأخير على الشعب العراقي لأنه لم يتلقاها جيداً، كما يدور الآن من مصطلحات جديدة، مفاهيم جديدة، فعل سياسي جديد .. لو استرجعنا قليلاً كلام المحاضر من خلال تحليل فكرة ما هو الشعب يعني كل واحد يسأل نفسه ما هو الشعب هل الشعب هي كلمة هلامية لا ندري ما معناها، أو هي كلمة في قاموس الثوريين او في قاموس السياسيين اوفي قاموس الثورات فقط ؟.. أثار المحاضر (السعود) نقطة مهمة الكلام للناقد (محمد خضير) وهي أن إتحاد الأدباء، وهذا اسمه، هو منظمة مجتمع مدني، وهذا صحيح، لكن هل القناعة تامة وثابتة بالنسبة للقائمين على الإتحاد العام للأدباء هل يوافقون أنهم مجتمع مدني، إذا كانت التشكيلة الحالية لاتحاد الأدباء لا تعتبر نفسها منظمة مجتمع مدني، فعلينا أن نعمل على توضيح التصور وتغييره لديهم أي أن نجعلهم يقتنعون أو يعترفون بأنهم منظمة مجتمع مدني، كيف ؟ ليس بالقوة طبعاً . أشار المحاضر إلى أن القانون لا يلغى الا بقانون، القانون الذي يلغي قانون الجمعيات والمعمول به حالياً هو قانون سبعين (70) في 1982 او 1980 الذي يشكل قوام النظام الداخلي لأتحاد الادباء، هذا القانون الآن ساري ونافذ بالنسبة للنظام الداخلي للإتحاد، عندنا قانون يلغي هذا القانون، وهو قانون المبدأ الأساسي بالدستور، حرية الاجتماع، حرية التعبير، حرية الكتابة، حرية الطباعة، حرية منظمات المجتمع المدني، وهذا مبدأ أساس يجب أن يلغي النظام الداخلي لاتحاد الأدباء .
صحيح أن الدستور إلى حد الآن لم يفرق بين الجمعيات النقابية المهنية ومنظمات المجتمع المدني، وهذا موجود في الدستور ضمن سياق تعمل به منظمات المجتمع المدني، مثلما أن هناك سياق تعمل به الجمعيات والنقابات المهنية، وينظم ذلك ونحن ننتظر من المبدأ الأساسي أن يتحول إلى قانون تنظيمي داخل الدستور، هذه الفكرة اصبحت ذريعة لدى التشكيلة الأساسية لاتحاد الأدباء، يجب أن تكون حرية القرار بيد الأدباء لا بيد الحكومة ولا بيد الدولة.
إلغاء المحاصصة السياسية هو السبيل الأمثل للرقي بالثقافة والمثقفين
أمّا الصحفي ( باسم الجنابي ) فيؤمن أن لا طريق لرقي المثقف إلاّ بإلغاء المحاصصة السياسية، يقول : لماذا لا نفكر بالحلول للمشكلة ؟ إذا لم يفكر المثقف بالحلول فمن الذي سيفكر ؟ تدعو وزارة الصناعة إلى شراكة، لماذا لا يدعو المثقفون إلى الشراكة ؟ لماذا لا ننفتح نحن ايضاً ؟ لماذا ننتظر آليات التفكير ؟ مسألة الإعلان عن المثقف والمبدع وخلق نجوميات مسألة مهمة، أصبحت لدينا صحف ثقافية كثيرة، أقصد صفحات ثقافية . لدينا مثقفيين وشعراء ومبدعين ورسامين وفنانين ومسرحيين، لدينا من كل الأصناف، كيف لا نؤمن بالتقدم ؟ كلا نحن شعب أصيل، نتاج للحضارات، المقولة المعروفة التي مفادها أن المصريين يفكرون أو يكتبون، ومطابع لبنان تطبع الكتب، والعراقيون يقرأون، إنقلبت هذه المعادلة الآن، الشخصيات الأدبية الموجودة خير دليل على وجود المثقفين في كل أنحاء العراق، إبتداءاً من الجواهري في النجف، والسياب ومحمد خضير في البصرة، ومحمد خضير سلطان من الناصرية، ولو رجعنا لأصول تأريخ الحضور لوجدنا أنكم ترجعون إلى مدن العمارة والكوت والديوانية، وحتى الأنبار والموصل، إذاً الثقافة عامة، ولكن علينا أن نفكر في إيجاد الآصرة التي نتعامل معها، مع آليات التفكير أو آليات التحدي، فنحن شريحة وطبقة نخبوية تمتاز بالتفكير، ختاماً فإن السبيل الأمثل للرقي بالثقافة والمثقفين، هو إلغاء المحاصصة السياسية في كل العراق.
الثقافة في الدول المتقدمة تدعمها منظمات المجتمع المدني
كانت للناقد ( محمد نوّار ) بعض الملاحظات البسيطة عن مفهوم الثقافة، أفادنا : الكلام الذي استمعت إليه قبل قليل لطيف ودقيق ويمثل الواقع، فضلاً عن الذي أفادنا به المحاضر، ملاحظاتي اولاً حول مفهوم الثقافة ووزارة الثقافة، فلا يوجد الآن في أغلب دول أوربا وخاصة المتقدمة منها تشكيل يدعى وزارة الثقافة، في أميركا لا توجد وزارة ثقافة، إنما تدعم الثقافة منظمات المجتمع المدني، ثم من جهة أخرى فإن مفهوم الثقافة في العراق لا زال مفهوماً تراثياً، أي مفهوماً كتابياً، وللأسف فإنهم موظفون لدى سلطاتهم، وهذا يعني أننا في العراق ليس لدينا الآن خط ثقافي عام، أحدهم يعمل في صحيفة ما، وهو يمثل رأي الصحيفة، ولا يمثل رأي الخط العام، هذه المأساة نعيشها حقيقة ونعيشها بمرارة.
كلما ندفع بقانون الثقافة والإعلام للمصادقة يعاد إلى اللجنة الإعلامي
الإعلامي (خالد شويش القطان) أفادنا بما يلي :
بالنسبة لما يخص قانون الثقافة والإعلام، فقد أجريت في البرلمان أكثر من لقاء مع الاستاذ ( مفيد الجزائري ) ويعلم بعض الحضور أن هذا اللقاء نشر بأكثر من نصف صفحة، وقد حدثني ( الجزائري ) عن معاناته ومعاناة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي .أنجز قانون الثقافة والإعلام قبل عام تقريباً، وقد نشر في جريدة الصباح بصفحة كاملة، نشرته بمعرفتي، إلاّ أن المصادقة البرلمانية عليه لم تحصل لحد الآن، رغم أهمية هذا القانون وخطورته ، والسبب انشغال مجلس النواب بالكثير من القوانين المهمة، لكن الكثير منها لا يرقى إلى أهمية قانون الثقافة والإعلام، الأستاذ ( الجزائري ) هو رئيس لجنة الثقافة والإعلام في حيرة من أمره، يقول : ماذا نفعل، كلما ندفع بقانون الثقافة والإعلام للمصادقة عليه، يعاد إلى اللجنة مرة أخرى، رغم خطورة هذا القانون المهم.
إلغوا التراتبية وانزعوا عنكم ثياب الهامشية
يقول الناقد (جبار حسين صبري) :
المشكلة الثقافية تراتبية، مجتمع فوق ومجتمع تحت، ومثقف تحت وسياسي فوق، طالما دخلنا عصر التعدد والاختلاف، فقد دخلنا عصر الدمقرطة، فيفترض انتفاء وجود هذا التراتب، ولكن هل نزع المثقفون من صدورهم مسألة التراتب ؟ ما زلنا نعاني من أزمة ذاتية، والمشكلة تتعلق ذاتاً بالمثقف نفسه، فقد ظل عبداً داخل قوقعة التراتب . متى ما استطاع ان يلغي ذلك التراتب كونه الادنى في العملية ويتوافق مع فلسفة العصر والزمان على ضوء التعدد والاختلاف وصولاً لروح الديموقراطية، إستطاع ان يأخذ طريقه السليم .
بدأت الدولة العراقية الحديثة من حيث ما بدأت دولة تراتبية، السلطان هو القائد الاوحد، وكل الناس عبيد، السياسي هو القائد الأوحد بمعنى أنه صاحب القرار، هو القائد الاوحد وكل الناس عبيد، إذا شئتم أن تتغايروا فعلاً حسبما جاء التغيير
، فهذه فرصة ثمينة لأن تنزعوا عن انفسكم ثياب الذل والعبودية، أن لا تكونوا تحت سيادة الرئيس أو سيادة السياسي أو سيادة صاحب القرار، إلغوا التراتبية وانزعوا عنكم ثياب الهامشية، نحن مهمشون، نعم ولكن ممن ؟ من أنفسنا اولاً، ومن ثم من الآخر، لو لم تكن في ذاتنا نزعة تمكن الآخر من تهميشنا، لن نهمش إطلاقاً .
(جان بول سارتر) و(جاك دريدا) وغيرهم من الفلاسفة والأعلام في فرنسا، نزلوا مع الثورة الطلابية عندما حدثت، نزلوا ثواراً لا أصحاب كلمات، وهم افضل منا في ترتيب الكلمات، قلنا هذا الكلام قبل أربع سنوات مع الاستاذ (ناظم السعود) أن محاولة التغيير بالكلمات في هذا البلد ذو المجتمع اليائس لا جدوى منه، وقلنا قبل سنة تقريباً، فأجابونا بأن الكلمات لن تنجز تغييراً،ولن تجدي نفعاً لأنها عبارة عن أحلام وتوهيمات
، ثمة قمر في السماء اسمه كرامة المثقف، هيهات ان نصل إليه بالكلمات وانما نصل اليه بسلسلة من الاجراءات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.