زاوية حادة ومن الأمثال ما هو «بطَّال» (1) جعفر عباس كنت عضوا في مجلس تأديب لموظفة آسيوية، كشفت التحقيقات على نحو قاطع أنها قامت باختلاسات وسرقة أجهزة ومعدات على مدى سنوات من مؤسسة الاتصالات القطرية «كيوتل»، وقرر أعضاء المجلس عدم فتح بلاغ لدى الشرطة كي لا يحرموا عيالها منها، والاكتفاء بإنهاء خدماتها وتسفيرها إلى بلادها، فما كان أحد أعضاء اللجنة «المدحشين».. والمدحش في القاموس السوداني هو الشخص التنبل الذي لا يستوعب ما يدور حوله والكلمة في ما أعلم مشتقة من «جحش» الذي هو الحمار البيبي، والذي يفترض أنها أكثر بلادة من أبويه بسبب الافتقار ل»الخبرة».. المهم أن صاحبنا قال: يا جماعة المثل يقول: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، كان أول ما خطر ببالي فور سماع كلماته تلك أن أمسك برقبته وأقطعها .. ما هذا الكلام الأهبل السخيف؟ كيف يمكن ان يكون فقد العمل أشد وطأة من فقد الحياة!! وأعترف أنني أعاني من حساسية شديدة من الأمثال الشعبية لكون البعض يستخدمونها كنصوص منزلة من السماء،.. نعم الأمثال الشعبية هي مستودع الحكمة المتوارث، وبعضها يقول في كلمات قليلة ما يعجز الخطباء والوعاظ عن قوله في معلقات طويلة، ولكن الكثير منها يحظى بالتداول لأنه كلام منغوم ومسجوع، رغم ان محتواه ودلالاته في منتهى السلبية بل و»الخطأ»: تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش.. كلام أقرب إلى الشعر، ولكنه كلام فارغ، فإذا جريت مثل النمر أو زحفت مثل السلحفاة فإنك لن تحوش غير رزقك، وما هو أدهى من ذلك هو ان ذلك المثل يستخدم أحيانا لتثبيط همة الشخص المكافح المجتهد.. وتكملة هذا المثل العجيب تأتي في مثل آخر تكمن كل قيمته في السجع وإيقاع الكلمات المتناغم: أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب: هذه دعوة للسفه والتبذير والتخلي عن حسن التدبير،.. من أين لك ان تدري ان الغيب يخبئ لك مالاً يماثل المال الذي في جيبك وبددته بقلب جامد ودون حساب للمستقبل؟ وكأنما من يرددون هذا المثل يرجمون بالغيب ويعرفون ان تبديد المال يضمن لك «تعويضا مجزيا» وعند الزواج يسمع العريسان نفس المعلبات اللفظية:منك (العريس) المال ومنها العيال!! ليه لنفترض أن راتبها يعادل راتبي أو يزيد عليه، هل يعني ذلك أنها غير ملزمة بالمشاركة في ميزانية البيت لأن المثل ينص على أن العيال «منها».. طيب ما أنا طرف أساسي في مسألة العيال، وهي لن تأتي بهم من بيت أبيها كما فعلت أنا بمالي، فلماذا يتم إعفاء العروس من أي تبعات مالية؟ وأنكى من ذلك: تغلبها بالمال وتغلبك بالعيال: هل هو زواج أم دوري «أبطال»؟ ودعني أفوت وأطنش مسألة أن أكون كعريس مطالبا بالتغلب على عروسي في مجال المال، ما هو المقصود بأن تغلبني بالعيال؟ هل ستشكل فريقا و»منتخبا» من العيال لإنزال الهزيمة بي؟ ولماذا يعتبر العيال رصيدا فقط للزوجة مع أنهم إنتاج مشترك؟ وهب ان المقصود هو أن الرجل هو صاحب القوامة وعليه توفير المال ولكن ما هو المقصود بأن تغلب العروس العريس بالعيال؟ يعني تأتي هي بطفل كلما نلت علاوة او ترقية او اختلست او ورثت مالا؟ والشاهد هو ان الكثير من الأمثال أو حتى ما يسمى بالحِكم الشعبية، مجرد طرور، والطرور نبتة سميكة الجذع ولكنها فاو والشيء الفاو هو الضعيف الأجوف عديم النفع، ولا يجوز استخدام كل الأمثال لتفسير وتبرير مختلف الأفعال فقط لكونها متوارثة عن الأجداد والأسلاف، فعندنا مثل يقول: اسمع كلام الكبير ولو كان عوير.. هذه دعوة لإلغاء العقل ولدينا في بلادنا أدلة بالطن المتري أن كبارا من ذوي الشنة والرنة يثبتون بلا أدنى حياء أنهم قصّر فكريا واجتماعيا وسياسيا ولهذا لدينا مثل آخر يقول: خربانة من كبارها وبالتالي لا تسمع كلام الكبير العوير . الراي العام