ثورات الهامش السوداني أسماء كثيرة لقضية واحدة 12) هارون سليمان [email protected] قواعد المسلكية الثورية للكوادر تلعب الكوادر القيادية في الحركات الثورية دورا هاما واساسيا في تحقيق الاهداف وانجاز المهمات الثورية وكلما اعطت الحركات الثورية اهتماما اكبر في خلق وبناء كوادرها المسؤولة من خلال تفاعل الوعي النظري بالممارسة العملية كلما ازدادت ايجابية المردود العملي للممارسة ونجاح الحركة الثورية لا يتوقف على امتلاكها للنظرية الثورية وبرامج العمل الواضحة فحسب وانما بامتلاكها الكوادر التي تستطيع أن تقود وتراقب تنفيذ برامج العمل بجدارة. يتطلب تشعب المهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتق الكوادر القيادية درجة عالية من المعرفة الواثقة والاطلاع الشامل والنشاط والقدرة المتفوقة على الإدارة شريطة أن تتوفر كل هذه المتطلبات على أساس استخدامها وبمنهج علمي. ونجاح الكوادر القيادية لا يتم بمواهب وقدرات ذاتية ولدت فيهم وإنما من خلال اكتساب هذه القدرات وتنمية المواهب بالممارسة العملية داخل البناء التنظيمي للحركة الثورية. إن عملية الارتقاء في المراتب التنظيمية لا يجوز أن تتم على أساس المزاج الشخصي لبعض القادة وإنما نتيجة القدرات التي يمتلكها الكادر والانجازات التي حققها وكلما تصاعدت القدرات وتراكمت الانجازات فإنها تبني للكادر في حركته الثورية تاريخاً ذاتياً وسجلا يمكن على أساسه الحكم في أية مرحلة ومن خلال أية قيادة على الموقع الذي يستطيع الكادر أن يملأه بجدارة والمسؤوليات التي يستطيع أن يتحملها. إن امتلاك الشخصية القيادية ضرورة أساسية للكوادر المسئولة في الحركات الثورية . ومفهوم الشخصية القيادية يختلف باختلاف المجتمعات ومناهجها الحياتية ولكن هذا المفهوم يكاد يكون متطابقا عند كل الحركات الثورية التي تعتمد المنهج الثوري أساسا لتحليلها وممارساتها. ويتطلب امتلاك الشخصية القيادية من الكادر التزاماً كاملاً بقواعد المسلكية الثورية في المجالات المختلفة،فالقائد الذي لا يتمتع بالحس الجماهيري الأعمق لا يستطيع أن يؤكد على الخط الجماهيري لدى المناضلين والقائد الذي يفتقر إلى الوعي السياسي لا يستطيع أن يقود والقائد الذي لم يصل إلى موقعه عبر نضالات طويلة وتدرج في المسؤولية من خلال ارتباطه الدائم بالأطر التنظيمية لا يستطيع أن يحترم ويقدس الأطر ويكون مزاجيا يتحكم بالأعضاء وبمواقعهم النضالية على هواه وإذا كان الكفاح المسلح هو الأسلوب الوحيد الذي يحدده برنامج الحركة الثورية لتحقيق أهدافها،فان القائد الذي يتصدي لأية مهام غير قتالية دون أن يعطي أهمية للنضال ودون أن يكون قد مارسه فعلا بأي شكل من أشكاله المتعددة إن هذا القائد مهما كان مفوها سياسيا أو محبوبا جماهيريا أو منظراً تنظيمياً،فانه لن يستطيع اكتساب ثقة أعضاء الحركة ومقاتليها ولهذا فان كل القيادات في الحركات الثورية مطالبة بالتقيد الكامل بقواعد المسكلية الثورية في كل المجالات حتى يكونوا القدوة الحقيقية للأعضاء ولحركتهم الثورية والى جانب قواعد المسلكية الثورية في المجالات الجماهيرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية فان القيادات ملزمة بامتلاك صفات تؤكد تفوقها وقدرتها على تحمل مسؤولياتها القيادية وتكون هذه الصفات نفسها موجودة عند كل أعضاء الحركة الثورية ولكن بدرجات متفاوتة وقمتها قيادة الحركة الثورية ويتفاوت القادة أنفسهم بدرجات امتلاكهم للصفات الشخصية القيادية وان كانوا في نفس المرتبة التنظيمية أو يتحملون نفس المسؤولية والشخصية القيادية لا يمكن تحديدها بامتلاك كل الصفات الشخصية وقواعد المسلكية الثورية للكوادر ولكن بامتلاك حد أدنى منها بشكل عام إلى جانب امتلاك حد أعلى من بعضها وهذا الامتلاك لبعض الصفات الشخصية التي تحدد مسلكية القيادة هي التي تجعل احد القادة يمتلك صفة القيادية الطليعية بامتلاكه للحس الجماهيري بدرجة متفوقة أو لنشاطه الدائم ومواظبته وعدم ملله حتى في أقسى الظروف أو لامتلاكه لأعصابه عند الملمات وهدوئه عندما يبدأ الآخرون يتهاوون. إن صفة التمييز والتفوق في مجال ما هي التي تجعل القائد مسيطرا على الموقف والقدوة والطليعة كصفة أساسية لأي قائد لا يمكن امتلاكها في الحركات الثورية إلا بامتلاك الحد الأعلى من القناعتين الأساسيتين هما الإيمان بحتمية النصر والاستعداد للتضحية ،هاتان القناعتان لا يجوز مطلقا وتحت أي ظرف من الظروف آن يختلا لدى القائد إلا إذا قرر أن يعتزل العمل الثوري. إن القائد الذي يشكك في حتمية النصر لا يجوز له أن يبقى مطلقا داخل الحركة الثورية. كما أن القائد الذي يتقاعس والذي تغلب مصالحه الذاتية على المصالح العامة، تجعله لا يستطيع التضحية في سبيل الحركة، لا يجوز له أن يستمر في موقع القيادة. ينعكس المردود الايجابي لانجازات القائد على موقعه في نفوس الأعضاء حيث انه يقودهم إلى تحقيق الهدف ولذلك فهم يشعرون معه بفرحة النصر ويشعرون معه بأهمية العمل الجماعي. إن القائد الذي يحاول سرقة جهود الآخرين ويجير انتصاراتهم لأغراضه الذاتية يفقد احترام وثقة المناضلين مهما اكتسب من الصفات القيادية الأخرى والقائد المبادر المليء بالنشاط والحيوية إذا افتقد قدرته على تنظيم العمل وتحديد الأولويات ومطابقة الإمكانيات بالمهمات فانه يغرق ويُغرق معه الأعضاء الذين يتولى قيادتهم في دوامات تبعثر الجهد والبدايات والمبادرات التي تموت قبل أن ترى النور. انه ليس مهما فقط أن تبدأ بداية صحيحة على طريق التنفيذ ولكن المهم الاستمرار بالعمل حتى النهاية، حتى تحقيق الهدف . إن بداية صحيحة واحدة والاستمرار فيها خير من مئة بداية صحيحة تنتهي قبل الوصول لأية هدف. ومهمة القائد في الحركة الثورية ليس فقط أن ينظر إلى واقعه الزمني والمكاني وإنما النظر إلى الحركة الثورية في واقعها المتطور وحركتها الدائمة وهذا يدفع بالقادة إلى تطوير أسلوب القيادة بمحاربة كل محاولة للجمود أو التقوقع والانطلاق إلى آفاق جديدة في البحث والتطور للارتقاء بالمستوى النظري والعملي باستمرار ...ومن قواعد المسلكية الثورية في مجال الكوادر. 1.القدوة والطليعة تزداد ضرورة الالتزام بالمسلكية الثورية للعضو كلما ازدادت مسؤولياته وصلاحياته وعندما يصبح العضو كادراً مسئولا أو قائداً عسكرياً فان التزامه بالمسلكيات الثورية في كل المجالات يجب أن يصل إلى درجته القصوى فالكادر المسئول الذي يقود الطلائع الثورية يشكل القدوة والطليعة لأعضاء التنظيم الثوري الذين هم قدوة وطليعة الجماهير ولهذا فالكادر المسئول، مطالب بأن يكون ذا حس جماهيري مرهف وعميق يشعر بصدق مع الجماهير في أفراحها وأتراحها ويحس بإحساس الجماهير حتى يستطيع أن يوجه الأعضاء العاملين في المجال الجماهيري كيف يلتزمون بقواعد المسلكية الثورية في هذا المجال والكادر المسئول مطالب بأن يكون الأكثر وعيا وتفهما للنظرية الثورية ومفهومها السياسي فهو بغض النظر عن المجال الذي يعمل فيه عسكرياً أو تنظيمياً أو جماهيرياً إنما يترجم الخط السياسي ويضعه موضع التنفيذ والكادر القائد لا يستطيع أن يعمل في الحركة الثورية في المجالات المختلفة إلا إذا كان متفهما ومؤمنا لنظرية العمل التنظيمي . إن اخطر ما يواجه الحركات الثورية أن يصل إلى مراتب القيادات المسئولة فيها أفراد لا يؤمنون بالعمل التنظيمي والمؤسسي ولا يحترمون طبيعة العلاقات التنظيمية وقواعد المسلكية الثورية في المجال التنظيمي والكادر القائد مطالب إلى جانب كل و ذلك أن يكون قادرا على العمل العسكري بالشكل الأرقى وهو يطالب بذلك لتأكيد قيادته وطليعته للأعضاء بما يختص بالقناعتين الأساسيتين للثورة وهي الإيمان بحتمية النصر والاستعداد للتضحية ولا يصبح العضو كادرا مسئولا في الحركات الثورية إلا بامتلاكه القدرات التي تؤهله لقيادة الآخرين وهذه القدرات يجب أن لا تكون ملموسة ومرئية لدى القيادة العليا التي تضع الكادر في الموقع المسئول فحسب وإنما يجب أن تكون ملموسة بالممارسة والمعرفة لدى الأعضاء الذين سيتولى الكادر قيادتهم وهي أن لم تكن معروفة من قبل فان على الكادر أن تكون ممارساته مؤكدة للأعضاء على حسن اختيار القيادة العليا للكوادر. وفي الحركات الثورية حيث تمارس المركزية الديمقراطية التي تعطي للأعضاء حق اختيار قياداتهم والمسئولين عنهم كما تعطي القيادة العليا المنتخبة أيضاً حق الإلزام بالقرارات المركزية عندما تقتضي مصلحة الحركة الثورية ذلك والكادر لا يصبح قائدا حقيقيا لمجموعته إلا إذا استطاع أن يثبت لهم ذلك بالممارسة فهو مطالب إلى جانب كل ما ذكرناه عن تفوقه في الالتزام بقواعد المسلكية الثورية في المجالات المختلفة و أن يكون قادرا على حل مشاكلهم وإخراجهم كمجموعات أو كأفراد من مآزقهم النضالية والشخصية ومطالب بان يعمق شعورهم بالانتماء للحركة الثورية وليس لشخصه بل عليه أن يحارب كل بادرة انحراف تبدو نحو تشجيع ظاهرة التمحور حول الفرد. والكادر القائد يجب أن يكون دائما صاحب قرار حازم وحاسم في اللحظة المناسبة كما انه يجب أن يكون القدوة الحقيقية فيما يتعلق بالمسلكية الشخصية التي تجعله يتميز خلقيا عن غيره من الأعضاء العاديين وان يضرب بسلوكه الشخصي المثل الأعلى في الخلق الحميد والتهذيب والالتزام الثوري. 2.العمل الجماعي : إن اخطر الأمراض التي يمكن أن تصاب بها الحركات الثورية هو مرض الفردية عند الكوادر المسئولة وتنبع خطورة هذا المرض في أن القائد يتحول إلى متسلط، قد تقوده أهواؤه الذاتية وطموحاته إلى ضرب الحركة الثورية كلها أو الوقوع في أخطاء نتيجة التشبث بالمواقف الخاطئة والتكبر عن ممارسة النقد الذاتي ولهذا تقتضي المسلكية الثورية أن يتمتع الكادر المسئول بدرجة متفوقة من الروح الجماعية والتوجه الصادق للعمل مع الجماعة بروح من الديمقراطية المحكومة بمركزية صارمة. فالرأي مقبول لكل عضو ما دامت القضية مطروحة للحوار والنقاش أما إذا أخذ القرار جماعيا وبطريقة ديمقراطية فان دكتاتورية التنفيذ يبدأ دورها وعلى الجميع التقيد بالقرار وبالعمل لتنفيذه. إن تنفيذ القرار الذي يجمع عليه الأعضاء نتيجة حوار ديمقراطي أسهل من تنفيذ القرار المفروض عليهم والمتجاهل لرأيهم حتى وان كانوا كأفراد مقتنعين به. إن روح العمل الجماعي تتقوى بالمشاركة في صناعة القرار وفي التخطيط وفي التنفيذ وفي صناعة النصر. إن على الكادر المسئول أن لا يتجاهل دور الأفراد في بناء المستقبل ولكنه مطالب بان يجعل بين هؤلاء الأفراد لغة مشتركة تجعل تحركاتهم ومواقفهم متكاملة ويصبح الجميع مدركين بأن تحقيق الهدف مرهون بتعاونهم وبعملهم كفريق واحد وان انفراد أي منهم مهما كانت إمكانياته وقدراته لن تسمح له بتحقيق الهدف منفردا وان الصدف إذا ساعدت بعض المواقف والآراء الفردية على تحقيق نصر ما فان هذه الصدف لا يجوز فرضها على المستقبل كقاعدة للعمل الثوري. إن القوانين العامة التي تتحكم في المسيرة الثورية للحركات التي تتصدى لتغيير الواقع الفاسد تؤكد على ضرورة العمل الجماعي على كافة المستويات خصوصا في المستويات القيادية المسئولة حيث أن التفرد في المستويات القيادية يشكل شرخاً طولياً داخل البناء التنظيمي للحركة مما يهددها بالانقسامات والتشرذمات. إن تصدع البناء التنظيمي ينجم في معظم الحالات عن الاختلاف في التقلبات التي تتحكم في المواقع القيادية والتي تشكل لها امتدادات متقاطعة داخل الهرم التنظيمي. إن تعميق مفهوم القيادة الجماعية لدى كل كادر مسئول في الحركة الثورية هو الذي يعمق مفهوم العمل الجماعي لدى أعضاء الحركة الثورية وهو الضمانة الوحيدة لسلامة البناء التنظيمي ولفعالية العمل العسكري والسياسي ولتأكيد الالتفاف الجماهيري حول الحركة الثورية مما يؤكد ضمانة تحقيق النصر بأقل التكاليف. 3.التواضع ليس التزام الأعضاء في الحركات الثورية بالطاعة واحترام قياداتهم نتيجة لخوف أو طمعا في مصلحة أو مكسب ذاتي بل نابع من الشعور بالمحبة تجاه هؤلاء القادة والمسئولين وما يمثلونه من رموز للتضحية في سبيل الواجب والإخلاص في سبيل الحركة وأهدافها وأعضائها. إن الكادر المسئول الذي يحاول السيطرة على الأعضاء من خلال إرهابهم وتخويفهم وإقصائهم وتصفيتهم والتلويح بأنواع العقوبات المختلفة للذين لا يطيعونه طاعة عمياء سوف يفقد حتما موقعه وتتراجع شعبيته ومكنته عند الثوار والجماهير لان الحركات الثورية لا تضم مرتزقة وانتهازيين وإنما تقوم على أكتاف الثوار الذين لا يخشون في الحق لومه لائم والذين يدركون جيداً أن مسيرة الثورة تقتضي منهم أن يواجهوا الباطل والخطأ بروح النقد والشجاعة وان يعملوا على محاربة الانحراف أيا كان مصدره مدركين جيداً أن النضال الحقيقي هو كلمة حق عند قائد جائر. وقد يكون القائد مخلصا .. صادقا .. ولكنه ينظر إلى رفاقه في النضال ورفاقه في السلاح نظرة استعلاء وكبرياء بعيدة كل البعد عن مسلكية العلاقات الأخوية وضرورتها لرص البنيان التنظيمي. إن الكادر الذي يفقد صفة التواضع يكون فاقدا لمسلكية ثورية أساسية لا يجوز أن يفقدها القائد . إن المحبة التي تتعمق في نفوس المناضلين لقادتهم تنبع من موقفين أساسيين للكادر المسئول أولهما الموقف من العضو عندما يخطئ وقد ثبت أن الأعضاء يحترمون القادة الذين لا يرحمون المخطئ وينفذون به العقاب الذي يستحقه ويحرمونه من لمسة التواضع والحنان حتى يعود إلى رشده ويصبح عضوا صالحا . والموقف الثاني هو موقف القادة من الأعضاء في الحالات العادية أو حالات الانجازات التي تحتاج إلى ثناء القائد الذي يفقد صفة التواضع و يفقد محبة الأعضاء الجادين والأقوياء له. إن الثقة والاعتزاز بالنفس هي من القواعد الثورية الأصيلة التي لا يجوز غيابها لدى العضو فالحركة الثورية لا تستطيع أن تجابه أعدائها بمجموعة من الأفراد الخانعين المستسلمين سلفا و الذين لا يثورون لكرامتهم . إن القائد الذي يقاتل بمجموعة تعتز بنفسها وبحركتها وتحترم وتحب قائدها يحقق النصر أما القائد الذي يقاتل ويخوض المعارك بمجموعات لا يكن لها أي احترام و يحتقرها ويعاملها بعنجهية ويعمق فيها روح الخنوع هو قائد مريض و قائد فاشل لا يمكن أن يحقق انتصارا. إن معاملة القائد المتواضعة للأعضاء تعكس نفسها على طريقه معاملة الأعضاء لإخوانهم وللجماهير. إن نزعة احتقار الجماهير من بعض الأعضاء في الحركات الثورية ينجم عن شعورهم باحتقار قادتهم لهم والقائد الذي يريد أن يكسب الجماهير للثورة عليه أولا أن يكسب أعضاء الحركة الثورية عن طريق المعاملة الأخوية وعلى رأسها التواضع. 4.البشاشة والتفاؤل ليس هنالك حركة ثورية تقاتل من اجل القتال فقط وليس هنالك ثوري حقيقي يقاتل قتالاً شجاعاً ولكن يائساً على المدى الاستراتيجي. إن الثورة تنطلق من اجل الهدف والثائر مطالب باستمرار أن يكون مؤمنا بحتمية النصر والقائد عليه أن يمثل دائماً أمام الأعضاء جسر الوصول إلى الهدف بتفاؤله الدائم بحتمية النصر فالقائد هو مبعث الأمل لرفاقه وهو الذي يبعث فيهم روح العزيمة وينقلهم من واقع اليأس المتردي إلى واقع الأمل المشرق. إن معنويات الأعضاء لا تهزها كل إذاعات العدو وحربه النفسية وقصفه وما يحققه من انتصارات على الحركة قدر ما تهزه حالة يأس وتردي يظهر أثرها على وجه قائدها حالة فقدان الأمل ...حالة انهيار الجسر ولهذا فان القائد مطالب دائما وفي أصعب الظروف أن يستجمع كل قواه.. وكل أعصابه، ليسيطر على الأعضاء بروحه المتفائلة.. وعزيمته الصلبة، واشراقة ابتسامته هي التي تمتص كل سحر الحرب النفسية للعدو وان كان من المغفور له أن تهتز معنويات مقاتل أو عضو في الحركة الثورية، فانه لا يجوز أن يغفر انهيار معنويات قائد لموقع أو مسئول يقع في أيدي العدو. إن هيبة كل القيادات الثورية تتزعزع لدى أعضاء الحركة ولدى الجماهير عندما ينهار احد هؤلاء القادة أمام إرهاب العدو، فيشهر بالحركة الثورية وبخطها وبهدفها وبالأعضاء وبإخوانه القادة. إن تفاؤل القائد لا يكون فقط مطلوبا في الأيام العادية ولا يكون مطلوبا فقط وهو بين الأعضاء فالقائد مطالب بالتفاؤل وبالإيمان بحتمية النصر،سواء كان يحقق انتصاراً أو يواجه هزيمة، سواء كان بين أعضاء حركته أو في زنزانة العدو و انه مطالب دائما أن يتذكر أن حركة التاريخ هي ما تمثله حركته الثورية وان دوره كفرد ليس إلا لبنة في بناء هرمي عظيم وان عليه وهو في أصعب الظروف أن يتذكر نفسه وهو خارج هذا الظرف السيئ ويتخيل احد رفاقه في الخارج مكانه.. ماذا سيفعل انه سيستمر.. سيناضل.. سيقاتل من اجل تحقيق النصر .. هذا هو مفهوم البشاشة والتفاؤل كمسلكية ثورية للكوادر مطالبين دائما أن يلتزموا بها. إن القائد يناضل دائما وهو يتوقع أسوأ الظروف ولكنه دائم التفاؤل بالنتائج الحسنة وبحتمية النصر. 5.الإنسانية تتطلب العلاقات التنظيمية في الحركات الثورية روحا أخوية ولكنها إلى جانب ذلك تتطلب من الكوادر المسئولة والقادة روحا أبوية تغمر الأعضاء بالعطف والحنان . إن الشعور مع الأعضاء في سرائهم وضرائهم يعمق روح المحبة المتبادلة تلك الروح التي تنعكس مباشرة على طبيعة العلاقة بين الحركة الثورية والجماهير. إن المسلك الإنساني للكادر المسئول هو الذي يعطي للقيادة مفهومها المتكامل، المفهوم الذي يجمع بين اللين من غير ضعف والشدة من غير عنف وهو الذي ينمي العلاقة بين الأعضاء وقادتهم،مما يجعل حدود التفاعل متجاوزة حدود التكامل. إن التأثير المتصاعد لفعالية الأعضاء وقوة ارتباطهم بالحركة الثورية نتيجة امتلاك الكوادر والقادة روحا إنسانية في مسلكيتهم الثورية ينجم عن تعمق لمفهوم المحبة الثورية ومفهوم الأبوة والإخوة. فعندما يتصدى الكادر المسئول لحل المشاكل الشخصية للأعضاء الحركيين بنفس الروح التي يحل بها مشكلته الشخصية، فان قوة الشعور بالانتماء تتضاعف ليس فقط عند العضو صاحب المشكلة المحلولة وإنما عند سائر الأعضاء،حيث أن المنهجية الصحيحة في المعاملة تعكس نفسها على الجميع فيطبقونها كل في مجاله وضمن اختصاصه مما يجعل المسلكية الإنسانية كقاعدة للمسلكية الثورية مسلكية عامة تجعل من الحركة الثورية تلامساً مع الواقع الجماهيري معاملة بحنان لينقله إلى الواقع الثوري ومن ثم إلى واقع المسيرة الشعبية حتى النصر. إن انعدام أو تخلخل الروح الإنسانية في المعاملة داخل الحركة الثورية يضعف الروابط التنظيمية ويشل الفعالية الثورية للحركة وان من اخطر الأمراض التي يمكن أن تصاب بها الحركات الثورية هو أن يصبح مسئولوها وقادتها مجردين من النزعة الإنسانية تجاه أعضاء التنظيم فيعاملونهم دون رحمة.. ويهملونهم .. ويتغطرسون عليهم ويتركونهم يغرفون في مشاكلهم دون الأخذ بيدهم ثم يحاسبونهم بقوة لتقصيرهم في أداء مهماتهم وواجباتهم. إن الحركة الثورية التي تفقد الروح الإنسانية كمسلكية للعلاقات داخل الأطر التنظيمية تفقد الزيت الذي منه توقد شعلة الأمل في الحرية وتنطلق أنوار المستقبل الباسم. ولهذا فان على كافة الكوادر المسئولة والقيادات الحركية أن يحرصوا على التمسك بالروح الإنسانية كمسلكية ثورية لها تأثيرها الفاعل على المسيرة الثورية للحركة. في الحلقات القادمة قواعد المسلكية الثورية للكوادر الثقة بالنفس ، العزم والعدل ، التسامي ، الاستقامة ، المثابرة والإصرار ، الإبداع ، الإيثار ، الهدوء والثبات ، التضحية ، الإيمان بحتمية النصر. هارون سليمان [email protected]