إليكم التقرير المرتقب .. (إنشاء ساكت)..!! الطاهر ساتي [email protected] ** الإثنين القادم، حسب جدول أعمال البرلمان، النواب والصحف على موعد مع تقرير المراجع العام للعام 2011.. ومن لطائف رواة الأخبار، أن إحدى صحف الأسبوع الفائت نقلت هذا الخبر على نحو يقول بالنص : المراجع العام يكشف تجاوزات بالمال العام للبرلمان يوم الإثنين القادم ..نعم المال العام بمثابة حجر الزاوية لتقرير المراجع العام، وإن كان بهذا المال تجاوزا أم لا سيعرضه المراجع للنواب يوم الإثنين، ولكن تلك الصحيفة ألغت إحتمال (لا) جملة وتفصيلا، وحسمت الأمر بتلك الصياغة التي تجزم وجود تجاوزات وأن المراجع العام حتما سوف يكشفها..مهنيا، تلك الصياغة الخبرية بحاجة إلى مراجع عام أيضا، وخاصة أنها لم توضح حجم التجاوزات، ولكن واقعيا ذاك ما سيحدث، أي ربما تلك صياغة خبرية إستلهم محررها نصوصها من ( واقع حال المال العام) ..!! ** المهم ..ملخص ما يسمونه بالتقرير المرتقب - يوم الإثنين - لن يتجاوز سقف الشفافية فيه ما يلي : ( بلغ حجم الإعتداء على المال العام بالوحدات الإتحادية كذا مليون جنيها..وبلغ حجم الإعتداء على المال العام بالولايات كذا مليون جنيها..وعليه بلغ حجم الإعتداء على المال العام باليلاد كذا مليون جنيها، وذلك بنسبة كذا في المائة.. وتم إسترداد كذا مليون جنيها، بنسبة كذا في المائة، والبقية في مراحل التحري والمقاضاة وبطرف الوحدات.. وأيضا تمت عملية مراجعة لكذا وحدة حكومية، وهناك كذا وحدة حكومية لم تكتمل مراجعتها بعد ، ثم كذا وحدة حكومية رفضت المراجعة..وبالله التوفيق)..هكذا المسمى بالتقرير السنوي للمراجع العام، وأحسب أن أي سمكري يستخدم راجع صحفنا في تغطية زجاج سيارات زبائنه يعلم بأن سقف الشفافية في تقرير المراجع العام المرتقب لن يتجاوز تلك الأسطوانة السنوية ..!! ** فالتقرير الذي يراجع المال العام والآداء العام بمؤسسات الدولة لم - ولن - يكشف للنواب والصحف ما يحدث للمال العام في المصارف الحكومية، إذ هذا بمثابة ( تجارب نووية)، حسب مفاهيم المراجع وولاة أمر الإقتصاد، ولذلك يبقون على تقارير المصارف في ( طي الكتمان).. وكذلك تقرير المراجع العام لم - ولن - يكشف للنواب والصحف أسماء وعناوين وأنشطة الوحدات الحكومية التي ترفض وتتهرب من المراجعة، إذ هذا بمثابة (خُطة هجوم عسكرية على دولة أجنبية)، حسب منطق المراجع العام وولاة أمر تلك الوحدات ، ولذلك يغطون أسماء تلك الوحدات وأنشطتها بغطاء (فقه السترة)..ثم تقرير المراجع العام لم - ولن - يكشف تفاصيل المبلغ المعتدى عليه، مركزيا كان أو ولائيا، بحيث يسلم النواب والصحف قوائم بأسماء الوحدات - المركزية والولائية - التي حدث فيها ذاك الإعتداء الغاشم وحجم المبلغ عليه في كل وحدة، إذ تفاصيلا كهذه بمثابة ( خُطة شرطية لمداهمة أوكار المخدرات)، حسب تقديرات المراجع العام وولاة الأمر، ولذلك يحيلون تلك التفاصيل إلى بند ( سري للغاية)..!! ** ليس ذاك فحسب، بل تقرير المراجع العام لم - ولن - يكشف للنواب والصحف تفاصيل ما حدث للمبلغ المعتدى عليه، مركزيا كان أو ولائيا، في دهاليز الوحدات والأجهزة الرقابية والنيابية والقضائية، بحيث يملك النواب والصحف قوائم بالوحدات التي تتلكأ في تقديم المتجاوزين إلى سوح العدالة..وهكذا، إذ تقرير المراجع العام، ما سبق وكذلك المرتقب، محض نص إنشائي فحواه ( المبلغ المنهوب كذا مليون والوحدات المتهربة كذا وحدة..وخلاص)، وعملا كهذا يجب ألا يسمى بالتقرير، ما لم يكن المراد به المجاز وليس حقيقة، لأن شفافية التفاصيل هي أهم سمات أي تقرير..ولذلك، إقترح إبتعاث مراجعنا العام الذي يكتفي بذاك (النص الإنشائي المبهم)، وكذلك نواب البرلمان الذين يقبلون ذاك (النص الإنشائي الغامض)، إلى أثيوبيا - القريبة دي - لا ليتعلموا كيفية مكافحة الفساد فحسب، بل ليتعلموا كيفية كتابة وعرض التقارير ذات الصلة بتلك المكافحة أيضا..نعم تعلموا الشفافية - والإرادة - من أثيوبيا، وليس في ذلك ما يعيب، هذا إن كنتم صادقين ..!! ............ نقلا عن السوداني